رئيس زراعة الشيوخ : الزيادة السكانية تحد كبير أمام التنمية المستدامة
لمواجهة إفراط الاستهلاك.. برلمانية تطالب الأسر بتبني سياسة أولويات الشراء
خطة النواب: يجب مراجعة ضوابط الإنفاق لمواجهة الاستهلاك المفرط
أمين سر خطة النواب: الدول النامية الأكثر معاناة من أزمة الاستهلاك المفرط
أكد عدد من النواب أن الاستهلاك المفرط يتسبب في مشاكل كبيرة للدول، على رأسها وجود عجز كبير في الموازنات العامة، الأمر الذي يترتب عليه ضرورة وجود وضع خطط مسبقة لتحديد أوجه الإنفاق.
وأشار النواب، في تصريحاتهم لـ صدى البلد، إلى ضرورة أن تتواءم المصروفات وأوجه الانفاق للحكومات والأفراد، مع الإيرادات، حتى لا يتحول هذا استهلاكها إلى “استهلاك مفرط”، يؤدي لإحداث عجز شديد، كما ربط النواب بين “الاستهلاك المفرط” وبين معدلات الإنتاج، مؤكدين أن الدول النامية التي تعاني من نقص الموارد، هي المتأثرة بشكل أكبر من الاستهلاك المفرط.
في البداية، قال النائب عبد السلام الجبلي رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، إن الدولة بدأت بالفعل في إتخاذ خطوات جادة فيما يتعلق بوضع حلول للتعامل مع أزمة نقص الموارد العالمية والاستهلاك المفرط بها من خلال العمل علي الإستغلال الأمثل للثروات الطبيعية التي تملكها وهذا ما يظهر في تطور الصناعات المعدنية تحديدا لا سيما في استغلال الخامات وإعادة تصنيعها.
و أضاف “ الجبلي” فى تصريح لـ “ صدى البلد”، أن هناك عدد من مشروعات التطوير القومية التي أطلقتها الدولة في مجال تنمية الموارد المائية والعمل علي استدامتها، حيث تم إنشاء محطات مياه للتحلية وأخري لتدوير مياه الصرف الزراعي، معقبا “ حققنا تطور ملحوظ فيما يخص تدوير ومعالجة المياة” ، بجانب إنشاء أكبر محطات عالمية.
التعامل مع الزيادة السكانية
وعن أهم الحلول الداعمة للتعامل مع أزمة نقص الموارد العالمية، نوه رئيس لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، عن ضرورة التعامل مع الزيادة السكانية الملحوظة بشكل أكثر فعالية وذلك من كافة الجهات المختصة بالملف، بإعتبارها التحدى الأول أمام استدامة النمو و الموارد الطبيعية، حيث أن الزيادة السنوية للمواليد تقدر بحوالي 2.5 مليون طفل، وبالتالي يجب نشر التوعية بمختلف أشكالها للمواطن والعمل علي نشر مفهوم تنظيم الأسرة.
وتابع النائب : مصر دولة بها نسبة عالية للشباب ومعدل الوفيات منخفض، وبالتالي علينا استغلال هذه الطاقات البشرية بما يدعم تحقيق التنمية المستدامة والتي أهم مبادئها الاستغلال الأمثل للموارد مع حماية حقوق الأجيال المستقبلية.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلي ضرورة التركيز علي ملف اقتصاديات استخدام المياه فهو النقطة الأصلية في تحقيق الأمن المائي، في ظل تنوع أغراض استخدامها بالزراعة والصناعة وغيرها، قائلا “ لازم نستفيد بكل نقطة مياه والتخلي عن ثقافة الإهدار”.
وأختتم النائب حديثه، بالإشارة إلي جهود الدولة في زيادة مساحة الرقعة الزراعية بأكثر من 3.5 مليون فدان والعمل علي إيجاد توزيع صحيح للسكان وإقامة مجتمعات عمرانية تتماشي مع هذا التوسع.
ومن جانبها، قالت النائبة ميرفت الكسان عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن سلوك المواطن في الاستهلاك وشراء السلع يحتاج إلى التغيير في ظل أزمة التضخم التي طالت مختلف الدول وبينها مصر، حيث وجدت العديد من السلوكيات الخاطئة للمواطنين التي أصبحت سبب من أسباب إرتفاع الأسعار وهى الافراط في الكميات بل والتخزين أيضا.
تبني سياسة الأولويات
وأضافت “الكسان” لـ “ صدى البلد”، أن أهم الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة لضمان استخدام مستدام ومتوازن للموارد العالمية، هى تبنى سياسة الأولويات في الإنفاق من خلال التركيز علي الأساسيات الواجب تلبيتها ومن ثم تحقيق الإحتياجات الثانوية، كذلك الأمر بالنسبة للأسر ، علاوة علي توعية المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك.
ونوهت عضو لجنة الخطة والموازنة، بأن الشائعات التي يتم إطلاقها من قبل جماعات الشر حول قيم أسعار السلع، ويتم تداولها عبر مواقع التواصل الإجتماعى، من الممكن أن تؤدى إلي رفع السعر الحقيقي للسلعة وذلك بسبب تكرارها ونقلها بين المواطنين وبالتالي علي الحكومة مواجهة حرب الشائعات من خلال التوعية الإعلامية للمواطن بعدم الانسياق وراء هذه الأكاذيب.
وتابعت: أرى جهد كبير من مركز معلومات مجلس الوزارء في مد المواطن بكافة المعلومات اللازمة حول كافة الموضوعات التي تهم المواطن، لذا يجب علينا الثقة التامة في الدولة.
كما أشارت عضو مجلس النواب، إلى أن الدولة تتبع مسار تنموى صحيح من خلال وضعها لخطط فعالة من شأنها كبح التضخم وارتفاع الأسعار .
فيما أكد النائب محمد بدراوي، عضو لجنة الخطة والموازنة، بمجلس النواب، أن خطط الإنفاق يجب أن تكون متوائمة مع الموارد الخاصة بكل دولة، حتى لا نكون أمام استهلاك مفرط، لأنه في حال عدم وجود هذا التوازن، يحدث ما يسمى بالعجز، سواء على مستوى الدول أو الأفراد؛ لأن الإيرادات أو الموارد الإجمالية لا تغطي المصروفات.
مراجعة خطط الانفاق
وشدد “بدراوي” ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد” ـ على ضرورة مراجعة الدول والأفراد لخطط الإنفاق الخاصة بها، لكي تستطيع مواجهة تداعيات الاستهلاك المفرط، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتم تطبيقه حاليا بشيء من التفاوت، حيث أنه في بعض الأوقات تكون هناك خطط خاصة بترشيد الإنفاق على مستوى الدول والمجتمع والأفراد، وفي مراحل أخرى تتغافل الحكومات والمجتمعات هذا التناسب مع الموارد والمصروفات، وهو ما يسبب عجزا مستمرا ومتناميا في الموازنة العامة للدولة وفي كافة المشروعات التي تم التعامل معها.
وأوضح عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن مراجعة خطط الإنفاق، تشمل البنية التحتية والمشروعات الاستثمارية، واستهلاك المجتمع نفسه، وهو جزء منه متعلق بالطاقة وجزء آخر متعلق بالسلع الأساسية والكماليات والسيارات وغيرها، فكل تلك الخطط تحتاج إلى المراجعة مرة أخرى لكي يكون لدينا مستوى جيد من التوازن بين الموارد والمصروفات، ولا نكون أمام استهلاك مفرط.
وأكد بدراوي، على أهمية عمل خطط خمسية، التي يكون مستوى تفكيرها الأساسي، الوصول إلى أهداف محددة خلال 5 سنوات، مبنية على فكرة ترشيد الإنفاق وتلاشي الاستهلاك المفرط، وهذا تطبقه الحكومات الرشيدة، خاصة التي بها نسبة سكان مرتفعة، ويجب أن تضع في الاعتبار التوازن بين إيراداتها ومصروفاتها.
وحذر النائب من الاندفاع في الإنفاق سواء كان الإنفاق الاستثماري أو الاستهلاكي، بدون مراجعة ضوابط الإنفاق، حيث يجب أن تكون هناك مراجعة جيدة ودورية لتلك الخطط، ليس فقط في أوقات الأزمات، لكن بشكل عام.
وأشار إلى أنه لضمان استخدام مستدام ومتوازن للموارد العالمية، يجب ألا تقوم الحكومات بإجراءات استثمارية أو تضيف عليها أعباء تمويلية بدون دراسات جدوى مسبقة وواضحة أو نتائج لتلك المشروعات تستطيع سد الاحتياجات من خلالها، مضيفًا بأنه في حال وجود اضطرار لعمل تلك المشروعات نتيجة التأخر فيها، يكون من الأفضل أن يكون هناك جدول زمني سليم لهذا المستوى من المشروعات من الإنفاق، لكي يحدث ارتباك.
ولفت إلى أنه في حال عدم وجود جدول زمني ومراعاة هذا البعد، نكون أمام عدد من المشروعات في وقت واحد، بدون تدفقات مالية داخلية تسد الالتزامات التي تقع عليك، فتجد نفسك أمام التزامات أكثر من إيراداتك، وبالتالي تقع في فخ البحث عن موارد تغطي مستوى الاستهلاك.
وفي سياق متصل، قال النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رئيس حزب العدل، إنه لا يمكن الحديث عن الإستهلاك المفرط بمعزل عن عملية الإنتاج، فهناك دولًا تنتج كثيرًا ومواردها مرتفعة، وبالتالي نسبة الاستهلاك لديها مرتفعة، لكنها في الوقت نفسه متوازنة مع الموارد وهو ما لا يدخلها في دائرة الإفراط.
وأضاف “إمام” ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد” ـ أن أزمة الاستهلاك المفرط، تظهر بشكل أكبر في الدول الفقيرة أو دول العالم النامي، مثل مصر، حيث أن حجم ما تستهلكه تلك الدول، يصل في بعض الأحيان إلى حوالي 10 أضعاف ما تنتجه وهنا تكمن الأزمة.
أزمة الاستهلاك والانفتاح العالمى
ونوه أمين سر لجنة الخطة والموازنة، بأن جزء من أزمة الاستهلاك المفرط يرتبط بالانفتاح العالمي واستيراد الدول للسلع والمنتجات من دول أخرى في إطار الاتفاقيات المبرمة بين تلك الدول، وهذه السلع تؤدي إلى إحداث حالة اضطراب في السوق المحلي نتيجة سيطرتها على السوق على حساب المنتجات المحلية، بسبب رخص سعرها.
واستشهد في هذا الصدد بصناعة الملابس الجاهزة والنسيج، حيث أنه بعد سيطرة الصناعات الصينية والتركية على السوق المحلية بإمكانياتهم الضخمة وحجم الإنتاج الكبير، بدأوا طرح منتجاتهم بأسعر أقل، وهذا سبب أزمة ودمار لصناعة كبيرة كان يعمل بها الملايين.
وأشار إلى ضرورة تحديد السلع التي بها استهلاك كبير من جانب المواطنين ولدينا فيها مزايا إنتاج، ونقوم بعمل رسوم إغراق على المستورد منها، وبالتالي يبدأ المنتج المحلي بالتطور ويعود ذلك بالنفع على المجتمع ككل، وهو إجراء يجب أن تنفذه دول العالم، من أجل زيادة إنتاجها والموائمة بين مواردها واستهلاكها.
وأوضح أن الاستهلاك في أي دول في العالم، يجب أن يكون إيجابيًا، من خلال استهلاك السلع المنتجة محليًا، وألا يخل هذا الاستهلاك بميزان المدفوعات، مشيرًا إلى أنه لا يجب الخلط ما بين ترشيد الاستهلاك والإفراط فيه، لأنه من الطبيعي أن الشعوب تستهلك كجزء من الرفاهية التي تبحث عنها شعوب أي دولة في العالم.
ولفت أمين سر لجنة الخطة والموازنة، إلى أن من العوامل التي تضمن استخدام مستدام ومتوازن للموارد العالمية، هو ملف إعادة التدوير، وهو ملف غائب لدى كثير من الدول، خاصة في مصر، ولم يأخذ حقه، على الرغم من القوانين الصادرة لدعم هذا الملف، والمؤتمرات العالمية التي تعقد، ومنها مؤتمرات المناخ، والتي كان آخرها cop27 بشرم الشيخ.
وأوضح أن هناك مجموعة من العوائق التي تواجه ملف إعادة التدوير، تتعلق بأسباب تمويله، على الرغم من أن هناك منح دولية توجه لتوطين مثل تلك الصناعات، كما أن هناك مشكلة تتعلق بالمواطن نفسه ومدى تفاعله مع تلك الإجراءات المتعلقة بمنتجات إعادة التدوير.