على مدار 3 أشهر ومنذ منذ اندلاع الأزمة السودانية في 15 أبريل الماضي وحتى اليوم لم تتوقف الجهود العربية لاحتواء الموقف والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار حفاظا على وحدة السودان ومؤسساته وسلامة شعبه، وهو المنطلق الذي تعمل من خلاله جامعة الدول العربية في إطار جهودها لحل الأزمة السودانية.
ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الاشتباكات في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع -التي صنفها الجيش السوداني كجماعة متمردة- كانت الجامعة العربية، حاضرة وبقوة لوقف التصعيد في بين أطراف الأزمة السودانية، وشهدت تحركات عاجلة من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، للتوصل إلى حل للأزمة ووقف فوري لإطلاق النار.
مشاورات واتصالات مكثفة لـ أبو الغيط لإحتواء الأزمة
وخلال تلك الفترة أجرى الأمين العام لجامعة الدول العربية العديد من الاتصالات المكثفة لاحتواء الأزمة، وضرورة وقف التصعيد ووقف اطلاق النار واستعادة الهدوء الي السودان، والتي من بينها اتصالات مع السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إضافة إلى اتصالات مكثفة مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، لتبادل وجهات النظر حول الوضع في السودان وما يمكن عمله بالتنسيق بين المنظمتين الإقليميتين للوصول لوقف للتصعيد واستعادة الهدوء في السودان.
وفي إطار حل الأزمة شارك الأمين العام لجامعة الدول العربية في اجتماع دولي نظمه الاتحاد الإفريقي حول الاوضاع في السودان، بمشاركة أمين عام الأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والممثل الاعلي الاوروبي والسكرتير التنفيذي للإيجاد ووزراء خارجية وكبار مسؤولي دول جوار السودان، والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن، وكل من الإمارات، والسعودية، وقطر.
اجتماعات طارئة للجامعة العربية لبحث أزمة السودان
ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة دعت الجامعة العربية لاجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين لبحث سبل حل الأزمة في السودان والذي أعلن انعقاده بشكل مستمر لحين التوصل لحل للأزمة، وبعدها عقد مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية اجتماعا طارئا لمتابعة تطورات الأوضاع في السودان، وكلها تحركات تعكس الأهمية الكبرى التي أولتها الجامعة العربية لحل تلك الأزمة منذ اللحظة الأولى لاندلاعها.
القمة العربية والأزمة السودانية
وخلال القمة العربية الـ 32 والتي عقدت بمدينة جدة السعودية بحضور القادة والزعماء العرب أكدت على متابعة القادة العرب باهتمام لتطورات الأوضاع والأحداث الجارية في جمهورية السودان، معربي عن بالغ قلقهم من تداعيات الأزمة على أمن وسلامة واستقرار الدول العربية، مؤكدين على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، ومنع انهيارها، والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين.
وخلال مشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في مؤتمر قمة دول جوار السودان، الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة قبل أيام، بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي بمشاركة الدول السبع جوار السودان ( مصر وليبيا واريتريا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى واثيوبيا وجنوب السودان) وبمشاركة الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، أعلن “أبو الغيط” عن المحددات الأساسية للموقف العربي في التعامل مع الأزمة السودانية، والمعروفة باسم المحددات السبع.
محددات الموقف العربي في أزمة السودان
ويأتي مقدمة محددات الموقف العربي في التعامل مع أزمة السودان: الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع انهيارها ومساعدتها قدر الإمكان على الاستمرار في أداء مهامها بشكل طبيعي وتجاوز الصعوبات التي تواجهها، ومعارضـة أي تدخل خارجي في الشـأن الداخلي السـوداني، والتضامن الكامل مع السودان في صون سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، و دعم مسـار جدة الساعي إلى تحقيق شـروط وقف إطلاق نار شـامل ومستدام وفوري يسمح باستئناف العملية الانتقالية.
كما تشمل تلك المحددات: التأكيد على أهمية دور دول الجوار التي تواجه الأعباء الإنسانية الأمنية الكبيرة للأزمة، وبالتالي فمن المهم أن تكون في قلب عملية التنسـيق والتعاون الجارية لإنهائها، وأن يكون هناك تفكير في الاستمرار في انعقاد قمم أخري مشابهة، إذا اقتضت التطورات ذلك واستقطاب الدعم الدولي اللازم لها، إضافة إلى دعم مسار سـياسي سـوداني شامل لكل الأطياف السـودانية، يحقق تطلعات الشعب السوداني في السلام والأمن والتنمية، ويؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية قادرة على تحقيق التوافقات المطلوبة لمعالجة القضــايا الأساسية وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وإصلاح قطاع الأمن.
كما تعمل الجامعة العربية على الاستمرار في التنسيق والتعاون بين الجامعة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للمساهمة في جهود علاج الأزمة على أساس احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه، والتأكيد على أهمية مشاركة الدولة السودانية في المبادرات التي يجري إطلاقها، جنباً إلى جنب مع آلية دول جوار السودان، تفادياً لأية مقاربات مجتزأة.
كما تعمل الجامعة العربية على تعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة للوضع في السودان، وتكثيف الجهود العربية والإقليمية والدولية للحيلولة دون تدهور الأمن الغذائي المتردي في السودان وآثاره السلبية على عدد من دول جواره، حتى أن الجامعة العربية قد أطلقت مبادرة لإنقاذ الموسم الزراعي السوداني.