أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً أكد خلاله على تنامي العلاقات الثقافية والسياحية بين مصر ودول أعضاء البريكس، حيث أشار إلى أن مصر تستهدف تعزيز ارتباطها بالتكتلات الدولية لتعظيم منافعها الاقتصادية والسياسية الممكنة، دون الإخلال بتوازن علاقاتها الخارجية مع كل الأطراف الدولية الفاعلة، مضيفاً أن مصر ترتبط بعلاقات ثقافية مع العديد من أعضاء تكتل البريكس بلس، حيث تم الإعلان عن انضمام مصر إلى هذا التجمع الحيوي، الذي من شأنه أن يكون له مردود إيجابي فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الثقافية مع الدول الأعضاء بتجمع البريكس بلس، والانفتاح على شعوبها.
أوضح التحليل أن المكون الثقافي يُعد أحد أهم أبعاد القوة الناعمة، والتي تٌعد أحد أدوات الدبلوماسية المصرية؛ إذ احتلت مصر المركز الـ(31) عالميًا عام 2022 في المؤشر العالمي للقوة الناعمة بزيادة قدرها (3.3) نقاط مقارنة بعام 2021، ليصل عدد النقاط إلى (41.6) نقطة، مقابل احتلالها المركز الـ(34) بـ(38.3) نقطة عام 2021.
وبالنسبة لمؤشر سمعة الدولة، فقد سجلت الدولة (5.8) نقاط خلال عامي 2021 و2022، كما حصلت الدولة على المركز السابع بواقع (80.1) نقطة في مؤشر التراث، وعلى صعيد التأثير الثقافي، فقد حصلت على المركز الـ(30) بواقع (35.8) نقطة.
وأشار التحليل إلى سعى الدولة المصرية نحو تعزيز علاقاتها الثقافية مع عدد من الدول الأعضاء بالبريكس بلس من خلال عدد من الخطوات، وهو ما يمكن بلورته من خلال التالي:
– تدشين العديد من المراكز الثقافية في دول من تحالف البريكس، مثل: “المكتب الثقافي المصري بالصين” الذي يعمل على الترويج للعلاقات المصرية-الصينية، وفي المقابل تم إنشاء العديد من المراكز الثقافية في مصر من جانب دول البريكس، فعلى سبيل المثال، أُقيم المركز الثقافي الهندي “مولانا أبو الكلام أزاد” في القاهرة؛ من أجل توسيع نطاق عرض الثقافة الهندية في مصر.
– توقيع اتفاقيات تعاون بين مؤسسات ثقافية مصرية، ومؤسسات ثقافية في دول البريكس، فعلى سبيل المثال، وقعت مكتبة الإسكندرية في مايو 2023 اتفاقية تعاون مع “معهد الشارقة للتراث” بالإمارات؛ لتعزيز التعاون، وتبادل الخبرات بين الطرفين.
– اختتام عام التبادل الإنساني المصري- الروسي في سبتمبر 2023، والذي انطلق من دار الأوبرا المصرية، بالقاهرة، حيث أعدت وزارة الثقافة، بالتعاون مع وزارة الخارجية، ووزارة الثقافة الروسية، لهذه المناسبة، سلسلة من الفعاليات ضمت أكثر من 100 فعالية ثقافية وفنية، شارك فيها جميع قطاعات وهيئات وزارة الثقافة، على مدار عام كامل.
– افتتاح وزيرة الثقافة المصرية في أبريل 2023 ونظيرها الصيني معرض “التقاء الفنانين في طريق الحرير” بقصر الفنون في مصر.
– الاتفاق على إقامة “الموسم الثقافي الجنوب إفريقي الأول” في يناير 2023 والذي يضم مجموعة من الفعاليات، ما بين معارض للكتب والحرف والمشغولات اليدوية، وورش عمل مشتركة بين فرق مصرية وجنوب إفريقية في مجال الفنون.
– وفي إطار اهتمام الخارجية المصرية بالدبلوماسية الثقافية، فقد وقعت وزارة الثقافة المصرية مذكرة تفاهم مع السعودية لدعم التعاون بمجال الثقافة وحفظ التراث في ديسمبر 2022.
وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تحليله أن الدولة المصرية تسعى إلى بذل جهود حثيثة فيما يتعلق بتطوير السياحة المصرية بشكل عام، وتطوير مجالات التعاون السياحي بشكل خاص مع دول البريكس والأعضاء الجدد، حيث قامت مصر بالعديد من الإجراءات الدؤوبة، في محاولة لتعزيز العلاقات مع تلك الدول في مجال السياحة.
وقد استعرض التحليل أبرز هذه الجهود كالآتي:
– افتتاح شركة مصر للطيران لخط طيران مباشر بين القاهرة ونيودلهي في 2023، علاوة على الرحلات القائمة بين القاهرة ومومباي، الأمر الذي من شأنه تعزيز التواصل بين شعبي البلدين، وتشجيع السياحة، حيث بلغ عدد السائحين الهنود في مصر أقصاه في عام 2019 بوصوله إلى (140) ألفَ سائح.
– حدث تحسنًا ملحوظًا في الحركة الوافدة من الهند خلال الأشهر الأخيرة بعد التسهيلات التي قدمتها الحكومة المصرية بخصوص تأشيرات دخول مصر، لا سيما في ضوء استهداف مصر لشرائح معينة من الهند، والتي تتميز بالإنفاق المرتفع، خاصة أن تعداد سكان الهند يتجاوز (2) مليار نسمة.
– السماح للسائحين الصينيين بالحصول على تأشيرة دخول اضطرارية من المنافذ والمطارات المصرية Visa upon arrival، وكذلك السماح للسائحين الهنود من حاملي الإقامة بدول مجلس التعاون الخليجي بالحصول على تأشيرة دخول اضطرارية من المنافذ والمطارات المصرية، وذلك بالإضافة إلى التسهيل الممنوح لحاملي تأشيرة دخول سارية ومستخدمة من قبل من (الولايات المتحدة الأمريكية – المملكة المتحدة – منطقة الشنجن – كندا – نيوزيلاندا – اليابان – أستراليا).
– تم منح السائحين القادمين من جنوب إفريقيا فيزا عند الوصول، وذلك في إطار تعزيز التعاون بين مصر وجنوب إفريقيا في عام 2022.
– زيادة في حركة السياحة الوافدة من البرازيل بعد إعلان الشركة الوطنية “مصر للطيران” بتسيير رحلات للمدن البرازيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية تمتلك العديد من الفرص المستقبلية في قطاع السياحة، لا سيما في ضوء الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها الدولة في هذا القطاع، وهو ما يمثل فرصة سانحة للاستفادة من انضمام مصر لتكتل بريكس بلس، كما يعتبر الوصول إلى 30 مليون سائح لتحقيق 30 مليار دولار إيرادات سنوية، أهم مرتكزات استراتيجية السياحة المصرية، وبما ينطوي على فرصة مهمة لجذب السياح الوافدة من تكتل البريكس بلس.
وأكد التحليل أن استراتيجية الدولة المصرية لا تستهدف تحقيق منفعة اقتصادية فقط من الانضمام إلى تكتل البريكس، ولكنها تستند أيضًا إلى محورية الأبعاد الأخرى لهذا التكتل، على غرار تعزيز التعاون مع دولها في مجالات السياحة والثقافة. فالجدير بالذكر أن الدولة المصرية تتمتع بثقل على درجة مرتفعة من الأهمية، سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي، تجعلها من الحتمية أن يرتكز التصور المقترح لتعزيز سبل الاستفادة من الانضمام إلى التجمع على وجود تكامل بين أبعاده الاقتصادية، والثقافية، والسياحية وغيرها.
وأفاد التحليل في ختامه أن الدولة المصرية تعي أهمية تفعيل الدبلوماسية الناعمة، والتي تُعد ضرورة استراتيجية في توازن العلاقات الدولية، وهي ما تنتهجه الدولة المصرية في علاقاتها الدولية، خاصة أن مصر تتمتع بمكانة في محيطها الإقليمي، تجعل من الضروري أن تتم صياغة مجالات للتحرك على مستوى القوة الناعمة مع الدول الأعضاء بالبريكس بلس، والجدير بالذكر أن مساعيَ أي دولة لتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية أمام محيطها الإقليمي والدولي ترتكز في أحد أبعادها على القيام بتعزيز التبادل السياحي والثقافي مع بقية الدول، ولا تٌعتبر مصر استثناءً من ذلك الأمر.