تسعى مصر منذ اندلاع جولة المعارك الأخيرة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، لإيجاد مسار للتهدئة وحلول لحقن دماء المدنيين، وأكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدور المصري، يعتبر القضية الفلسطينية صاحبة الاهتمام الأول للأمن القومي المصري، وركيزة استقرار المنطقة؛ واتخذت القيادة السياسية خطوات واضحة وحاسمة من خلال التواصل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بجانب الأطراف الإقليمية والدولية لضمان التوصل إلى حلول عاجلة على المستوى الإنساني والسياسي.
وأكد الدراسة أن الموقف المصري، على مدار العقود واضح من القضية الفلسطينية القائمة على الحفاظ على مقدرات الدولة الفلسطينية وسلامة شعبها، وحماية المدنيين، وتحقيق مبادئ الشرعية الدولية، وكذلك حل الدولتين القائم على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والالتزام باتفاقية جنيف.
وظهر منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الاقصى” في 7 أكتوبر 2023، ومع استمرار العمليات وتهديد استقرار المنطقة، كان هناك تأكيد رئاسي من القيادة المصرية للحفاظ على أمن ومقدرات الدول العربية، ودعم المدنيين، وذلك باتخاذ خطوات فعلية على المستوى السياسي الدبلوماسي، والإنساني.
جهود مصر الإنسانية
وفيما يلي جهود مصر على المستوى الإنساني:
- وجه الرئيس السيسي بتقديم المساعدات والإغاثة العاجلة لقطاع غزة، عقب إعلان الجانب الإسرائيلي فرض الحصار على غزة.
- أطلق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي قافلة شاملة في بداية تقديم المساعدات تضم 106 قاطرات محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية تتضمن 1000 طن من المواد الغذائية واللحوم و40 ألف “بطانية” و80 خيمة، بجانب ما يزيد على 46 ألف قطعة ملابس، وأكثر من 290 ألف علبة من الأدوية والمستلزمات الطبية، ومواصلة جهوده في إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية بكافة أشكالها حتى تحسن الأوضاع.
- دشنت مبادرة حياة كريمة ومبادرة “كتف بكتف” حملة لجمع التبرعات لصالح فلسطين، وقيام حملة الرئيس السيسي بالتبرع بالدم لصالح الضحايا من الفلسطينين، يضاف إلى ذلك رفض مصر إجلاء أي رعايا أجانب من قطاع غزة عبر معبر رفح إلا بعد إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل فوري للحيلولة دون تفاقم الأوضاع الإنسانية.
- وفتحت مصر معبر رفح الحدودي والذي يبعد 45 كم2 عن حدود غزة، وأعلنت الخارجية المصرية عدم إغلاق معبر رفح منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، وطالبت مصر الجانب الإسرائيلي عدم استهداف المعبر من تجاه فلسطين الذي تسبب في تعرضه للتدمير مما يعيق سير العمليات، حتى يتم إيصال المساعدات بشكل سليم.
- وحددت مصر مطار العريش لاستقبال المساعدات الإنسانية من الدول ومنظمات الإغاثة وتوصيلها للقطاع عبر معبر رفح، في ظل حالة الحصار التي فرضتها إسرائيل على المدنيين، وجهود دبلوماسية لتوفير ممرات آمنة: أجرت مصر عدة محادثات مع المنظمات والقوى الإقليمية والدولية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية، فقامت مصر بالاتصال بالأمم المتحدة ووكالات الإغاثة لإرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.
الجهود الدبلوماسية المصرية
وفي إطار الحلول السياسية والدبلوماسية، استقبلت مصر العديد من دول العالم وتحديدا أوروبا، حيث استقبلت القاهرة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ووزير الخارجية الأمريكي أنتونتي بلينكن، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
كما استضافت القاهرة مؤتمر القاهرة للسلام 2023، في 21 أكتوبر الماضى، والذي استضافت عدد كبير من قادة وزعماء العالم، لتعلن مصر عن رؤيتها التى تستهدف حلًا عادلًا وشاملًا يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، رؤية أجهضت من خلالها المخططات الغربية تنحاز لإسرائيل وتستهدف استبعاد غزة من سيناريو حل الدولتين وتخطط لاستبعاد فصائل فلسطينية معينة من المشهد وإقصاءها.
وألقت مصر الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة من استهداف وقتل وترويع كل المدنيين المسالمين، بالتزامن مع وضع خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور كالتالي:
- التدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة.
- التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار.
- البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام.
- أعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى.
- بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية.
جهود مصر السياسية
وعلى المستوى السياسى أيضا نجحت مصر فى انتزاع مواقف دولية للحيلولة دون تصفية القضية الفلسطينية، واجهاض مؤامرة التجهير. وترتكز الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية سوى من خلال الدولتين، ويظلّ إحياء المسار السياسي بندًا رئيسًا على أجندة الدولة المصرية، حتى في ظلّ اشتعال المواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
في الوقت نفسه، واجهت مصر المخططات الإسرائيلية لتنفيذ مخطط “التهجير القسري” للفلسطينيين باتجاه سيناء لتصدير الأزمة لمصر، وأعلنت مصر بشكل واضح أن التهجير القسري للفلسطينيين مرفوض، وأن محاولات تصفية القضية الفلسطينية مرفوضة، وأن تصدير الأزمة لمصر هو خط أحمر غير قابل للنقاش.
وتؤكد التحركات المصرية على ضرورة وقف إطلاق النار أولا، وأن الحل لا يجب ان يقتصر على الحديث عن مستقبل غزة بل يشمل القضية الفلسطينية، باعتبار أن الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة وحدة سياسية واحدة تشكل معًا الدولة الفلسطينية، وأن مصر بذلت الكثير من الجهود من أجل إبقاء عملية السلام أو التسوية السياسية للصراع على قيد الحياة، رغم العقبات التي شهدتها من إسرائيل أولًا، ثم من جانب بعض الفصائل الفلسطينية.