تتصاعد الدعوات للتخلي عن الدولار كعملة للتبادل التجاري بين الدول، وآخرها دعوة الرئيس الكيني وليام روتو الدول الإفريقية إلى وقف التداول بـ الدولار الأمريكي في المعاملات عبر الحدود فيما بينها، وقوبل خطابه أمام المشرعين بالتصفيق في وقت تتطلع فيه 30 دولة للانضمام إلى تحالف البريكس.
إنضمام دول الخليج لمجموعة البريكس
وأرسلت المملكة العربية السعودية طلباً رسمياً للانضمام إلى تحالف البريكس، وأكد سفير جنوب إفريقيا أنيل سوكلال أن خمس دول في الشرق الأوسط أبدت اهتمامها بالانضمام إلى الكتلة.
والدول الخمس هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر والجزائر، تصدر الدول ملايين من براميل النفط إلى الغرب كل عام لتسوية المعاملات بالدولار الأمريكي.
هذه الدول إذا طلبت تسوية مدفوعات النفط والغاز بعملة البريكس المقترحة، فقد يتضرر الدولار الأمريكي، ويمكن لهذه الخطوة أن ترسل الاقتصادات الغربية المتقدمة إلى حالة من الارتباك وتعيد ترتيب النظام الجيوسياسي العالمي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور رائد سلامة، الباحث الاقتصادي، إن من المهم على مستوى المعاملات الدولية أن تكون هناك مؤسسات متنافية وعملات مختلفة يتم التبادل بناءا عليها وفقا لحجم التجارة البينية بين الدول وخطوة “البريكس” هي خطوة ايجابية جدا نشجعها ونتمنى لها النجاح.
وأوضح سلامة ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن الاوضاع الجيوسياسية في العالم الآن تشير الي أن الأجواء قد صارت مناسبة للمضي قدما في تطوير هذا الموضوع أخذا بالاعتبار ان انضمام دول جديدة مؤثرة كبعض دول الخليج سيكون مهما جدا باعتبارات انتاجها وتصديرها للنفط، معقبا: الأكثر أهمية الآن هو ضرورة تقييم الموضوع من خلال النظر الي تأثير الدول المنتجة للغاز الطبيعي كمصدر من مصادر الطاقة النظيفة لأن تحول العالم من النفط الي الغاز هو أمر سيحدث وفقا بجميع الاحوال حسب تعهدات الدول في مؤتمر شرم الشيخ “كوب ٢٦”.
الأجواء قد صارت مناسبة للمضي قدما
وتابع: وبالتالي فمن المتوقع ان تشغل صادرات الغاز الطبيعي جزءا ضخما من حسابات تلك الدول مما سيغير من ميزان التبادلات التجارية وسيؤسر بشكل أساسي على جهود البريكس ومؤسساتها المالية، بالإضافة الى ذلك، فمن المهم الإشارة الي ان علاقات التكتلات الدولية لها أثر بالغ أيضا في هذا الأمر فالتحالفات الاوروبية مع امريكا هي تحالفات استراتيجية وما الصفقة الفرنسية مع الصين سوى صفقة تكتيكية لا ترقى من وجهة نظري لأن تكون مؤشرا لتغيير جوهري كبير.
ولفت: وبالتالي فلن تكون مسألة التحول لعملة جديدة وهو التحول الذي تتزعمه وتدعمه الصين مسألة بسيطة في الاجل القصير طالما ظلت التحالفات قائمة بين امريكا من ناحية واوروبا واسرائيل من ناحية اخرى.
وواصل: من المهم كذلك ان نأخذ بالاعتبار دعم العملة المحلية أيا كانت عملة التداولات الدولية بزيادة التصدير وخفض الاستيراد تدريجيا في مجالات الصناعة والزراعة حيث ستحل العملة المنافسة للدولار محله بينما العملة المحلية لا تغيير فيها.
واختتم قائلا: زيادة التصدير وخفض الاستيراد يخلق طلبا على العملة المحلية وبالتالي يستعيد لها قوتها وهذا هو الاعتبار الأول حاليا بعدما مر به العالم أجمع من أحداث سواء كورونا أم الحرب الاوكرانية.
وألمحت جنوب إفريقيا إلى أن تحالف البريكس يمكن أن يتوسع هذا العام ليصبح بريكس + وقد تضيف هذه الخطوة الضغط على الدولار الأمريكي، حيث قد يؤدي إلى إنهاء الدول النامية اعتمادها على الدولار، ويمكن أن يميل النظام المالي العالمي من الغرب إلى الشرق، مما يخلق اقتصاداً عالمياً جديداً متعدد الأقطاب.
تلقى تحالف البريكس رسمياً طلبات من 25 دولة للانضمام إلى الكتلة الدول الخمس والعشرون التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام هي أفغانستان والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا ومصر وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والمكسيك ونيكاراغوا ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية السعودية والسنغال والسودان وسوريا والولايات المتحدة، والإمارات وتايلند وتونس وتركيا وأوروغواي وفنزويلا وزيمبابوي.
تعني جهود البريكس لإيجاد بديل للدولار مع احتمال توسع التجمع أن هذا قد يؤدي لمشاركة 30 دولة في عملية إخراج الدولار الأمريكي من وضع العملة الاحتياطية العالمية.
ورغم أن الحديث عن إيجاد بدائل للدولار قديم، ولكن عملة البريكس المقترحة ستكون مختلفة، ستكون بمثابة عملة صادرة عن اتحاد جديد من الساخطين الصاعدين الذي يفوق مجموع نواتجهم المحلية ليس فقط، الولايات المتحدة، ولكن مجموعة الدولة السبع الصناعية G-7 بأكملها.
الدول وتبادل التجارة بالعملات المحلية
والجدير بالذكر، ليس فقط إفريقيا هي التي تتحدث عن إيجاد بدائل للدولار، انضم قادة عالميون آخرون من البلدان النامية أيضاً إلى الدعوة إلى “إزالة الدولرة” من التجارة العالمية مما يعني أن التجارة يجب أن تتم بين دولتين بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي.
في أبريل من هذا العام، ورد أن الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أثناء زيارة دولة إلى الصين، وجه نداءً حاراً للدول لتبادل التجارة بالعملات المحلية قائلاً: “لماذا لا يمكننا القيام بالتجارة على أساس عملاتنا الخاصة، وجاء ذلك بعد أن ورد أن البرازيل والصين اتفقتا على التخلي عن الدولار للتجارة الثنائية.
كما أفادت تقارير بأن الأرجنتين ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، قررت أيضاً دفع ثمن الواردات الصينية باستخدام الرنمينبي (اليوان)، العملة الرسمية للصين.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الهندية في مارس الماضي أن بنك الاحتياطي الهندي (RBI)، قد سمح بفواتير ومدفوعات التجارة الدولية بالروبية الهندية عبر 18 دولة، بما في ذلك بوتسوانا وفيجي وإسرائيل وميانمار، وماليزيا وروسيا وسنغافورة.
وتحاول مصر إيجاد بديل للدولار وتقوم مصر بتسوية التجارة مع الصين وروسيا والهند، باستخدام العملات المحلية للدول المنخرطة في هذه التجارة.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت فرنسا أول دولة أوروبية تتخلى عن الدولار الأمريكي في تجارة الغاز الطبيعي المسال مع الصين.
وقامت فرنسا بتسوية الدفع عن طريق الدفع باليوان الصيني وليس الدولار كانت هذه الخطوة بمثابة تحول في المعاملات العالمية.
قبل أيام، قامت باكستان أيضاً بتسوية التجارة لواردات النفط الروسية عن طريق الدفع باليوان الصيني.
وتحاول الصين وروسيا إقناع العديد من الدول بتسوية التجارة مع اليوان الصيني وليس الدولار الأمريكي، وتواصلت روسيا مؤخراً مع المملكة العربية السعودية وحثت الدولة الغنية بالنفط على قبول عملة البريكس بعد إطلاقها.