في قلب الصحراء الشاسعة تنشط تجربة فريدة من نوعها تعرف بـ “الخلاوي”، وهي مشروع تعليمي وتنويري .
يعتبر الخلاوى جنوب محافظة البحر الأحمر هو مدرسة حياة شاملة تهدف إلى بناء الإنسان منذ نشأته وتعزز قيم القرآن والصلاة في حياته، بالإضافة إلى تعزيز العمل الجماعي من خلال أنشطة تشمل حفر الآبار، وزراعة الخضروات والذرة، وغيرها من الأعمال التي تضمن بقاء الإنسان في هذه المنطقة الصحراوية القاحلة.
تتجاوز الخلاوي في أدبياتها المدارس النظامية، حيث لا ينصب نظام الطلاب المتوجهين إلى المدارس الصباحية فقط، بل تعتبر الخلاوي مشروعًا تنويريًا يخرج الإنسان من حالة الجهل إلى علم الفسيحة، تحظى الخلاوي بشعبية كبيرة حيث يتوافد النشء عليها خلال فترة العطل الصيفية ليتعلموا في بداياتهم النظام والانضباط السلوكي وتأدية الصلاة وحفظ القرآن.
من خلال تأطير “الخليفة”، الذي يعتبر مربياً أول للأطفال في الخلاوي، يبدأ الطلاب في دراسة العلوم الشرعية وقراءة كتب الحديث والفقه الإسلامي، ويشاركون في الأنشطة التي تهدف لبناء شخصية متسامحة ومؤثرة في محيطهم، تؤسس الخلاوي لبناء شخصية مسلمة تنشر الخير والمحبة بين الناس، وتعمل على تجاوز التطرف والتعصب الأعمى، وتحث على الاحترام والتسامح بين أفراد المجتمع.
تعد الخلاوي أحد أفرع هذه التجربة الناجحة، حيث يتعلم الأطفال فيها القرآن الكريم والقراءة والكتابة، ويتولى رجال دين من حلايب وشلاتين مهمة تأطيرهم، تُكتب الآيات القرآنية المراد حفظها على “لوح”، بتصميم يعكس أصالة التراث وتاريخ الخلاوي في المنطقة.
تنطوي تجربة الشريف أدروب على إرثٍ ثقافيٍ غني، حيث يحاول التلاميذ نقلها ونشرها في مناطق أخرى ينحدرون منها، مما يسهم في تعزيز تفاعل الأفراد مع هذه الفكرة النوعية التي تحتفظ بجاذبيتها وتأثيرها على مر الزمان.
في الختام، تظل الخلاوي والشريف أدروب نموذجًا حيًا لمدارس حياة في قلب الصحراء، حيث ترسم مسارًا مختلفًا للتعليم والتربية وتبني قيمًا إنسانية هامة لتشكل شخصية الإنسان بأفضل صورة. تبقى الصحراء قبلة لكل طالب علم يسعى لتحقيق التغيير والنمو الإيجابي، وتؤكد تجربة الخلاوي أن الإنسان بعزمه قادر على التحول والنهوض نحو مستقبل مشرق.