تتحرك الحكومة في اتجاهات عدة وتسارع من وتيرة الإجراءات التي تنفذها لإيجاد حل لأزمة نقص السيولة الدولارية “الدولار“، والتي يأتي في مقدمتها برنامج الطروحات، إضافة إلى التوسع في عملية طرح سندات دولية في عدد من الأسواق، والمضي قدما في المحادثات مع صندوق النقد الدولي؛ لتوسيع حزمة المساعدات المقدمة من الصندوق لمصر.
الحكومة توقع صفقة مهمة
وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إن الدولة المصرية تعتمد من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة على أن تتخارج ـ كليا أو جزئيا ـ من العديد من الأنشطة والقطاعات، مضيفا أنه رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، بالإضافة للظروف السياسية على المستوى الإقليمي والدولي والتي يكون لها أثر بالغ وتداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي، ليس في مصر فقط بل في العالم بأسره، فإننا كنا حريصين على تنفيذ ما تعهدنا به بشأن موضوع الطروحات، وإشراك القطاع الخاص في العديد من القطاعات.
وخلال حديثه مع الصحفيين الأربعاء، لفت رئيس الوزراء إلى أنه منذ بدء الإعلان عن هذه الطروحات حققنا ما قيمته 5.6 مليار دولار، من خلال التخارج كليا أو جزئيا من 14 شركة، والأهم أنه في ظل الظروف التي تحدث والمستجدات والتعقيدات، كان هناك توافق في مجلس الوزراء أن يكون تنفيذ موضوع الطروحات من خلال إطار مؤسسي يحكم عملية الطروحات، وهو ما تم بالفعل عن طريق إنشاء وحدة الطروحات برئاسة مجلس الوزراء، التي تقوم بدور الإشراف على وإدارة وتنسيق كل ما يخص عمليات الطروحات، وذلك بالتنسيق مع كل جهات الدولة وعلى رأسها صندوق مصر السيادي وجميع الجهات المالكة للشركات التي يتم طرحها.
وقال الدكتور مدبولي: حرصنا على الاستفادة من الخبرات الدولية في موضوع الطروحات، ولذا فقد تم التعاقد مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي (IFC)، انطلاقًا من أنها تتمتع بخبرات عالمية واسعة في هذا المجال ولها باع طويل في تنفيذ الطروحات وتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص؛ من أجل مساعدة الحكومة المصرية في إتمام إجراءات الطرح لعدد كبير من الشركات، مؤكدًا أنه تم الانتهاء من إجراءات 14 شركة، وتم إعداد دراسات أولية، بالتعاون بين مؤسسة التمويل الدولية والحكومة المصرية، لطرح 50 شركة من الشركات التابعة للدولة.
وأشار رئيس الوزراء إلى اللقاء الذي عُقد مع نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية؛ لمناقشة الخطة التنفيذية للمرحلة القادمة، والتي من المُقرر أن تستمر حتى ديسمبر 2024، مشيرا إلى أن الدراسة، التي أعدتها مؤسسة التمويل الدولية لنا في البداية أكدت أن هناك 4 قطاعات ستكون لها الأولوية في عملية الطروحات؛ ومنها قطاعان لم يتم العمل عليهما بشكل كبير وهما: المطارات والاتصالات، مركزا في حديثه على قطاع المطارات، وفي هذا الصدد أشار إلى أن الدراسة استهدفت إشراك القطاع الخاص مع الدولة خاصة ذوي الخبرات الدولية والعالمية في إدارة وتشغيل عدد من المطارات التابعة للدولة، ومؤكدًا أن ذلك من شأنه تحقيق نقلة نوعية كبيرة في إدارة هذه المرافق المهمة وتشغيلها.
وبالنسبة لقطاع الاتصالات أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى استهداف إعادة هيكلة هذا القطاع، وتضمين بعض الأنشطة المُهمة التي يتوسع فيها العالم حاليًا، ومن ذلك بناء أبراج الاتصالات، وكابلات الألياف الضوئية (الفايبر)، ومراكز البيانات، وتعزيز قدرة الدولة المصرية على الاستفادة من تلك المجالات.
وأضاف رئيس مجلس الوزراء أن القطاعين الآخرين هما: البنوك والتأمين؛ وقال: أؤكد أننا كدولة، وعلى الرغم من كل التحديات التي نواجهها، فإن مصر عازمة بقوة وحرص وإصرار شديد على تفعيل وثيقة سياسة ملكية الدولة والانطلاق في تنفيذ برنامج الطروحات خلال الفترة القادمة، وذلك بالاستعانة بالخبرات الدولية التي ستقدم المساعدة للحكومة المصرية في هذا الشأن، بحيث يتم الطرح طبقًا لخطوات معروفة ومُعلنة، ويسير العمل من خلال التعاون مع الخبرات الدولية وكذا الخبرات المحلية في هذا الإطار، مختتما حديثه بالإشارة إلى أن الفترة المقبلة ستشهد الإعلان بصورة منتظمة عن أسماء الشركات التي ستكون الدولة بصدد طرحها وتوقيتاتها.
وأكد رئيس الوزراء، أن ملف الطروحات يعدُ في الأساس إطاراً لتحقيق الاستفادة من أصول للدولة، لم تكن تُدار بالصورة المطلوبة، ولا تحقق العوائد المرجوة، وبالتالي فإنه من خلال الشراكة مع القطاع الخاص سيتم رفع قيمة هذه الأصول والأهم تحقيق عائد منها، مع بقاء الدولة شريكاً فيها.
واختتم مدبولي، أن الدولة ستتمكن من خلال الجزء النقدي الذي ستحصل عليه، من سد الفجوة الدولارية في ظل الأزمة الراهنة، كما أن العوائد التي ستتحقق من هذه الأصول بعد رفع كفاءتها ستزيد بصورة كبيرة وتتضاعف، وسيكون لذلك عوائد إيجابية للدولة على المدى الطويل برغم نسبة مساهمتها في تلك الأصول، وهو ما ينعكس على المواطن المصري، عبر ضخ تلك الأموال في الاقتصاد، وزيادة العوائد من العملة الصعبة، وتوليد فرص العمل الجديدة، بما يحقق فائدة للمواطن من هذه المشروعات، فهذه الصفقات تعظم الاستفادة من أصول الدولة، وهذا بالتأكيد يُحسن من هيكل الاقتصاد المصري، على المديين المتوسط والبعيد وحتى 50 سنة قادمة.
طرح الحكومة سندات جديدة
قال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، إن سياسة وثيقة ملكية الدولة تتعلق بتخارج الدولة من العديد من القطاعات، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء أكد أن مصر ترغب في إصلاح اقتصادي شامل، رغم الظروف الاقتصادية على المستوى الإقليمي والدولي، وعملية الطروحات تأتي ضمن عملية الإصلاح الشامل للاقتصاد المصري.
وأضاف “الحمصاني”، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج “على مسئوليتي” المذاع من خلال قناة “صدى البلد”، أن رئيس الوزراء حقق نجاحًا بالتخارج من 14 شركة، ما أسهم في توفير سيولة دولارية بلغت قيمتها 5.6 مليار دولار.
وأكد حرص الدولة على الاستفادة من الخبرات الدولية في مجال الطروحات ومن ثم جاء التعاقد مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي.
وتابع: “مؤسسة التمويل الدولية، بمثابة مستشار استراتيجي لمصر في ملف الطروحات، والدراسة التي تقوم بها مؤسسة التمويل الدولية انتهت من إجراءات الدراسة الخاصة بـ14 شركة، وجاري العمل على دراسة طرح 50 شركة أخرى تابعة للدولة في مجالات عديدة”، موضحًا أن مؤسسة التمويل الدولية وضعت أولوية لأربع قطاعات تشمل قطاع المطارات، والاتصالات، والبنوك، والتأمين.
يأتي ذلك في وقت تدرس فيه الحكومة ممثلة في وزارة المالية طرح سندات بالعملات الخليجية، بعد نجاحها في العودة إلى السندات الدولية، وبعد خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية المصرية.
وتبحث وزارة المالية دراسه لطرح سندات بالعملات الخليجية خلال الفترة المقبلة، لكن هذا يحتاج إلى التنسيق مع المستشارين والمحامين، والأمر ليس سهلاً، حيث أكد وزير المالية الدكتور محمد معيط، أن “الحصول على تمويلات بتكلفة معقولة لم يعد سهلاً، بسبب التصنيف الائتماني لمصر والسياسة النقدية المتشددة”.
وأضاف معيط في تصريحات صحفية الأربعاء، أن الاتجاه لذلك يحتاج إلى التنسيق مع جهات المستشارين، لافتًا إلى أن الحصول على تمويلات بتكلفة معقولة لم يعد سهلاً بسبب التصنيف الائتماني.
وأوضح الوزير، أن وزارة المالية تدرس أيضا طرح سندات زرقاء في السوق الهندي من أجل تنويع الإصدارات في سوق السندات، بعد أن طرحت مصر سندات ساموراي باليابان، وباندا في الصين بهدف تنوع عملات الإصدار، وعدم الاعتماد على الدولار فقط.
وأشار معيط، إلى أن تكلفة الاقتراض من أسواق آسيا بلغت نحو 3.5% مقارنة بتكلفة أعلى لليورو بوند أو الأسواق الدولية الأخرى.
وانتهت المالية، في أكتوبر الماضي من إصدار سندات باندا في السوق الصيني، لأجل 3 سنوات بقيمة 3.5 مليار يوان بما قيمته حوالي 500 مليون دولار، فيما عادت لطرح الإصدار الثاني من سندات الساموراي داخل اليابان في نوفمبر الماضي بقيمة 75 مليار ين ياباني بما قيمته 500 مليون دولار.
يأتي ذلك في وقت توقف خلاله صندوق النقد الدولي عن صرف شرائح حزمة تمويل حصلت عليها مصر في ديسمبر 2022 بإجمالي 3 مليارات دولار، حيث تأجل صرف شريحتين من شهري مارس وسبتمبر الماضيين بقيمة 700 مليون دولار، فيما تترقب الحكومة التوصل لحل مع القائمين على صندوق النقد وسط تكهنات بزيادة حزمة التمويل لـ6 مليارات.