اختتمت قبل قليل أعمال القمة العربية العادية في دورتها الـ32، والتي استضافتها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، بحضور مجموعة كبيرة من القادة العرب يتقدمهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس السوري بشار الأسد، الذي شغل مقعد بلاده بعد 12 عاما من الغياب.
وجاءت قمة جدة هذا العام في إطار سعي قادة دول المنطقة إلى تصفير المشاكل وحل الأزمات الداخلية ابتداءً من القضية الفلسطينية مروراً بالملف السوري والأزمة السودانية وباقي الملفات التي تشمل اليمن وليبيا ولبنان والفراغ السياسي بها.
بيان القمة العربية
وأظهرت مسودة بيان القمة العربية الـ32 التي اختتمت أعمالها في مدينة جدة السعودية، اليوم الجمعة، الرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة، مؤكدة أهمية الحلول السياسية في كل من فلسطين والسودان واليمن وضرورة مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها.
وذكرت مسودة بيان قمة جدة، الذي بات يعرف باسم “إعلان جدة” في السعودية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية:
- إدانة الممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين في أرواحهم وممتلكاتهم.
- المسودة تؤكد أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية
- المسودة تطالب بإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام في فلسطين على أساس حل الدولتين.
- أما بخصوص القتال الذي اندلع في السودان منذ منتصف أبريل الماضي، فقالت مسودة البيان:
- نؤكد ضرورة التهدئة في السودان وتغليب الحوار والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية.
- نؤكد على الحيلولة دون أي تدخل خرجي يؤجج الصراع في السودان ويهدد الأمن والسلم الإقليمي.
- اجتماعات جدة بين الفرقاء السودانيين خطوة مهمة يمكن البناء عليها.
5. وبالنسبة إلى عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية، ذكرت المسودة:
- نرحب بالقرار الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، الذي تضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة والمنظمات التابعة لها.
- نأمل أن يسهم ذلك في دعم استقرار سوريا والمحافظة على وحدة أراضيها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي.
- التشديد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية لمساعدة سوريا على تجاوز أزمتها.
6. وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، ذكرت مسودة البيان:
- دعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
وتحولت مصر مع مرور المنطقة العربية بالعديد من الأزمات في هذه المرحلة الراهنة، وتفاقم هذه الأزمات، إلى محطة فارقة للعالم، حيث يعقد الكثير من زعماء العالم وكبار المسؤولين في الآونة الأخيرة، على مصر الكثير من الطموحات والآمال حيث أصبح يعول عليها في حل أزمات المنطقة وتحقيق المصالح المشتركة، واحتواء الأزمات الراهنة، والتي باتت تتجاوز منطقة الشرق الأوسط.
واستعرض الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد توجيه التحية والشكر للقادة والحاضرين خلال القمة العربية الـ 32، المخاطر والتحديات التي تمر بها المنطقة، قائلاً: “لقد مرت منطقتنا، خلال السنوات الأخيرة، بظروف استثنائية قاسية هددت على نحو غير مسبوق، أمن وسلامة شعوبنا العربية وأثارت في نفوس ملايين العرب، القلق الشديد، على الحاضر، ومن المستقبل”.
وأضاف الرئيس السيسي أنه تأكد لكل ذي بصيرة، أن الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، فرض عين وضـرورة حياة، لمسـتقبل الشـعوب ومقدراتـها فلا يستقيم أبدًا، “أن تظل آمال شعوبنا، رهينة للفوضى، والتدخلات الخارجية، التي تفاقم من الاضطرابات، وتصيب جهود تسوية الأزمات بالجمود”.
كلمة مصر بالقمة
وتابع أن الاعتماد على الجهود العربية المشتركة، والقدرات الذاتية، والتكامل فيما بينها، لصياغة حلول حاسمة لقضايا المنطقة، أصبـح واجباً ومسـئولية، مضيفاً “أن تطبيق مفهوم العمل المشترك، يتعين أن يمتد أيضًا، للتعامل مع الأزمات العالمية وتنسيق عملنا، لإصلاح منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، وفي القلب منها؛ مؤسسات التمويل، وبنوك التنميــة الدوليـة التي ينبغي أن تكون أكثر استجابة، لتحديات العالم النامي أخذا في الاعتبار، أن حالة الاستقطاب الدولي، أصبحت تهدد منظومة “العولمة”، التي كان العالم يحتفي بها وتستدعي للواجهة، صراعًا لفرض الإرادات، وتكريس المعايير المزدوجة، في تطبيق القانون الدولي”.
وتطرق الرئيس للحديث عن القضية الفلسطينية والتصعيد الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، قائلاً: “لقد تابعنا بالحزن والألم، تصاعد حدة بعض الأزمات العربية، خلال الفترة الماضية، لاسيما ما ينتج عن أعمال التصعيد غير المسئولة، من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وآخرها ما شهده قطاع غزة وبينما تؤكد مصر، استمرار جهودها لتثبيت التهدئة، إلا أننا نحذر، من أن استمرار إدارة الصراع، عسكرياً وأمنيًا، سيؤدي إلى عواقب وخيمة، على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء”.
وأكمل الرئيس السيسي قائلاً: “لعله من الملائم، أن نعيد اليوم، تأكيد تمسكنا بالخيار الاستراتيجي، بتحقيق السلام الشامل والعادل من خلال مبادرة السلام العربية وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، ومطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
ولفت الرئيس أيضاً للأزمة السودانية قائلاً: اشتعلت كذلك، أزمة جديدة فى السودان الشقيق تنذر إذا لم نتعاون فى احتوائها بصراع طويل، وتبعات كارثية، على السودان والمنطقة، كما تستمر الأزمات في ليبيا واليمن، بما يفرض تفعيل التحرك العربي المشترك، لتسوية تلك القضايا، على نحو أكثر إلحاحا، من أي وقت مضي.
وأشار الرئيس للحضور السوري في القمة بعد الغياب الذي دام 12 عاما، قائلاً: “فى نفس السياق، فإن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تعد بمثابة التفعيل العملي للدور العربي، وبدء مسيرة عربية لتسوية الأزمة السورية استنادا إلى المرجعيات الدولية للحل، وقرار مجلس الأمن رقم “2254”.
وتابع الرئيس قائلاً “إن الأمن القومى العربي، هو كل لا يتجزأ فقد حان الوقت، لأخذ زمام المبادرة للحفاظ عليه بما في ذلك من خلال الخطوات المهمة، التي بادرت بها دولنا في الفترة الماضية لضبط إيقاع العلاقات مع الأطراف الإقليمية غير العربية، التي نتطلع منها لخطوات مماثلة وصادقة بما يسهم، في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وأكد الرئيس السيسي في نهاية حديثه أن “مصر بما عهدتموه عنها على الدوام، ستدعم بكل الصدق والإخلاص، جميع الجهود الحقيقية، لتفعيل الدور العربي إيمانا منها، بأن المقاربات العربية المشتركة، هي الوسيلة المثلى، لمراعاة مصالحنا، وتوفير الحماية الجماعية لشعوبنا، ودفع مسيرة التنمية، خطوات كبيرة للأمام”.
أقدم منظمة إقليمية
من جانبه كشف، المحلل السياسي والخبير بمركز الأهرام للدراسات، الدكتور بشير عبدالفتاح، أهمية القمة العربية، قائلاً إن “المملكة العربية السعودية استضافت اليوم القمة العربية العادية الـ32 منذ أول قمة أنشاص عام 1946 التي عقدت في القاهرة، وحضرها 7 دول عربية مؤسسة لجامعة الدول العربية”.
وأضاف بشير عبدالفتاح، لـ”صدى البلد”، أن الجامعة العربية واحدة من أقدم المنظمات الإقليمية في العالم، موضحًا أن المنظمات التي تعمل على النظام الدولي، مستويين، مستوى دولي مثل الأمم المتحدة ويطلق عليها منظمة دولية، وهناك منظمات إقليمية مثل الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية.
وتابع عبدالفتاح، أن الجامعة العربية تعتبر أقدم منظمة إقليمية، تأسست عقب الحرب العالمية الثانية في مارس 1945، مردفاً أنها نظمت 62 قمة، منهم حوالي 31 قمة عادية، و15 قمة طارئة و4 اقتصادية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن القمة العربية اليوم الـ32 عادية لكنها غير عادية، كونها تأتي في ظروف غير عادية استثنائية، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، والاستقطاب العالمي الحاصل ما بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، وإقليمية أيضاً مع استمرار الأزمات والمشاكل بإيران وتركيا وإسرائيل والقضية الفلسطينية، مضيفاً أنه على المستوى العربي هناك تضخم في الملفات والقضايا العربية بعدما ظهرت المشكلة السودانية.
واختتم عبدالفتاح أن القمة العربية واجهت ملف التحدي الاقتصادي الخطير، مؤكداً أن كل التقارير الدولية تقول إن هناك ركود أو تراجع في اقتصادات عدد من الدول العربية بشكل متفاوت.