بدأ توافد جموع كثيرة من حجاج بيت الله على صعيد جبل عرفات، في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، لأداء الركن الأعظم في الحج بالوقوف بعرفة، الذي من المنتظر أن يقضي الحجاج يومهم إلى غروب الشمس في عرفات قبيل النفير إلى مزدلفة.
ومع غروب شمس هذا اليوم تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة ويصلون فيها المغرب والعشاء ويقفون فيها حتى فجر غد العاشر من شهر ذي الحجة لأن المبيت في مزدلفة؛ حيث بات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيها، وصلى بها الفجر.
اضغط هنا لمشاهدة فيديو الوقوف على جبل عرفات
قصة جبل عرفات
تعود قصة جبل عرفات وتسميته بهذا الاسم ، إلى أن الحجاج يتعارفون عليه كونهم قدموا من كل فج عميق، وقيل لأن جبريل- عليه السلام- طاف بنبي الله إبراهيم، وكان يريه المشاهد، فيقول له: “أعرفت؟ أعرفت؟” فيرد عليه نبي الله إبراهيم: “عرفت، عرفت”، وقيل إن سبب تسميته باسم جبل عرفة؛ لأن آدم وحواء عليهما السلام، حينما هبطا من الجنة التقيا فيه فعرفها وعرفته، إلا أنه ورغم كل تلك الأسباب التي اتخذ الجبل منها اسمه يظل الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم.
وجبل عرفات ، هو اسم لمكان واحد فيه ركن الحج الأعظم لقوله النبي- صلى الله عليه وسلم- «الحج عرفة»، وهو المشعر الوحيد الذي يقع خارج الحرم، وعلى الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو 22 كيلومترًا، وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى، و6 كيلومترات من المزدلفة، وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى جبل الرحمة الذي يصل طوله إلى 300 متر.
وجبل عرفات هو الجبل الذي يتوافد عليه الحجاج في التاسع من ذي الحجة أو ما يعرف بـ يوم عرفة ووقفة عيد الأضحى المبارك، والذي يقف عليه أكثر من مليوني حاج ملبين نداء نبي الله إبراهيم حينما قال له ربه «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»، لم يتخيل أن تلك المنطقة ليس بها سكان او عمران إلا أيام الحج باستثناء بعض المنشآت الحكومية.
عندما يقف الحجيج في عرفات ينتصب أمامهم مسجدة “نَمرة”، و”نمرة” هو جبل نزل به النبي- صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا وجمعًا، جمع تقديم، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة، وفي أول عهد الخلافة العباسية، في منتصف القرن الثاني الهجري، بنى مسجد في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد “نمرة”.
بعد بناء مسجد نمرة توالت توسعاته على مر التاريخ وصولًا للوقت الحالي، فأصبحت مساحته 124 ألف متر مربع، وهو مؤلف من طابقين مجهزين بنظام للتبريد والمرافق الصحية، ويتسع لأكثر من 300 ألف من المصلين، ويصلي فيه الحجاج ويأتون ويستمعون إلى خطبة خطيب المسجد، ثم يصلون الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم يشرعون بالدعاء والتضرع ومسألة الله تعالى حتى غروب الشمس.
وخلال حج النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) “حجة الوداع”، نهى الرسول عن الوقوف به بوادي عرنة بقوله صلى الله عليه وسلم «عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة»، لأنه ليس من عرفة فهو من أودية مكة المكرمة وهو خارج عن عرفات وداخل في الحل وليس بمشعر، وهو حد فاصل بين الحل والحرم.
قصة جبل عرفات
والوقوف بعرفة أعظم مناسك الحج على الإطلاق، ويبتدأ من بعد صلاة ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة وحتى فجر يوم النحر، وعرفة كلها موقف إلا بطن عُرَنَة، من أسمائه جبل الرحمة، وجبل القرين، وجبل النابت، وشعيرة الوقوف بعرفة هي شعيرة الحج الوحيدة التي يؤديها الحجيج خارج حدود الحرم
كما أن جبل عرفات ، هو مكان شريف يجتمع إليه الحجيج من كل أرجاء الدنيا في التاسع من ذي الحجة كل عام، رافعين أيديهم بالتضرع والدعاء لله عز وجل، به جبل عرفات المسمى (جبل الرحمة) ، وعندما يقف الحجيج ليؤدوا ركن الحج الأكبر على صعيد عرفة يظهر أمامهم (مسجد نمرة)، ونمرة: جبل نزل به النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا جمع تقديم، وانصرف منها إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
وعن حكم صعود جبل عرفات ، فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «خذوا عني مناسككم»، و الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ساروا على هذا النهج حكم ومن تبعهم فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكاً لهم؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار، وقال: «وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة».
كما ورد أن صعوده يعد من الأخطاء التي ترتكب يوم عرفة بأن يصعد الحجاج جبل الرحمة ويشقون على أنفسهم، فيما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بالوقوف على عرفة وليس صعوده، وعليه فإن الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم الذي يعني تفويته تفويت الحج، فمن تركه فسد حجه.
صيام يوم عرفة
صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين فرَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». أخرجه مسلم.
وقد ورد في صيام يوم عرفة العديد من الأحاديث ويستحب صومه لغير الحاج مستحب باتفاق الفقهاء، ويستحب الدعاء فيه، وورد دعاء يوم عرفة في حديث نبوي صحيح، وهو: «لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
فضل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، فقد جاء الفضل في صيام هذا اليوم على أنه أحد أيام تسع ذي الحجة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها فعن هنيدة بن خالد-رضي الله عنه- عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر وخميسين»، كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم في الصحيح وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.
حكم صيام يوم عرفة للحاج وغيره
اتفق الفقهاء جميعًا على استحباب صيام يوم عرفة لغير الحاج، وصيام عرفة أفضل له فضل عظيم ومنها مغفرة الله -عز وجل- للعبد ذنوب سنة قبله وسنة بعده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ».
واختلف الفقهاء في حكم صيام الحاج ليوم عرفة، والسبب في استحباب الفطر في يوم عرفة لِمن كان يؤدي ركن الوقوف بعرفة أن الحاج يتقوى بفطره على الطاعة والدعاء، لأن الصيام قد يسبب له التعب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- فطر يوم عرفة، قالت لبابة بنت الحارث: «أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقِفٌ علَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ».
أكدت دار الإفتاء المصرية أن صيام يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة، ومكروه بالنسبة للحجاج، مشيرة إلى أن صوم العشر الأوائل للحاج مستحب.
وقالت دار الإفتاء المصرية إنه ذهب جمهور الفقهاء -المالكية والشافعية والحنابلة- إلى عدم استحباب صوم يوم عرفة للحاج ولو كان قويًا، وصومه مكروه له عند المالكية والحنابلة وخلاف الأولى عند الشافعية؛ لما روت أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ». أخرجه البخارى، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا «أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ».
كما قال الشيخ أحمد عبد الحليم، عضو مركز الأزهر العالمي، في إجابته عن سؤال: «هل يجوز صيام يوم عرفة في حالة إلغاء الحج هذا العام؟»، إن صيام يوم عرفة سنة مؤكدة ومستحب لغير الحاج، منوهًا بأن صيام يوم عرفة متعلق باليوم نفسه وليس بأداء الحج، لأن من يؤدي الفريضة لا يصوم هذا اليوم لانشغاله بأداء مناسك الحج ويكون قادرًا على أدائها.
فضل يوم عرفة
قالت دار الإفتاء أن الفقهاء اتفقوا على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، ورَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». أخرجه مسلم.
وبينت أن يوم عرفة مِن أفضل الأيام، مستشهدة بما قَالَتْه عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ الله فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ». رواه مسلم (1348).