تناولت الصحف العبرية باهتمام شديد عودة سوريا إلى وضعها الطبيعي بين الدول العربية وحضور الرئيس السوري بشار الأسد، القمة العربية الـ32 التي عقدت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وتأثير ذلك على إسرائيل في المنطقة.
وقالت صحيفة “معاريف” العبرية حضور الرئيس السوري بشار الأسد ، للمشاركة في قمة جامعة الدول العربية في جدة ، مع كبار قادة الدول العربية، جذب الكثير من الاهتمام في إسرائيل، مشيرة إلى أن تلك الخطوة من شأنها أن تعزز قوة دمشق وموقعها الإقليمي.
وأضافت الصحيفة إن عودة سوريا إلى وضعها الطبيعي وإعادة العلاقات معها بعد 12 عام من العزلة مثل نقطة تحول دراماتيكية في العالم العربي، أدت إلى ذوبان الجليد.
وأوضحت الصحيفة أنه من بين أمور أخرى ، فأن رفع المقاطعة التي أنهت عزلة سوريا تعكس التغيرات الهائلة التي تحدث في العالم الإسلامي وخريطة العلاقات والمصالح في الشرق الأوسط، فضلاً عن انخفاض قيمة الموقف الجيوسياسي للولايات المتحدة، بجانب انخفاض القوة والتأثير على دول المنطقة ، بما في ذلك على الساحة الدولية.
وأشارت إلى أن تلك الخطوة مثلت بطاقة حمراء صادرة عن دول الجامعة العربية ضد سياسة “الضغط الأقصى” التي تقودها الولايات المتحدة.
وتابعت “على الرغم من أن الخطوة قدمت كعمل رمزي يهدف إلى تخفيف معاناة الشعب السوري ، إلا أنه من الواضح بالفعل أن تجديد العلاقات مع سوريا هو حدث حاسم في العالم العربي. وهكذا ، لم يقتصر الأمر على أن قرار القيام بذلك تمت الموافقة عليه من قبل 19 من أعضاء جامعة الدول العربية البالغ عددهم 22 عضوًا ، ولكن عودتها التدريجية إلى محيطها تحمل عواقب جيوسياسية وأمنية كبيرة بالنسبة لإسرائيل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن قرار تطبيع العلاقات مع دمشق يعكس نهج الدول العربية الواقعي البراجماتي وقدرة دول المنطقة على التكيف مع التغيرات الجيوسياسية التي تعصف بها. لافته إلى أن الدول العربية تقرأ الخريطة بشكل صحيح في ضوء تقليص وجود الولايات المتحدة وروسيا ومشاركتهم في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة “إن عملية التطبيع العلاقات بين سوريا والدول العربية قد تزيد من التوترات الأمنية الإقليمية بل وتزيد من ضعف دول المنطقة، وإسرائيل على وجه الخصوص، ويرجع أساسًا إلى تزايد الضغط علي تل أبيب والدعوة إلى الامتناع عن شن هجمات على البنى التحتية الحيوية في سوريا وضد إيران وتنظيم حزب الله”.
وأضافت: في غضون ذلك ، فأن ضم سوريا إلى العالم العربي يشكل تحديا و “صب رمال” في نظر الغرب، مما يشير إلى فشل سياسة “الضغط الأقصى” التي تقودها الولايات المتحدة والغرب”.
واستطردت : إن رصد ذلك من وجهة نظر جيوسياسية وأمنية واسعة يوفر رؤى إضافية بشأن التآكل الهائل الذي حدث في صورة القوة الأمريكية في أعين دول المنطقة. حيث أن تجديد العلاقات والاعتراف بالحكومة السورية مخالفا للخط الرسمي للإدارة الأمريكية”.
من جانبها، ترى صحيفة “هآرتس” العبرية، أن المملكة العربية السعودية تتبع مؤخراً استراتيجية جديدة ومستقلة في الشرق الأوسط، يمكن أن تغير وجه المنطقة.
وقالت الصحيفة إن السعوديين قرروا تطبيع العلاقات مع سوريا وأنهم جاهزون لبدء النقاش في تعاون اقتصادي رغم أن العقوبات الأمريكية لا تزال سارية المفعول.
وأوضحت الصحيفة أن دعوة سوريا إلى القمة العربية ليست فقط تسلسلاً منطقياً لإعادة تفعيل علاقات الرياض وطهران، ولكن الدعوة تندرج ضمن استراتيجية سعودية أوسع، تسعى إلى وضع حد للحروب والتوتر في منطقة الشرق الأوسط.
وأضافت “هآرتس” أن إسرائيل تراقب انهيار الحلف القديم المناوئ لإيران بعد كل هذه التحركات الدبلوماسية المستجدة التي تقودها السعودية، لافتة إلى أن تل أبيب تشهد أيضا انهيار نهج سياسي تقليدي مفاده أن حلفاء أمريكا في المنطقة لا يمكن أن يكونوا شركاء مع إيران.
وبينت الصحيفة أن معادلة “إما أن تكون معنا أو ضدنا” تتغير كليا مؤخرا، والذي يقوم بتغييرها ليس الجانب الإسرائيلي إنما السعودي.
ورجحت الصحيفة أن تؤدي الاستراتيجية السعودية الجديدة في الشرق الأوسط إلى تقييد حرية إسرائيل في العمل في سوريا، مشيرة إلى أن دمشق قد تتمكن من حشد شركائها الجدد لإنهاء العمليات الإسرائيلية في أراضيها.