أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاثنين، عن مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة التي تستهدف واردات من دول شرق آسيا، أبرزها فرض رسم بنسبة 36% على واردات كمبوديا وتايلاند، و35% على واردات بنجلاديش، وذلك بدءًا من 1 أغسطس القادم، إذا لم تُبرم هذه الدول اتفاقيات تجارة جديدة مع واشنطن.
وتتمثل هذه الخطوة في جزء من إطار “التعريفات المتبادلة” التي أعلنها ترامب في إبريل الماضي، في ما أطلق عليه “يوم التحرير”. وجرى تمديد المهلة الأصلية التي كانت من المقرر أن تنتهي في 9 يوليو، لتُصبح في 1 أغسطس، حسب بيان البيت الأبيض.
جاء القرار عبر سلسلة رسائل رسمية وُجهت إلى قادة 14 دولة، تضمنت إلى جانِب كمبوديا وتايلاند وبنغلادش، دولًا أخرى مثل صربيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا، بنسب متفاوتة تراوحت بين 25% و40%
وأكد ترامب أن تلك الرسوم تستبدل جزءًا من الرسوم القطاعية السابقة، وليست إضافية عليها، ولفت إلى أن خفض هذه التعريفات مشروط بوصول الشركات إلى أسواق وتصنيع منتجات داخل الولايات المتحدة
تشير هذه الإجراءات إلى تصعيد واضح في سياسة واشنطن التجارية، التي تتبع نهجًا حمايةً لصناعة أمريكية يُنظر إليها كركيزة أساسية في خطط ترمب الاقتصادية.
ويُعد فرض التعريفات العقابية على دول فقيرة مثل كمبوديا وبنغلادش، التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الملابس إلى السوق الأمريكية، أمرًا مثيرًا للقلق بين خبراء التنمية الدولية.
وأفاد تقرير لصحيفة “ذا جارديان” بأن هذه التعريفات تهدد ملايين الوظائف، خاصة للنساء العاملات في صناعات التصدير في تلك البلدان حيث يُطلق على الرسوم وصفًا دراماتيكيًا بأنها “صادمة ومربكة”، وقد تثير موجة جديدة من الأزمة في ظل فسخ علاقات تجارية ربطت واشنطن بدول الجنوب الآسيوي لعقود
من الناحية الفنية، فإن الرسوم بنسبة 36% من كمبوديا وتايلاند و35% من بنغلادش، تأتي ضمن طيف واسع يشمل 40% على ميانمار ولاوس و32% على إندونيسيا و30% على جنوب إفريقيا و25% على تونس وكازاخستان وما إلى ذلك
وأكد البيت الأبيض أن الرسوم لن تطبق على المنتجات المشمولة بتعريفات وطنية أخرى مثل الصلب أو السيارات، كما أن إدخال إنتاج صناعي إلى الولايات المتحدة يمكن أن يعفي بعض الشركات من التعريفة
أما رد فعل الأسواق المالية الأمريكية فلم يتأخر، إذ سجلت مؤشرات وول ستريت تراجعًا ملحوظًا بعد الإعلان، حيث هبط مؤشر S&P 500 بنحو 0.8%، ومؤشر داو جونز بنسبة تقارب 1% ومع هبوط الدولار نسبيًا مقابل العملات الآسيوية، زادت الضغوط على الاقتصادات الصغيرة المعتمدة على التصدير.
لا تزال مسؤولية البيت الأبيض تروج لهذه السياسة باعتبارها وسيلة لردع الممارسات التجارية غير العادلة وتحقيق توازن تجاري، وتوفير فرص استثمارية وتصنيعية داخلية. لكن منتقديها يشيرون إلى أنها تحمل تداعيات متعددة: حملة جديدة من التوتر التجاري، فرض تكاليف إضافية على المستهلكين في الدول النامية، وزعزعة أنظمة إنتاج تعتمد على الأسواق الأمريكية.
كما أن المهلة حتى 1 أغسطس تبقي الباب مفتوحًا أمام تفاوضات إن وقع اتفاق لخفض الرسوم، لكن غياب مؤشرات قوية على تقدم المحادثات حتى الآن يزيد من حالة عدم اليقين.
تجسد هذه الخطوة المفاجئة مزيدًا من التعقيد في العلاقات التجارية الدولية. فبينما تتحرك واشنطن باتجاه الحماية الاقتصادية، فإن الردود المحتملة من الدول المتضررة ستلعب دورًا رئيسًا في رسم ملامح الفصل المقبل من هذه الحرب التجارية، التي تبدو بعيدة عن أي حل حاسم في الأفق.