تتصاعد حدة المواجهة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) عبر تواصل القصف المتبادل والاشتباكات، لليوم الثالث على التوالي، في أعنف جولة قتال بينهما منذ سنوات، ما رفع حصيلة القتلى الإسرائيليين إلى 900، وتزايدت المجازر بحق الفلسطينيين بشكل قياسي.
وأعلن جيش الاحتلال، أن حماس أطلقت 4500 صاروخ من غزة على إسرائيل منذ بدء هجومها، مؤكدا شن غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مواقع في غزة، وفرض حصار كامل على القطاع.
وبموازاة تصعيد جولة القتال في غزة ومحيطها؛ دخل حزب الله اللبناني على خط المواجهة، رغم جهود دولية لإنهاء العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأطلقت حركة حماس وفصائل مسلحة أخرى، اليوم، رشقات صاروخية مكثفة، استهدفت وسط وجنوب إسرائيل، التي ردت بتكثيف غاراتها الجوية على قطاع غزة؛ لتحول مقرات ومبانٍ ومنازل سكنية، إلى أكوام من الركام المتناثر.
فيما اشتبكت قوات إسرائيلية خاصة، مع مقاتلين من حماس، في عدة مناطق جنوب إسرائيل، لليوم الثالث على التوالي.
وأفادت الإذاعة العبرية العامة، بأن 800 إلى 1000 من مقاتلي حماس، شاركوا في عملية التوغل المباغتة إلى بلدات إسرائيل، المحاذية لغزة، صباح السبت، ووصلوا إلى 20 بلدة إسرائيلية و11 معسكرا للجيش.
ومنذ بدء جولة القتال الدائرة قتل 900 إسرائيلي على الأقل وأصيب 2616 آخرون، بينهم 25 بحالة حرجة و357 بحالة خطيرة، وفق ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية ووزارة الصحة.
فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة القتلى بسبب الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع ارتفعت إلى 687 شخصا.
وقال الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة خلال مؤتمر صحفي في غزة إن من بين القتلى 140 طفلا و105 سيدات.
وتابع القدرة أن أكثر من 3700 آخرين أصيبوا بجروح بينهم أطفال ونساء وحالات خطيرة.
ومع اشتداد المعركة أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم عن استدعاء 300 ألف جندي احتياط في إطار المواجهة مع حماس.
من جهته، أعلن الناطق باسم كتائب القسام المكنى أبو عبيدة في خطاب متلفز، أنهم “جاهزون للاستمرار بالقتال لفترة طويلة، ومستعدون لكل الاحتمالات”.
وأعلنت كتائب القسام إدخال منظومة دفاع جوي محلية الصنع إلى منظومتها لأول مرة، واستهداف سرب من الطائرات الحربية المقاتلة من نوع “F16I” في سماء بحر غزة، من دون المزيد من التفاصيل.
كما أعلنت الكتائب عن إدخال “منظومة دفاع جوي محلية الصنع من طراز (متبر1) استخدمتها في التصدي لطائرات إسرائيل إلى خدمتها العسكرية لأول مرة”.
وأطلقت حماس صباح السبت الماضي وفي آخر أيام عيد العرش اليهودي هجوما مباغتا غير مسبوق ضد إسرائيل تضمن إطلاق آلاف القذائف الصاروخية وتنفيذ هجوم بري وبحري غير مسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية.
وردا على ذلك، أطلقت إسرائيل عملية “السيوف الحديدية” ضد حماس، فيما أعلنت حالة الحرب للمرة الأولى منذ خمسين عاما بعد حرب يوم الغفران عام 1973.
وفي إطار العملية الإسرائيلية، شنت طائرات حربية من سلاح الجو مئات الهجمات على قطاع غزة، ما أسفر عن تدمير هائل.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الطائرات الحربية نفذت سلسلة غارات استهدفت حي الرمال وسط غزة، ما أدى لحدوث انفجارات شديدة.
واستهدفت الغارات مساجد ومقر شركة الاتصالات الفلسطينية ومواقع أمنية ووزارة الأوقاف والجامعة الإسلامية التي تديرهما حركة حماس، بالإضافة إلى منازل وشقق سكنية، وفق المصادر.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو تم تداولها للغارات تصاعد ألسنة اللهب وسحب الدخان الأسود بشكل كثيف من عدة مناطق.
وأعلن مسؤول في شركة الاتصالات الفلسطينية الثابتة تدمير مقرها في قطاع غزة جراء غارة إسرائيلية طال 86 برجا وأدى لأضرار مختلفة.
إلى ذلك، أكد الجيش الإسرائيلي إنه استعاد السيطرة على جميع البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع غزة، في اليوم الثالث من المعارك مع مقاتلي حماس جنوب إسرائيل.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري، في بيان للصحفيين إنه “تم استعادة السيطرة على البلدات المتاخمة لقطاع غزة”، مضيفا أنه من المحتمل أن يكون هناك مسلحون ما زالوا في المنطقة.
وأضاف أن الطائرات الحربية التابعة للجيش تقوم بتأمين الثغرات في السياج الأمني بين إسرائيل وغزة والذي دمره مقاتلو حماس يوم السبت الماضي أثناء دخولهم للبلدات الإسرائيلية في الجنوب.
وفي تطور لاحق أعلنت كتائب القسام أن غارات إسرائيل على قطاع غزة أدت لمقتل 4 أسرى إسرائيليين وآسريهم.
ولاحقا نشرت الكتائب صورة قالت إنها لجندي إسرائيلي لحظة اعتقاله من قبل مقاتليها مع تفاصيل تتضمن اسمه ورقمه العسكري ومهامه، مشيرة إلى أحد القتلى في القصف الإسرائيلي.
— تدهور إنساني في غزة
ومع تصاعد أعمال العنف لليوم الثالث على التوالي، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” عن نزوح أكثر من 120 ألف فلسطيني في غزة.
وقال المكتب في بيان إن “الأعمال العدائية في قطاع غزة أدت إلى النزوح الداخلي، وتم تهجير ما يزيد عن 17.500 عائلة تضم أكثر من 123.538 شخصا”.
وأضاف البيان “يرجع ذلك في الغالب إلى الخوف والمخاوف المتعلقة بالحماية وتدمير منازلهم”.
وتابع أنه “من بين النازحين داخليا تقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن 73.538 شخصا يقيمون في 64 مدرسة وبعضها مخصص لملاجئ الطوارئ”.
ويأتي ذلك فيما أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يؤآف غالانت، بفرض حصار شامل على قطاع غزة، معلنا أنه “لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شيء مغلق”.
وحذر المسؤولون الفلسطينيون من تداعيات وخيمة للإجراء الإسرائيلي.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أهمية إيصال المساعدات الإغاثية والطبية لسكان غزة لمنع حدوث “كارثة إنسانية” في القطاع.
وجاء ذلك خلال اتصال أجراه عباس مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرتش، الذي أكد بأنه يجرى اتصالات مع جميع الأطراف الدولية المعنية من أجل وقف “التصعيد” في غزة.
وفي السياق، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن السلطة الفلسطينية تتواصل مع القيادة المصرية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لإيصال المساعدات الطبية إلى قطاع غزة.
— توتر على الجبهة اللبنانية
وبموازاة تصعيد جولة القتال في غزة ومحيطها، دخل حزب الله اللبناني على خط المواجهة وهاجم ثكنتين إسرائيليتين بعد مقتل ثلاثة من عناصره في قصف للجيش الإسرائيلي.
وقال حزب الله في بيان اليوم إنه “بعد استشهاد 3 من الأخوة المجاهدين عصر اليوم نتيجة للاعتداءات الإسرائيلية على البلدات والقرى اللبنانية، قامت مجموعات من المقاومة الإسلامية في رد أولي بمهاجمة ثكنتي برانيت وأفيفيم” شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان.
وأوضح أن الهجوم على الثكنتين جرى “بواسطة الصواريخ الموجهة وقذائف الهاون وأصابتهما إصابات مباشرة”.
وردا على هجوم حزب الله الأخير، قصف الجيش الإسرائيلي مجددا مناطق حدودية في لبنان، ما أسفر عن إصابة ضابط لبناني بجروح، وفق الجيش اللبناني.
وبدأ التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية اليوم بتسلل مجموعة مسلحة من لبنان إلى إسرائيل عبر السياج الحدودي في محور الضهيرة في القطاع الغربي من جنوب لبنان والاشتباك مع قوات الجيش الإسرائيلي بالأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة.
وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في بيان مسؤوليتها عن الهجوم الذي حصل بعد ظهر اليوم في الجنوب اللبناني، مشيرة إلى إصابة سبعة جنود إسرائيليين، بينهم إصابة خطيرة.
فيما قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه قتل مسلحين اثنين عبرا الحدود من الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل خلال تبادل لإطلاق نار، بينما فر ثالث عائدا إلى لبنان، كما شنت مروحياته عصر اليوم غارات على الأراضي اللبنانية.
وتأتي تطورات اليوم غداة إعلان حزب الله عن قصف ثلاثة مواقع إسرائيلية بالصواريخ والقذائف في منطقة مزارع شبعا، قائلا إن ذلك جاء “على طريق تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة، وتضامنا مع المقاومة الفلسطينية، قبل أن يرد الجيش الإسرائيلي بقصف مناطق في جنوب لبنان.
— جهود دولية لإنهاء العنف
ورغم هذه التطورات المتسارعة في المعركة بين الفلسطينيين وإسرائيل والتوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، تواصلت الجهود الدولية لإنهاء العنف.
وهاتف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، لبحث التطورات المتصاعدة والمستجدات الخطيرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقال غوتيريش في بيان اليوم “إن أعمال العنف الأخيرة هذه لا تأتي من فراغ، حيث إنها في الحقيقة نشأت من صراع طويل الأمد مع احتلال دام 56 عاما ولا نهاية سياسية تلوح في الأفق. لقد حان الوقت لإنهاء الحلقة المفرغة من إراقة الدماء والكراهية والاستقطاب”.
وأدان غوتيريش الهجمات التي شنتها حركة حماس وآخرون ضد مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، وأعرب عن قلقه إزاء الهجمات الانتقامية الإسرائيلية على غزة.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، في مؤتمر صحفي يومي تعليقا على الصراع بين إسرائيل والمجموعات المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن الصين تشعر بالقلق البالغ إزاء تصعيد الصراع بين الجانبين في الآونة الأخيرة، وتشعر بعميق الأسف إزاء سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين جراء الصراع.
وأكدت ماو أن الصين تعارض الأعمال التي من شأنها الإضرار بالمدنيين وتدينها.
وأوضحت أن الصين تعارض الأعمال التي توسّع نطاق الصراع وتقوض الاستقرار الإقليمي، وأنها تأمل وقف إطلاق النار واستعادة السلام خلال وقت قريب. وأضافت أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يلعب دوره بجد، وأن يعمل معا على تهدئة الوضع.
وأوضحت ماو أن السبيل للخروج من دائرة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يكمن في استئناف محادثات السلام وتنفيذ حل الدولتين وتحقيق تسوية شاملة ومناسبة للقضية الفلسطينية تضمن معالجة الشواغل المشروعة لجميع الأطراف، من خلال سبل سياسية في أقرب وقت ممكن.
وتابعت قائلة إن الصين ستواصل العمل دون كلل مع المجتمع الدولي من أجل تحقيق هذا الهدف.
كما دعت روسيا وجامعة الدول العربية إلى وقف أي أعمال عدائية بين إسرائيل وفلسطين والعودة إلى المفاوضات، خلال محادثات في موسكو بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وقال لافروف “إننا أكدنا موقفنا من عدم قبول أي عنف ودمار وسقوط مدنيين (بغض النظر عن الجانب الذي ينتمون إليه)”.
ونقلت وزارة الخارجية الروسية عن لافروف قوله إن “جامعة الدول العربية والاتحاد الروسي طالبا بوقف فوري لأية أعمال عدائية والانتقال إلى المفاوضات”، مؤكدا من جديد التزام موسكو بحل الدولتين للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي