ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية؟
وقالت دار الإفتاء، إن الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية، أمرٌ مشروعٌ مستحبٌّ حَسَنٌ؛ بعموم الأدلة الدالَّة على استحباب قراءة القرآن واستماعه.
كما أن تقديم بعض المأكولات ونحوها أثناء الاجتماع من باب إطعام الطعام الذي تضافرت نصوص الشرع الشريف في الحثِّ عليه، وأنه من الأسباب التي يترجى بها الفوز بدخول الجنة. وهذا كله مع مراعاة أنَّه في حال إقامة هذه الأمور في الأماكن العامة أو المساجد يلزم التقيد باللوائح والتعليمات التي تقررها الجهات المختصة بهذا الشأن.
وأمر الشرع الحنيف عباده بقراءة القرآن الكريم وترتيله، فقال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4]، ورتَّب على ذلك الأجر المضاعف، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ [فاطر: 29]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» أخرجه مسلم، وقال أيضًا صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: ﴿الٓمٓ﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» أخرجه الترمذي في “سننه”
ويتزايد هذا الفضل ويتضاعف الثواب بقراءة القرآن ومدارسته وختمه في شهر رمضان؛ للخصوصية والعلاقة الوثيقة بينهما، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185].
وذكرت أنه من المقرر أن قراءة القرآن مشروعةٌ مُطْلَقًا بعموم الأدلة الشرعية التي جاءت في الحَثِّ على قراءة كتاب الله واستماعه والإنصات إليه؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، كما أن الاجتماع لها أمرٌ مشروعٌ بعموم الأدلة التي جاءت في الحَثِّ على الاجتماع على الذِّكر والقرآن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه مسلمٌ.
وقد نص الفقهاء على استحباب الاستماع إلى القرآن الكريم؛ لحبه صلى الله عليه وآله وسلم أن يسمع القرآن من أصحابه رضي الله عنهم، ولكون الاستماع إلى قراءة القرآن أقوى في التدبر، كما أنه أثوب في الأجر، فضلًا عن أن قراءة القرآن مستحبة، غير أن الإنصات إليه واجب.