يمر اليوم بالذكرى الـ 691 لميلاد ابن خلدون أحد أشهر العلماء العرب ، وينسب إليه تأسيس علم الاجتماع ، إذ ولد في تونس يوم 27 مايو عام 1332 م ، الموافق رمضان 1 732 م. هـ ، وترعرع فيها وتخرج في جامعة الزيتونة ، وعين للكتابة والتوسط بين ملوك بلاد المغرب والأندلس ، ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق في حي المالكية ، وغادر يوم الجمعة 28 رمضان 808 هـ الموافق 19 مارس 1406 م.
انتقل ابن خلدون إلى القاهرة وأظهر افتتانه بمدى حضارتها ، وفي ذلك الوقت كان ابن خلدون قد بلغ الثانية والخمسين من عمره ، وكان شغوفًا وطموحًا في صفوف العلم ، لا في صفوف السياسة ، لكن هذا لم ينس قربه من “الظاهر برقوق” وحاكم مصر ، فشرفه وعينه في منصب تدريس الفقه المالكي في المدرسة “القمحية” ، ومع الوقت أحبته الأمور أكثر. إذ غضب السلطان على جمال الدين عبد الرحمن المالكي القاضي الملكي ، وعين مكانه ابن خلدون ، وكان القضاء في مصر في ذلك الوقت يعاني من الفساد واتباع الأهواء ، لكن ابن خلدون لم ينجرف وراء ذلك ، لكن معاصريه شهدوا له بالعدل والدقة ومحاولة إصلاح الفساد.
كان لابن خلدون أعداء كثيرون ، فقالوا للسلطان: كيف يمكن لمغربي أن يتولى مثل هذا المكانة الرفيعة في حين أن مصر بها الكثير من العلماء؟ ومن هنا كانت حيلة معارضي ابن خلدون هي إثارة حنق السلطان عليه. وغرقت السفينة التي كانت تقلهم بالقرب من الإسكندرية ، فزهد ابن خلدون الحياة ولم يعد يهتم بالوظيفة ، فأعفي من منصب رئيس قضاة المالكية.
يؤكد ابن خلدون أنه كان وسيطًا ومفاوضًا ، لكن عددًا من المؤرخين روايته متناقضة. ويقول المقريزي: إن من تفاوض مع تيمورلنك هو القاضي تقي الدين بن مفلح الحنبلي ، ويؤيده آخرون مثل ابن أياس ، فيقول إنهم اختاروا ابن مفلح لإتقانه اللغة التركية. إلا أن المقريزي يؤكد ارتباط ابن خلدون بالسلطان ويؤكد أنه فوضه بالعودة إلى القاهرة ، فغادر دمشق في رجب سنة 803 هـ ، واعترضه قطاع طرق سلبوه أمواله ، إلا أنه وصل إلى القاهرة بأمان في نفس العام.
ثم عاد ابن خلدون إلى مصر واستعاد منصب رئيس القضاة ، ولما بلغ السادسة والسبعين من عمره مات ابن خلدون من حياة مليئة بالنشاط والطموح والعمل ، ودفن في المقابر الصوفية.