تتخذ الدولة المصرية خطوات جادة وكبيرة في سبيل تقليل اعتمادها على الدولار خلال الفترة المقبلة، حيث إن الحرب الروسية الاوكرانية التي أشتعل فتيلها في فبراير 2022 ألقت بظلالها سلباً على جميع دول العالم بلا استثناء وتأثرت كبرى اقتصادات العالم.
اتفاقية هامة بين مصر والامارات
كان قد وقع البنك المركزى المصرى ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي الخميس 28 سبتمبر اتفاقية ثنائية لمبادلة العملة، تتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصرى والدرهم الإماراتي بقيمة إسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصري و5 مليارات درهم إماراتي.
وتعليقًا على توقيع الاتفاقية، صرح حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري “توقيع الاتفاقية يأتي في إطار تعزيز العلاقات الوثيقة التي تجمع بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة على جميع المستويات، ويساهم في تيسير وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، بما يدعم أواصر التعاون المستمر بينهما في مختلف المجالات، خاصة وأن عملية مبادلة العملات المحلية تعد بمثابة حجر أساس للتعاون المالي المشترك بين الدولتين الشقيقتين”.
ومن جانبه صرح خالد محمد بالعمى محافظ مصرف الإمارات المركزى “تعكس اتفاقية مبادلة العملات بين البلدين مدى عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية، وتشكل فرصة مهمة لتطوير الأسواق الاقتصادية والمالية بين الجانبين انطلاقاً من حرص القيادة الرشيدة في البلدين الشقيقين على دعم العلاقات الثنائية في المجالات كافة، والعمل بما يحقق المصالح المشتركة، التي تنعكس بشكل إيجابي على القطاعات التجارية والاستثمارية والمالية وتعزيز الاستقرار المالي.”
هل تقلل من الاعتماد على الدولار؟
في هذا الصدد قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن الاتفاقية الثنائية لمبادلة العملة التي وقعها كلا من البنك المركزي المصري ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، والتي تتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصري والدرهم الإماراتي بقيمة إسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصري و5 مليارات درهم إماراتي، لها أهمية كبرى في تقليل الاعتماد على الدولار كعملة صعبة، إضافة إلى أنها ستمهد لعقد اتفاقيات أخرى تضمن من خلالها إتمام عمليات تجارية باستخدام عملتي البلدين مع دول أخرى .
أوضح غراب خلال تصريحات لــ”صدى البلد”، أن مصر والإمارات دولتين عربيتين شقيقتين فلا يعقل أن يكون التبادل التجاري بين الدولتين بعملة الدولار، مشيرا إلى أن الاتفاقية ستسهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين الدولتين الشقيقتين بالعملة المحلية، مشيرا إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات وفقا للاحصائيات الرسمية إلى 4.9 مليار دولار عام 2022 مقابل 4.8 مليار دولار عام 2021، موضحا أن الاتفاقية تسهم في تقليل اعتماد مصر على الدولار في الاستيراد ما يسهم في خفض واردات مصر بالعملة الصعبة، وهذا يعني خفض عجز ميزان المدفوعات، مشيرا إلى أن الاتفاقية ليست المرة الأولى لكن كان هناك اتفاقا مشابها تم الإعلان عنه مسبقا مع دولة الصين .
وأشار غراب، إلى أن الاتفاقية تأتي في ظل نقص العملة الصعبة في مصر، و اتجاه مصر نحو تقليل الاعتماد على الدولار والتوسع في تنويع وارداتها من الدول بالتعامل بالعملات المحلية، إضافة لانضمام مصر لتجمع بريكس والذي يعود عليها ببدء المعاملات التجارية بداية من شهر يناير بالعملات المحلية مع دول التجمع ما يقلل من الاعتماد على الدولار، إضافة إلى اعتماد الحكومة الروسية قائمة 30 دولة من بينها مصر تسمح للبنوك والمضاربين منها بالتداول في سوق الصرف الأجنبي والسوق المالية في روسيا بعملاتها المحلية .
تابع غراب، أن الاتفاقية تسهم في توفير الاحتياجات والسلع الضرورية دون الحاجة لعملة الدولار، إضافة لزيادة التشغيل والإنتاج المحلي بتكلفة منخفضة، إضافة لزيادة صادرات مصر للسوق الإماراتية، إضافة إلى أن الاتفاقية تسهم في استقرار سعر صرف الجنيه المصري وتعطيه المرونة المطلوبة مقابل العملات الأخرى، كما أنها طريق أفضل لتوفير نقد أجنبي بعيدا عن الاقتراض مرتفع التكلفة، وهذا يعد فكر جيد للحكومة المصرية، متابعا أن أن واردات مصر من الإمارات تتمثل في الوقود والزيوت المعدنية والنحاس واللؤلؤ وغيرها وفقا للاحصائيات، وصادراتها للإمارات تتمثل في الملابس والفواكه والخضروات والالات والاجهزة الكهربائية والأحجار الكريمة وغيرها، كما يبلغ عدد العاملين بالإمارات 950 ألف مصري وفقا للإحصائيات.
التبادل التجاري بين البلدين
ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر والإمارات خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2022 ، بنسبة 6.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق 2021، لتسجل 4.6 مليار دولار مرتفعة من 4.3 مليار دولار، ما يؤكد قوة علاقات البلدين، وعزمهم تطويرها خلال الفترة المقبلة، وأوضحت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أبريل 2023، أن الصادرات المصرية إلى الإمارات ارتفعت إلى 1.8 مليار دولار خلال الـ11 شهر الأولى من عام 2022 مقابل 1.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14.4%، في حين بلغت قيمة الواردات المصرية من الإمارات 2.8 مليار دولار مقابل 2.7 مليار دولار خلال فترتي المقارنة 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 1.9%.
وحول أهم مجموعات سلعية صدرتها مصر إلى الإمارات خلال أول 11 شهر الأولى من عام 2022 ، جاءت مجموعة اللؤلؤ والأحجار الكريمة والحلي في المرتبة الأولى بقيمة 799.6 مليون دولار، ثم آلات وأجهزة كهربائية وأجزاؤها بقيمة 219.6 مليون دولار، ثم ملابس بقيمة 164.3 مليون دولار، ثم خضر ونباتات بقيمة 58.7 مليون دولار، ثم أثاث ومنشآت جاهزة الصنع بقيمة 31.7 مليون دولار.
وأشار جهاز الإحصاء، إلى أن أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من الإمارات خلال أول 11 شهرا الأولى من عام 2022، هي الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 803.3 مليون دولار، ثم لدائن ومصنوعاتها بقيمة 533.8 مليون دولار، ثم اللؤلؤ والأحجار الكريمة بقيمة 233.1 مليون دولار، ثم نحاس ومصنوعاته بقيمة 225.1 مليون دولار، ثم أسماك بقيمة 142.9 مليون دولار.
وبشأن الاستثمارات الإماراتية في مصر، فقد قفزت إلى 5.7 مليار دولار خلال العام المالي /2021 2022 من 1.4 مليار دولار خلال عام 2020 / 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 300.8%.
وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالإمارات 3.5 مليار دولار خلال العام المالي 2020 2021/ مقابل 3,4 مليار دولار خلال العام المالي 2019 / 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 1.4 %، بينما بلغت قيمة تحويلات الإماراتيين العاملين في مصر 39.1 مليون دولار خلال العام المالي 2020 2021/ مقابل 41 مليون دولار خلال العام المالي 2019 / 2020 بنسبة انخفاض قدرها 4.6% وسجل عدد سكان مصر 104.5 مليون نسمة عام 2022، بينما سجل عدد سكان الإمارات 9.4 مليون نسمة عام 2022، في حين بلغ عدد المصريين المتواجدين بدولة الإمارات طبقا لتقديرات البعثة 900 ألف مصري حتى نهاية 2021.