في خطوة مهمة نحو الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني، أعلن وزير الثقافة الفلسطيني، عماد حمدان، في 3 ديسمبر 2024، عن إدراج الصابون النابلسي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية التابعة لمنظمة اليونسكو.
وتمثل هذه الخطوة إنجازًا كبيرًا لفلسطين، حيث يضاف الصابون النابلسي إلى قائمةٍ من التراث الثقافي الذي يمتد لآلاف السنين، ويتحدى محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لطمس الهوية الفلسطينية.
تاريخ الصابون النابلسي هو جزء لا يتجزأ من التراث الفلسطيني الذي يروي قصة الصمود والتحدي أمام الاحتلال، ويعكس التزام الفلسطينيين بالحفاظ على ثقافتهم وعاداتهم.
الصابون النابلسي.. تراث فلسطيني عريق
يعتبر الصابون النابلسي رمزًا من رموز التراث الفلسطيني، ويمثل أحد أقدم الحرف التقليدية التي اشتهرت بها مدينة نابلس شمالي فلسطين.
يعود تاريخ صناعة الصابون النابلسي إلى العصور القديمة، حيث كان يُصنع باستخدام زيت الزيتون البكر الذي يُعدّ من أهم المنتجات الزراعية في المنطقة.
يتميز الصابون النابلسي بلونه الأبيض النقي ورائحته المميزة التي تميزه عن أنواع أخرى من الصابون مثل الصابون الحلبي والطرابلسي.
وقد كانت مدينة نابلس، في منتصف القرن الماضي، تضم أكثر من 52 صبّانة، وهي المصانع التقليدية التي كانت تُنتج الصابون النابلسي.
لكن مع مرور الوقت وتحت تأثير الاحتلال الإسرائيلي، تقلص عدد الصبانين في نابلس ليقتصر الآن على أربع صبّانات فقط، حيث تحولت العديد من الصبّانات القديمة إلى مخازن للبضائع أو متاحف ومراكز ثقافية.
وجاء القرار التاريخي إدراج الصابون النابلسي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في إطار الدورة التاسعة عشرة للجنة الحكومية لحماية التراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة اليونسكو.
وهذه الخطوة تؤكد على دعم المجتمع الدولي لفلسطين في الحفاظ على تراثها الثقافي، وتُسهم في زيادة الوعي العالمي حول الحرف الفلسطينية التي تعرضت لمحاولات إلغاء أو تهميش من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وفي بيان له، أعرب وزير الثقافة الفلسطيني عماد حمدان عن أهمية هذا الاعتراف قائلاً: “هذا الاعتراف يشكل دعماً قوياً لحماية تراثنا ويزيد من الوعي العالمي، ويظل رمزًا لتحدينا وارتباطنا العميق بأرضنا وتاريخنا”.
وأشار إلى أن فلسطين تواجه تحديات كبيرة بسبب المنافسة الصناعية العالمية، والقيود التجارية التي تفرضها إسرائيل، والتي أثرت بشكل سلبي على صناعة الصابون النابلسي، لكنها ما زالت ملتزمة بالحفاظ عليها والترويج لها على الصعيدين المحلي والدولي.
محاولات الاحتلال لطمس التاريخ الفلسطيني
على الرغم من محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لطمس تاريخ فلسطين الثقافي والتراثي، إلا أن الصابون النابلسي يشكل رمزًا فلسطينيًا مقاومًا.
الاحتلال يحاول بشكل مستمر استهداف الهوية الفلسطينية من خلال الاستيطان، التهجير القسري، وتغيير معالم الأرض، بالإضافة إلى فرض قيود على حرية حركة الفلسطينيين والاقتصاد الفلسطيني.
لكن، على الرغم من هذه المحاولات، لا يزال الشعب الفلسطيني يعبر عن إصراره على التمسك بتاريخه وتراثه الثقافي، بما في ذلك الحرف التقليدية مثل صناعة الصابون النابلسي التي تعتبر جزءاً من الهوية الفلسطينية العريقة.
إن إدراج الصابون النابلسي في قائمة التراث الثقافي العالمي من قبل اليونسكو يُعد خطوة نحو حماية التراث الفلسطيني على المستوى العالمي، ويشكل دعماً قوياً لاستمرار الوجود الفلسطيني الثقافي في مواجهة محاولات الاحتلال لتذويب الهوية الفلسطينية.
ورغم الاعتراف الدولي الذي تحقق للصابون النابلسي، فإن الصناعة الفلسطينية تواجه العديد من التحديات الاقتصادية التي تهدد استمراريتها. حيث تعد المنافسة العالمية في صناعة الصابون، بالإضافة إلى القيود التجارية التي تفرضها إسرائيل على المنتجات الفلسطينية، من أبرز العوائق التي تعيق تطور صناعة الصابون النابلسي.
ومع ذلك، يظل الفلسطينيون متمسكين بهذه الحرفة، التي تمثل أكثر من مجرد صناعة، بل هي رمز ثقافي يعبر عن الصمود الفلسطيني.
ويمثل إدراج الصابون النابلسي على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية بمثابة رسالة قوية للعالم بأن التراث الفلسطيني حيٌّ ومزدهر، رغم محاولات الاحتلال الفاشلة لطمس هذا التراث.
ومن خلال هذا الإنجاز، يسعى الفلسطينيون إلى الحفاظ على هويتهم الثقافية والتاريخية، وتأكيد أن تاريخ فلسطين أكبر من الاحتلال.
وفيما تواصل هذه الصناعة التقليدية مقاومتها للتحديات، فإنها تبقى شاهدًا على الارتباط العميق بين الشعب الفلسطيني وأرضه.