شارك عماد رؤوف، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، في جلسة لجنة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، بالمحور الاقتصادي، في الحوار الوطني، التي تتاقش “تحليل مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي بين الواقع والفرص والتحديات”.
وأكد أن وكالة ستاندرد آند بورز خفضت نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية وأبقت التصنيف الائتماني للأصول السيادية عند درجة B/B، كذلك غيرت وكالة موديز نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية – للمرة الأولى منذ 2013، مضيفاً أن ذلك يوضح أن التوقعات السلبية تعكس مخاطر بأن إجراءات السياسة التي تنفذها الحكومة قد لا تكون كافية لاستقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملة الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية السيادية المرتفعة.
وأضاف أن هذه المؤشرات تعبر عن النظرة الخارجية للاقتصاد المصري وكيف يراها العالم، وهي بالطبع أول ما يجذب اهتمام المستثمر الأجنبي، حيث توفر للمستثمرين معلومات قيمة عن نقاط القوة والضعف في الاقتصادات المختلفة، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة حول مكان استثمار رؤوس مالهم، مشيراً إلى أن مصر كانت اقتصادا مفتوحاً نسبياً للاستثمار الأجنبي في السنوات الأخيرة، وفي عام 2022 ، تلقت البلاد حوالي 8.9 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، ما وضعها في المركز الثاني كأكبر متلقى للاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا، ولكنها لم تصل لمستويات عام 2007 والتي بلغت 11.58 مليار دولار.
وأوضح أنه رغم التحسن النسبي في الاستثمار الأجنبي المباشر إلا أن أغلب هذا الاستثمار موجه للقطاعات النفطية وهو انعكاس لانكماش القطاع الخاص غير النفطي للشهر الـ 29 على التوالي، مضيفًا أن هذا الانكماش ناجمًا عن تدني تنافسية الاقتصاد المصري.
وقال إنه في عام 2022 احتلت مصر المرتبة 93 من أصل 140 دولة في تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، مشيرًا إلى أن ترتيب مصر على مجموعة من مؤشرات الحريات الاقتصادية متدني مثل مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر من مؤسسة هيريتدج والذي احتلت مصر فيه المرتبة 151 على مستوى العالم، كما احتلت مصر الـ 145 في مؤشر الحرية والازدهار الصادر عن المجلس الأطلنطي.
وتابع أن مصر احتلت المرتبة 70 في مؤشر حقوق الملكية العالمي والـ 84 في مؤشر العوائق التجارية العالمية، ومؤشرات البيئة التشريعية والتنظيمية وهي مؤشرات لها اثر مباشر على مخاطر السمعة ودرجة اليقين والثقة لدى المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي، وبمعنى آخر إلى أي مدى يؤدي عدم اليقين إلى خسائر المستثمرين والموردين، والتي تشمل في مضمونها مجموعة مؤشرات فرعية من أهمها مؤشر الحوكمة العالمي (فعالية الحكومة- المشاركة والمساءلة – الاستقرار السياسي – الجودة التنظيمية وسيادة القانون – مكافحة الفساد )، وارتفع مؤشر مصر فيه 5 مؤشرات فرعية منهم وانخفض في مؤشر فاعلية الحكومة مما يدل على وجود مشكلة لدينا في العديد من التشابكات بين الجهات و عدم وجود إطار مؤسسى واحد حاكم للاستثمار، ويؤثر هذا المؤشر مباشرة على درجة اليقين لدى المستثمر، ويؤثر أيضا بشكل مباشرة على مؤشر مصر في حماية حقوق الملكية والتجارة الدولية.
وأضاف أن مصر جاءت في المركز الـ 12 عربيًا في مؤشر بيئة أداء الأعمال، إلا أن تحسن قيمة متوسط المؤشر من 114 إلى 99 عام 2022، ومن ضمن مؤشراتها الفرعية التي تقع في المنطقة الحمراء (التجارة عبر الحدود – تسجيل الملكية الفكرية – حماية مستثمري الاقلية – دفع الضرائب – تنفيذ العقود)، فيما جاءت مصر في المركز الثاني عربيًا في مؤشر اتفاقيات الاستثمار الثنائية (وفقا لقاعدة بيانات اتفاقيات الاستثمار الصادر عن الأونكتاد) بعدد 100 اتفاقية ثنائية وتسبقها الامارات.
وقال عضو التنسيقية، إن مصر تراجعت ٥ نقاط في مؤشر القيود التنظيمية على الاستثمار الأجنبي في حين تصدرت المغرب المرتبة الأولى عربيًا والـ42 عالميًا في المؤشر العام لقيود الاستثمار، فيما تصدرت مصر المركز الأول عربيًا و59 عالميًا في مؤشر الاتفاقيات ذات الصلة بالاستثمار تليها البحرين والسعودية والإمارات.
وأوضح أن تراجع مؤشر القيود التنظيمية يحد كثيرا من الأثر الإيجابي لتصدر مصر لمؤشرات اتفاقيات الاستثمار والاتفاقيات ذات الصلة بالاستثمار، لفتا إلى أن هناك عدد من العوامل التي ساهمت في زيادة جاذبية مصر للمستثمرين الأجانب منها حجم السوق حيث عدد سكان يزيد عن 100 مليون شخص، وقوة عاملة شابة ومتعلمة حيث يصل نسبة الشباب حوالي 60% من السكان والموقع الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبيئة السياسية المستقرة وعدد من اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الأخرى.
وأضاف أنه رغم هذه العوامل الإيجابية، إلا أن هناك أيضًا عددًا من التحديات التي يواجهها المستثمر المحلي والأجنبي في مصر، ومنها وجود مستوى عال من البيروقراطية و معدلات الفساد ونقص الشفافية وضعف النظام القانوني وضعف البنية التحتية في بعض المناطق ومزاحمة الدولة للقطاع الخاص وعدم استقرار سعر الصرف وارتفاع سعر الفائدة،
وقال: “لهذا تحتاج الحكومة إلى معالجة التحديات التي يواجهها المستثمرون الأجانب من أجل جذب المزيد من الاستثمار المباشر وتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين ترتيب مصر في المؤشرات المختلفة.
وأوصى عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بضرورة الإسراع في تنفيذ خطط التحول الرقمي للحد من البيروقراطية وتبسيط إجراءات الموافقة على الاستثمار، الإسراع في إصدار قانون تداول المعلومات، لزيادة الشفافية وتسهيل حصول المستثمرين على المعلومات حول الاقتصاد المصري، وأيضاً لمحاربة الفساد وضمان تكافؤ الفرص لجميع المستثمرين، كذلك الإسراع في تنفيذ وثيقة ملكية الدولة، وإصدار خطة تنفيذية مصحوبة بمؤشرات أداء رئيسية لتخارج الدولة من القطاعات المنصوص عليها في وثيقة سياسات ملكية الدولة وجدول واضح لبرنامج سواء طرح مباشر، مستثمر استراتيجي أو أنظمة الشراكة المتنوعة بين القطاع العام والخاص، وتعزيز الشراكات بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص PPP، وإنشاء مناطق حرة تكنولوجية تجذب المستثمر الأجنبي والمحلي.
وأضاف أنه يجب العمل على تعزيز النظام القانوني وضمان حماية حقوق المستثمرين وتقصير مدة التقاضي، وتوسيع اختصاصات المحاكم الاقتصادية بما يعزز آليات تسويات النزاعات التجارية وتسريع إنفاذ العقود، وكذلك زيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية ومد الكابلات الضوئية داخل البلاد، وتنفيذ تكنولوجيا الجيل الخامس 5G للاتصالات، وتعزيز الحوافز للمستثمرين في هذا القطاع وتفعيل آليات التوقيع الالكتروني بشكل أكثر فعالية.
وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المالية، للحصول على سعر صرف مرن، والسيطرة على التضخم، وخفض نسب الفائدة لتشجيع الاستثمار وتسهيل إجراءات الحصول على التمويل، وإزالة معوقات التسجيل في البورصة، وإعادة النظر في هيكل الضرائب، وخلق بيئة تشريعية ضريبية مستقرة للقضاء على عدم استقرار التشريعات الضريبية وتعدد الجهات المنوطة بها وفرض رسوم إضافية من الجهات المختلفة.
واختتم كلمته بالإشارة إلى ضرورة الترويج لمصر كواجهة استثمارية عبر القنوات المختلفة، خاصة في المؤتمرات والمعارض الاستثمارية الدولية، والشركات متعددة الجنسيات، وتعزيز التكامل الإقليمي وهو ما يتطلب تحرير التجارة ورفع عوائق التجارة الجمركية والغير جمركية.