أثني الدكتور محمد محمود مهران، الخبير في القانون الدولي، على بيان وزارة الري بشأن نتائج مفاوضات سد النهضة، الذي أكد حق مصر التام في اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن مصالحها الحيوية، مشيداً بحزم الموقف المصري ووضوح الرسالة التي أرسلتها القيادة السياسية مفادها أن الوقت قد حان بالفعل لاتخاذ ما يلزم من خطوات لردع أي محاولات للمساس بالأمن المائي المصري.
وأكد الدكتور محمد محمود مهران، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، في تصريحات خاصة لـ”صدى البلد”، أن مصر لجأت لهذا الخيار بعد أن استنفذت كافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية والسلمية من دون جدوى بسبب تعنت إثيوبيا وإصرارها على تجاهل القانون الدولي ومصالح دولتي المصب (مصر والسودان)، معتبراً أن فشل المفاوضات بشأن سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا يمنح مصر الحق الكامل في الدفاع عن أمنها المائي المهدد، وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
مصر استنفدت الوسائل الدبلوماسية
كما أوضح أن مصر استنفدت كافة الوسائل الدبلوماسية على مدار سنوات للتوصل لاتفاق عادل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، غير أن تعنت إثيوبيا وإصرارها على فرض الأمر الواقع دون احترام لحقوق دولتي المصب أوصل الأزمة لمرحلة خطيرة، مما يستدعي التصدي الفوري.
وبين أستاذ القانون الدولي أن نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على أن “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة”، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال، فيما للمجلس من الحق في أن يتخذ ما يراه ضرورياً من إجراءات حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين.
الوضع لم يعد يحتمل المماطلة
وحذر الخبير الدولي من أن الوضع لم يعد يحتمل المماطلة، وأن مصر ستتخذ كافة التدابير اللازمة لرد أي عدوان تتعرض له جراء السد في حال استمرار السلوك غير القانوني لإثيوبيا، مشددًا على أن الدفاع عن النفس حق مشروع ومكفول لمصر لحماية أمنها القومي.
ودعا المجتمع الدولي للضغط على إثيوبيا لوقف تهديداتها والتوقيع الفوري على اتفاق ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد بما يضمن حقوق مصر والسودان المكتسبة والتاريخية في مياه النيل.
وشدد أستاذ القانون الدولي على أنه لم يعد بمقدور مصر الصمت والرضوخ أمام محاولات الاستيلاء علي حقوقها المائية وتهديد أمنها القومي على يد نظام إثيوبي متعطش للسيطرة والنفوذ، قام بافلاس دولته نتيجة سد يدعو انه للنهضة ولكنه في الواقع لا علاقة بالنهضة وانما له أهداف أخرى تمس دولتي المصب، محذراً من أن حروب المياه بدأت بالاشتعال في ظل تفاقم أزمة المناخ وشح الموارد.
كما أشار مهران إلى أن المشاهد الحالية تؤكد أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد صراعات مسلحة حول حصص الدول من مياه الأنهار في حال استمرار غياب سيادة القانون الدولي، مناشداً المجتمع الدولي بكل مؤسساته الرسمية والأهلية للاضطلاع بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والتدخل العاجل لتغليب المنطق والحكمة وإنقاذ الشعوب من ويلات الحروب والنزاعات، متسائلاً “هل سنقف مكتوفي الأيدي أمام مذابح جديدة ونكرر أخطاء الماضي؟”.