ارتفع مخزون الاحتياطي من العملة الأجنبية “الدولار” في مصر خلال الفترة الآخيرة، وزادت السيولة الدولارية، وظهر ذلك من خلال السماح للفروع التابعة للبنوك الحكومية بالاحتفاظ بالسيولة الدولارية بأرقام تتخطى في بعض الأيام مليوني دولار، بعكس ما كان يحدث في السابق، حيث لم يكن مسموحاً لأي فرع الاحتفاظ بأي مبالغ من العملات الصعبة.
حقيقة تعويم الجنيه المصري
وكسر الجنيه المصري الصامد كل التوقعات والشائعات التي انتشرت حول تعويم الجنيه (خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار) ورفع قيمة الدولار، وامتلأت خانات البحث عبر الإنترنت بأسئلة كثيرة حول توقعات أسعار الدولار خلال الفترة المقبلة، ليستطيع كل شخص تحديد واجهته سواء في نواحي العمل والاستثمار أو شراء المستلزمات المترتبة على أسعار الدولار بشكل عام، وحتى من يريدون إدخار الأموال، هل يلجأون مثلا لشراء الذهب أو شراء أصول أخرى، وكل ذلك مبنٍ على أسعار الدولار الحالية والمتوقع لها مستقبلا.
ومن جانبه، كشف رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الدكتور فخري الفقي، حقيقة الأنباء المتعلقة بشأن تعويم جديد للجنيه المصري عقب الانتخابات الرئاسية 2024.
وأضاف الدكتور فخري الفقي خلال مداخلة تليفزيونية، أن أنباء تعويم الجنيه للمرة الرابعة بعد الانتخابات الرئاسية 2024 غير صحيح، لافتًا إلى أن هناك مؤشر سيربط قيمة الجنيه المصري بسلة من العملات التابعة للشركاء التجاريين.
وشدد فخري الفقي على أنه لا تعويم للجنيه باعتباره يمس الأمن القومي؛ لأنه مع موجة الغلاء لو حدث تعويم سيكون هناك مزيدا من التضخم وغلاء المعيشة، معلقا: «ربط الجنيه المصري بمؤشر يكون من خلال سلة عملات للشركاء الدوليين مع وزن من الذهب من الأوزان العالمية».
وأوضح رئيس لجنة الخطة والموازنة أن مرونة الجنيه في مؤشر العملات يتسم بالمرونة صعودا وهبوطا، معلقا: طالما يمس الأمن القومي فلا تعويم حتى الوصول إلى هبوط مؤشر التضخم من 7 لـ+- 2، ومعدل التضخم العام لمصر ما زال مرتفعا وفق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ونوه الدكتور فخري الفقي أنه حال تخصيص من 5 لـ10 مليارات دولار مخصصين لفتح الاعتمادات للتجار والمستوردين في البنك المركزي يمكن أن يكون هناك تعويما للجنيه بمعناه التقليدي، معلقا: سعر الدولار في السوق الموازية بعيد عن قيمة الدولار الحقيقية في ظل الظروف الحالية للاقتصاد المصري.
وكان البنك المركزي المصري، أعلن أن صافي الاحتياطيات الأجنبية سجل 34.97 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر 2023 مقارنة بنحو 34.92 مليار دولار في نهاية أغسطس 2023. وكانت الاحتياطات في حدود 33.197 مليار دولار بنهاية سبتمبر من العام الماضي.
وقبل أيام، أعلن البنك المركزي المصري أن رصيد احتياطي النقد الأجنبي في نهاية شهر سبتمبر سجل نحو 33.197 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، مقابل 33.141 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي. وأشار إلى ارتفاع المعروض النقدي ارتفع بأكثر من 20% إلى حوالي تريليوني جنيه.
ارتفاع السيولة الدولارية
وارتفع النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي 19.37% إلى 991.930 مليار جنيه. وأشار إلى أن الودائع تحت الطلب بالعملة المحلية ارتفع 21.65% بلغت 1.105 تريليون جنيه بنهاية يوليو 2023، مقابل 908.3 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2022.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور وليد جاب الله، إن الاقتصاد المصري يشهد فترة من التحسن إذ كان يعاني من مشكلات كبيرة للغاية خلال فترة الاضطراب السياسي، حيث انخفضت معدلات النمو وتدهورت الأوضاع والحوادث الإرهابية المتكررة، وكانت هناك صعوبة كبيرة فى إقناع المستثمر بالعمل في ظل هذه الأحداث المضطربة، ولكن مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي بدأت مرحلة تثبيت الدولة المصرية بصورة تدريجية.
وأضاف جاب الله، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي تضمن مجموعة من المحاور أبرزها إعداد برنامج الإصلاح الاقتصادي 2016- 2019، الذي من خلاله اتخذ الاقتصاد مسارا تصاعديا، وكانت هناك المشروعات القومية الكبرى التي نجحت في تحريك الاقتصاد بمراحله الأولى، مشيرا إلى أن تلك المرحلة شهدت أيادى تبني وأخرى تحمل السلاح، فنجحت الدولة المصرية في فرض الأمن والاستقرار بعد 30 يونيو.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الدولة المصرية كانت حريصة على استغلال الزخم الذى حققته من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي لمساعدة المواطن، فامتصت تداعيات كورونا بصورة كاملة حتى جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية لم تؤثر فقط على توفير الزيوت والقمح، بل أثرت على معدلات التضخم، مشيرًا إلى أنه رغم كل العوائق إلا أن الاقتصاد المصري ما زال مستقرا ولديه قابلية للنمو والازدهار.
ومن جانب آخر، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، إن تراجع الدولة عن قرار تعويم الجنيه المصري سيؤدي إلى مواجهة الدولة السوق الموازي بشكل قوي.
وأضاف الإدريسي في تصريحات لـ”صدى البلد”، أنه في حالة هذا القرار يجب ضخ كميات كبيرة من العملة الأجنبية بالسوق من قبل الحكومة، لأن نقص الدولار في البنوك يؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في مصر، مضيفًا أن الدولة الآن عليها ضغط كبير في تلك الفترة من أجل توفير العملة الأجنبية.