قال الكاتب الصحفي عبد الرازق توفيق رئيس تحرير جريدة الجمهورية إن قضية حرية الرأي والتعبير تعد أحد أهم حقوق الإنسان، وهى حق إنساني ودستوري راسخ، وأحد ركائز الديمقراطية، وتعزز من التنمية المستدامة، وتقوى جدار التماسك المجتمعي، والاصطفاف الوطني.
وأضاف عبد الرازق: مع الإيمان الكامل بأهمية حرية الرأى والتعبير خاصة فى مجال الإعلام، وحق إنسانى لجميع أفراد المجتمع إلا أنه لا توجد حرية بدون مسئولية، لذلك من المهم وضع أطر أخلاقية واجتماعية وقانونية ووطنية، لحرية الرأى والتعبير حفاظاً على سلامة المجتمع والوطن.
وتابع: دعونا في البداية نؤكد أن الحوار الوطني في حد ذاته يجسد أعلى معايير حرية الرأي والتعبير لكافة الأطياف والقوى السياسية الوطنية للحديث في مختلف القضايا والشواغل الوطنية دون وجود خطوط حمراء، بهدف التوافق على خارطة مستقبل لهذا الوطن، يشارك فيها جميع المصريين، حتى وإن اختلفت الآراء والتوجهات السياسية والفكرية، إيماناً وانطلاقاً من أن الوطن يتسع للجميع، وأن الهدف الأساسى هو الوصول لكلمة سواء بين المصريين.
وأردف: من الثابت أنه لا توجد حرية مطلقة، تستبيح الثوابت والقيم، وتتجاوز الخطوط الحمراء للأمن القومي، أو تمس الحياة الخاصة للمواطنين لذلك عند وضع أطر قانونية وأخلاقية وقيمية ووطنية، وضوابط لحرية الرأى والتعبير يجب أن نؤكد فى الاعتبار هذه النقاط:
أولاً: أهمية الحفاظ على الثوابت الوطنية والأخلاقية والقيم المجتمعية، وكذلك الهوية الوطنية والشخصية المصرية، وما يحتفظ به المجتمع المصرى من قيم وأصول وعادات وتقاليد.
ثانياً: يواجه المجتمع تحديات خطيرة تتمثل فى غزو ثقافي، ومحاولات تصدير ثقافات وسلوكيات غريبة وشاذة ولا تعرفها مجتمعاتنا لذلك لابد أن تتوقف حرية الرأى والتعبير عند حدود ثوابت وقيم وأخلاقيات المجتمع، وتعاليم الأديان السماوية الراسخة، وأن عدم الأخذ بهذه الاعتبارات يحول المجتمعات المحافظة إلى ما يشبه المسخ ويهدد الهوية الوطنية ومنظومة القيم.
ثالثاً: لا يوجد نموذج ثابت لحرية الرأى والتعبير يمكن تطبيقه فى كافة المجتمعات أو الدول، فما يصلح فى المجتمعات الغربية، لا يصلح تطبيقه فى المجتمعات الشرقية، وما يصلح فى الولايات المتحدة والدول الأوروبية بطبيعة الحال لا يصلح فى مصر، فهناك خصوصية لكل مجتمع ومكوناته وقيمه ومنظومة الأخلاق والتحديات والثوابت.
رابعاً: عند وضع أطر قانونية وأخلاقية، لقضية حرية الرأى والتعبير لابد من مراعاة أبعاد الأمن القومى المصرى فى ظل ما يموج به العالم من متغيرات وتهديدات، وما تشهده المنطقة من اضطرابات ومتغيرات سريعة الإيقاع، وما يستهدف مصر من حملات للأكاذيب والشائعات والتشكيك ومحاولات تزييف الوعي، وهو ما يفرض مبدأ إتاحة المعلومات والبيانات لوأد هذه الشائعات والأكاذيب فى مهدها.. وبالتالى يجب ألا تمس حرية الرأى والتعبير هذه المحددات الخاصة بالأمن القومى للمفهوم الشامل.
خامساً: حرية الرأى والتعبير، لا تعنى انتهاك خصوصية الحياة الخاصة للمواطنين، وهو ما يستلزم حماية الحياة الخاصة للأفراد والأسر حماية لتماسك المجتمع واستقراره.
سادساً: يجب مراعاة الحفاظ على اللحمة الوطنية والتصدى لكل أنواع الفتن والوقيعة بين فئات وأطياف الشعب، ومكونات المجتمع المصري، من خلال صور وأشكال شتى أبرزها عدم المساس بالأديان والرموز الدينية وأيضاً عدم استباحة الأعراض والحياة الخاصة للمواطنين، فهذه ليست حرية رأى وتعبير بل تدمير لتماسك المجتمع، واستباحة خصوصيته.
سابعاً: يجب مراعاة عدم زعزعة أمن واستقرار المجتمع، والذى يهدد سلامة الدولة.
ثامناً: لابد أن يكون الإعلام فى أداء رسالته حريصاً على مراعاة هذه الأبعاد الوطنية والأخلاقية، والحفاظ على ثوابت المجتمع، وتحديات الأمن القومي، وصون الحياة الخاصة للمواطنين.
تاسعاً: يجب ممارسة حرية الرأى والتعبير على أسس من العلم والمعرفة والدراية والإلمام بالقضايا التى تهم المواطنين، لذلك يجب أن يتحدث فى قضايا الشأن العام أصحاب العلم والخبرات والتخصص.
عاشراً: لابد من الحفاظ على الذوق العام، والارتقاء به والابتعاد تماماً عن التدنى والابتذال.
حادى عشر: تدريب طلبة كليات الإعلام، على هذه الاعتبارات وركائز قضية حرية الرأى والتعبير، وتعظيم المسئولية الذاتية لديهم عن ثوابت المجتمع وقيمه وأخلاقياته واحترام خصوصية وحرية الآخرين، وكذلك عدم المساس بثوابت الأمن القومى.
وتابع: كما يمكن تدريس ميثاق الشرف المهنى فى جميع سنوات الدراسة بهذه الكليات مع الممارسة العملية لتطبيق مبادئ وبنود ميثاق الشرف المهني، وتعظيم الاهتمام بالضمير الوطنى والإنسانى والأخلاقى وكل ما يتعلق بالهوية الوطنية، لدى طلاب الإعلام، فى ظل حروب جديدة للغزو الثقافى وتزييف الوعي، ومحاولات نشر سلوكيات وممارسات غريبة وشاذة لمجتمعاتنا.
وشدد على أن حرية الرأى والتعبير، قضية مطروحة فى كل عصر، لذلك لابد أن تكون لها أطر قانونية وأخلاقية وقيمية ووطنية ومجتمعية، تتناسب مع طبيعة وخصوصية كل مجتمع، وتراعى أبعاد أمنه القومىي وحماية خصوصيته وسرية الحياة الخاصة للأفراد والأسر حماية للمجتمعات والأوطان فى ظل متغيرات متلاحقة على كافة الأصعدة، ولا بد من مراجعة هذه الأطر كل خمس سنوات، أو 10 سنوات، لمواكبة المتغيرات العصرية والسياسية والأمنية والاجتماعية، فلا توجد هناك حرية يمكن أن تستبيح قيم وثوابت وأخلاق وهوية المجتمعات، أو تهدد سلامة الدولة، وأمنها القومي، فهذه ليست حرية رأى وتعبير، ولكن توصف بأنها تدمير للمجتمعات والأوطان، لذلك لابد من وضع أطر شاملة ومتعددة للتعامل مع قضية حرية الرأى والتعبير بكل احتياجات المواطن، وتحفظ للمجتمعات أمنها واستقرارها.