أدت ما تعرف بـ ظاهرة النينو لارتفاع قياسي في متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية في فصل الصيف، ما أدى لتعرض مناطق عدة لموجات من الحرارة المرتفعة خلال الأيام الماضية، أبرزها مصر.
ظاهرة النينو
ومع استمرار تطور ظاهرة النينو في شرق المحيط الهادي، لا زالت مناطق عديد خاصة تلك الواقعة على خط الاستواء والقريبة من العروض المدارية، تتعرض لأمطار غزيرة، بفعل استمرار عملية التبخر هناك بفعل ارتفاع الحرارة ما يعمل على استمرار تغذية طبقات الغلاف الجوي بكميات كبيرة من الرطوبة.
كشفت الدكتورة إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بعد في هيئة الأرصاد الجوية، عن تأثير ظاهرة النينو على مصر خلال الفترة المقبلة، في ضوء التحذيرات العالمية من تلك الظاهرة، والتغيرات المناخية التي يشهدها العالم خلال الفترة المقبلة بسببها.
وقالت “شاكر”، إن البلاد تأثرت خلال الأيام الماضية بمنخفض قطبي قادم من تركيا وقبرص واتجه نحو مصر، ثم توجه إلى فلسطين سوريا ولبنان، عمل على انخفاض درجات الحرارة ونشاط الرياح التي عملت على زيادة الاحساس بالبرودة».
وتابعت عضو أن المركز الأمريكي أصدر تقارير أن ظاهرة النينو ستؤثر علينا في الفترة المقبلة، خاصة في فصل الشتاء مما يجعله أكثر برودة من الأعوام الماضية، ألا أن التقارير لم تحدد دولة معينة أو منطقة معينة وإنما هو متوسط درجات الحرارة على مستوى العالم.
وأشارت مسؤولة الأرصاد الجوية، أن الحديث من قبل المركز الأمريكي لا يعني أن كل الدول ستتأثر بشكل قوي من حيث انخفاض درجات الحرارة، ولكن قد تكون في مناطق وأخرى لا تظهر تلك الظاهرة، ولكن التقارير بشكل عام تتحدث عن متوسطات عالمية على مستوى العالم.
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد، أن ظروف ظاهرة النينو تطورت في المناطق الاستوائية بالمحيط الهادئ للمرة الأولى منذ 7 سنوات، لتمهد الطريق لحدوث ارتفاع محتمل في درجات الحرارة العالمية وأنماط الطقس والمناخ المضطربة، لافتة إلى أن هناك احتمالا بنسبة 90% لاستمرار ظاهرة النينو خلال النصف الثاني من عام 2023، ومن المتوقع أن تتسم هذه الظاهرة بقوة معتدلة على أقل تقدير.
واضافت المنظمة العالمية للأرصاد أن ظاهرة النينو تحدث في المتوسط كل عامين إلى 7 أعوام، وتستمر النوبات عادةً من 9 إلى 12 شهراً، مشيرة إلى أنها نمط مناخي يحدث بشكل طبيعي ويقترن بارتفاع درجات حرارة سطح المحيط وسط وشرق المناطق الاستوائية في المحيط الهادي، ولكنه يحدث في سياق تغير مناخي ناجم عن الأنشطة البشرية.
وتوقع تقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالاً بنسبة 98% بأن تكون سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة، وفترة السنوات الخمس ككل، هي الأدفأ على الإطلاق، محطمة بذلك الرقم القياسي المسجل في عام 2016 عندما كانت ظاهرة النينو قوية بشكل استثنائي.
وتقترن ظاهرة النينو عادة بزيادة هطول الأمطار في أجزاء من المناطق الجنوبية في أمريكا الجنوبية وجنوب الولايات المتحدة والقرن الإفريقي ووسط آسيا، كما تتسبب في حدوث موجات جفاف شديدة فوق أستراليا وإندونيسيا وأجزاء من المناطق الجنوبية من آسيا وأمريكا الوسطى والمناطق الشمالية من أمريكا الجنوبية.
حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، من تهديد وشيك لظاهرة النينيو المناخية على سبل العيش والأمن الغذائي لملايين الأشخاص من السكان الأكثر ضعفا.
وأطلقت المنظمة الدولية خطة استجابة للحد من الآثار المتوقعة، مشيرة إلى أنها بحاجة وبشكل عاجل إلى تمويل يصل إلى 160 مليون دولار لتقديم الدعم لأكثر من 4.8 مليون شخص حتى مارس 2024.
وقالت (الفاو) إن هذه الخطة تعطي أولويات الإجراءات حاليا لحوالي 34 بلدا عبر شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ، والتي تم تحديدها بناء على تقييم الآثار التاريخية لظاهرة النينيو وغيرها من العوامل الرئيسية مثل أحدث التنبؤات المناخية الموسمية والموسمية الزراعية ونقاط الضعف الحالية.
ولفتت المنظمة إلى أن هذه الظاهرة ، التي ترتبط بأمطار أعلى من المتوسط خلال موسم الأمطار، قد تؤدي في شرق أفريقيا على سبيل المثال إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات وانهيارات أرضية خاصة في شرق إثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب أوغندا وأيضا في جنوب أفريقيا، لافتة إلى أنه فى أجزاء من أمريكا الجنوبية والوسطى عادة ما تؤدي ظاهرة النينيو إلى نقص في هطول الأمطار وبما يمكن أن يسبب آثارا سلبية كبيرة على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في الوقت الذي تؤثر الظاهرة تاثيرات متناقضة في جميع أنحاء آسيا والمحيط الهادىء.
وقالت المنظمه في بيانها :”إن العالم يدخل دورة النينيو هذه المرة مع رقم قياسي يبلغ 258 مليون شخص كانوا يعانون من الجوع الحاد في عام 2022 “.. لافتة إلى أن 20 % فقط من إجمالي الأموال المطلوبة هو لمواجهة ذلك خاصة مع ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وحذرت (الفاو) من أن تأثير الظاهرة المقبلة على الزراعة والأمن الغذائي قد يكون شديدا ويسبب معاناة إنسانية وخسائر اقتصادية كبيرة، لافتة إلى أن الظاهرة أثرت في الفترة من 2015 – 2016 بشدة على أكثر من 60 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ؛ مما دفع 23 دولة إلى توجيه نداء للحصول على مساعدات إنسانية دولية يبلغ مجموعها 5 مليارات دولار.
ما هي ظاهرة النينو؟
وتشير ظاهرة النينو إلى انخفاض درجات حرارة سطح المحيطات على نطاق واسع في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب تغيرات في دوران الغلاف الجوي المداري، مثل الرياح والضغط وهطول الأمطار.
أسباب ظاهرة النينو
ومن أسباب ظاهرة النينو وجود تيارات ساخنة في المحيط الهادئ متجهةً نحو الشرق لتصل إلى سواحل أمريكا الجنوبية نتيجة للتسخين الذي تُحدثه مجموعة هذه التيارات في قاع المحيط الهادئ، ومن الممكن أن تشكل مع غيرها منظومة متكاملة، تؤدي إلى التغير الكبير في درجات حرارة المياه وبالتالي تحدث ظاهرة النينو.
وتحدث ظاهرة النينو حسب التوقعات في مناطق مختلفة من العالم حيث يؤدي حدوث ظاهرة النينو تأثيرات متباينة، ففي أميركا الجنوبية التي تقع سواحلها على المحيط الهادي، على سبيل المثال، ستزيد احتمالات حدوث موجات جفاف قد تحد من قدرة غابات الأمازون على امتصاص غازات ثاني أكسيد الكربون من الجو، وتفاقم الاحتباس الحراري بسبب ظاهرة النينو.
وفي أستراليا، وبعد 3 سنوات من هطول الامطار القياسي، من المتوقع أن تعكس ظاهرة النينو هذا الاتجاه بشكل جذري، لتصبح موجات الحرّ والجفاف أكثر انتشارًا، خاصة خلال فصلي الشتاء والربيع.
تشير المراكز العالمية لإنتاج التنبؤات البعيدة المدى التابعة لـ المنظمة العالمية للأرصاد (WMO) إلى أن ثمة فرصة بنسبة 70 في المائة لامتداد ظاهرة النينو إلى أوائل شتاء 2022-2023 لنصف الكرة الشمالي.
تأثير ظاهرة النينو على المناخ
يتمثل تأثير ظاهرة النينو على المناخ في زيادة الاحتباس الحراري في عدة مناطق في العالم، ويمكن أيضًا لظاهرة النينو، وفق تقرير نشر على موقع «ذا كونفرسيشن«(The Convesation)، كما سيضيف تأثير ظاهرة النينو على المناخ 0.2 درجة مئوية للاحترار العالمي.
وتحدث ظاهرة النينو، على طول خط استواء في المحيط الهادي، وهي عبارة عن سلسلة من أحداث احترار وتبريد، وتعمل تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ الإستوائي الشرقي، وتحدث كل سنتين عن 7 سنوات وتستمر بين 9 إلى 12 شهر، تؤثر على المناطق في الكثير من المناطق الإستوائية وشبه الإستوائية، وتتحكم في نسب هطول الأمطار ودرجات الحرارة، كما ترفع نشاط الأعاصير في المحيط الهادي.