لم تواجه شيماء صالح، أزمات ذات علاقة بالطقس في بداية انتقالها للعيش في الغرب، لكن المشكلة بدأت منذ عامين عندما ارتفعت درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، تقول الصحفية المقيمة في مدينة “منتون” الفرنسية، إنه في آخر سنتين أصبح الحر لا يطاق؛ تحديدًا خلال يوليو وأغسطس.
تأثر الغرب بشكل كبير بموجات الحر الشديدة الناجمة عن التغير المناخي، الذي تسبب في حرائق في إسبانيا واليونان وكندا وأمريكا كانت هي الأشد والأصعب خلال الصيف الجاري.
تعرضت دول أوروبية خلال يوليو الماضي لأعلى درجات حرارة تصل إليها على الإطلاق، في غضون أيام، وصدرت تحذيرات من وصول الحرارة الشديدة في بعض الدول إلى 48 درجة مئوية، ما يهدد البشر والماشية والمحاصيل.
بما تسببت درجات الحرارة في حرائق غابات في كرواتيا، في حين عانى السياح والسكان المحليون من فكرة التكيف مع درجات حرارة تتعدى الـ45 درجة مئوية، في إسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا، وفق ما ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
مواطنون عرب يعيشون في أوروبا وكندا تحدثوا لـ”اليوم“، وأوضحوا تجربتهم مع موجات الحر الشديدة في الدول الغربية.
بيوت غير مؤهلة
تقول شيماء صالح، المقيمة في جنوب فرنسا، لـ”اليوم“، إنها تعيش في المدينة منذ 4 سنوات تقريبًا، موضحة أن جوها أقرب إلى الإسكندرية المصرية، موضحة أن الجو خلال أول سنتين كان لطيفا مائلا للبرودة في الصيف، والحر في الغالب لا يتعدى أسبوعين كل عام.
وأوضحت أن المشكلة تكمن في تصميم البيوت ومساحاتها؛ فالبيوت صغيرة جدًا خصوصًا في المدن وتصل إلى 30 أو 40 مترًا، وفي حال كانت العائلة كبيرة لا تتعدى مساحة المنزل 70 مترًا، قائلة: “أعيش في بيت 35 مترًا، وبعد تغير الجو وأصبح أكثر سخونة لا أستطيع النزول من البيت في المساحات العامة والحدائق”.
وأضافت “البيت ضيق جدًا مع عدم وجود مراوح وتكييفات، هذا غير أن البيوت مصممة على أنها تتحمل البرد وليس الحر فأصبح الوضع صعبا، وأحيانًا أشعر أنني سأفقد الوعي من شدة الحرارة وارتفاع الرطوبة التي تصل إلى 80 أو 90%، ومع ذلك الوضع أرحم كثيرا من باريس وليون وغيرهما إذ لا يمكن الخروج من الساعة 11 إلى 4 العصر.. الوضع صعب جدًا”.
وأشارت شيماء صالح إلى أن ضيق المنازل جعلها لا تطاق في الحر الشديد، كما أنها أيضًا لا تصلح لتركيب تكييف ولا لوجود مروحة بسبب تصميمها وصغر حجمها.
أزمة كبيرة
الباحثة هبة رمضان، التي تعيش في ألمانيا، أوضحت لـ”اليوم، أن موجات الحر أصبحت تشكل أزمة كبيرة لأن كل البيوت مصممة على تحمل أجواء البرد والثلج، فالبيوت لا يوجد بها تكييفات ومصممة على أنها تحتفظ بالحرارة داخل البيت.
وأشارت إلى أنه لا يوجد تكييفات في المحلات التجارية والمراوح غالبًا بقدرات بسيطة جدًا، وهناك صعوبة للحصول عليها ربما يمكن شرائها من خلال الإنترنت.
وأكدت رمضان أن الناس إنتاجيتها تقل جدا في الحر وهناك آخرون لا يمكنهم تحمل الحر، خصوصًا أن الشمس عمودية جدًا، فإذا كنت تسكن منطقة غير ساحلية فلن يكون لديك متنفس لأن النهار طويل جدًا والليل قصير، فالشمس موجودة معظم اليوم، والجو يتحسن بداية من منتصف الليل.
أما ياسر شكري المحامي الذي يقضي 3 أشهر الصيف بمونتريال في كندا، يقول لـ”اليوم“، إن الجو لم يصبح مثل سابق عهده وأنه غالبًا لطيف ولكن متقلب جدًا ما بين حر ومعتدل، وبالتأكيد اختلف كثيرًا عن ذي قبل.
ولا يشعر ياسر بضجر من هذه الأجواء لأنه معتاد على الجو الحار، موضحًا أنه لا يوجد مراوح أو تكييفات ويتعايش الناس.
موجة حر مستحيلة
قالت دراسة علمية نشرتها “بي بي سي” إن موجات الحر التي شهدتها دول أوروبا والولايات المتحدة خلال شهر يوليو تعد “مستحيلة عمليًا” في حدوثها لولا تغير المناخ بسبب الأنشطة البشرية.
وأدى الاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود الأحفوري إلى زيادة احتمالية حدوث موجات الحر التي تؤثر على مناطق في الصين بواقع 50 مرة.
وأكدت الدراسة إلى أن تأثير تغير المناخ يعني أن موجة الحر التي شهدتها دول جنوب أوروبا كانت أكثر سخونة بمقدار 2.5 درجة مئوية.