اتخذت مصر وتركيا مرحلة جديدة، تتعلق بإعادة العلاقات بينهما لسابق عهدها، حيث تعددت اللقاءات والزيارات التي تؤكد ذلك، والتي توالت عقب لقاء جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، في العاصمة القطرية الدوحة نوفمبر 2022، ثم تقديم القاهرة الدعم والمواساة لأنقرة أثناء محنتها بعد زلزال فبراير المدمر.
ثقل كبير في المنطقة
قالت رميساء كاداك، ثاني أصغر نائبة في البرلمان التركي، إن مصر دولة كبيرة وبلد رائع وأحبه كثيرًا وتربطنا بالقاهرة علاقات كبيرة وتاريخية.
وأضافت في حديثها مع موفدة «القاهرة الإخبارية» ليندا عبداللطيف، أن مصر وتركيا لهما وزنهما وثقلهما في المنطقة إقليميًا، متوقعة نمو العلاقات بشكل متسارع بينهما خلال الخمس سنوات المقبلة، فنحن لدينا تاريخ ثري وكثير من أوجه التشابه بين مصر وتركيا.
ووجهت الشكر إلى المواطنين الأتراك الذين أثبتوا أمام العالم أنهم جديرون بالديمقراطية، خصوصًا بعد أن وصل معدل المشاركة في الانتخابات التركية 85% وتعد الأعلى مشاركة في القارة الأوروبية.
وبشأن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا، ذكرت أن الدولة التركية غير محصنة ضد الصدمات والتحديات العالمية، مثل الأزمة «الروسية – الأوكرانية» التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة وجائحة كورونا، لكن تمكنت تركيا من تحقيق تقدم كبير في الاستثمارات بقطاع الطاقة وحققت معدلات كبيرة عالميًا وظهر ذلك في قطاع السياحة والصادرات.
وعن نسبة الإقبال الكبيرة التي شهدتها مدينة إسطنبول، ذكرت أن المواطنين في هذه المدينة يقدرون الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وقادر على أنه إعادة بناء منازل المتضررين من «الزلزال المدمر».
وأكدت أن الشباب لديهم تمثيل كبير في البرلمان التركي والشعب لديه تطلعات اقتصادية كبيرة، لافتة إلى أن تركيا حققت أعلى نمو محلي تراكمي بعد الصين والهند.
زيارة مرتقبة لأردوغان
شهدت العلاقات المصرية التركية خلال الفترة الماضية، حالة من عدم الانسجام وغياب التطابق في الرؤى السياسية بشأن عدد من الملفات الإقليمية الهامة، قبل لقاء نوفمبر الماضي ببن رؤساء البلدين، والذي كان نقطة الانطلاق لبدء محادثات إيجابية بين القاهرة وأنقرة، وتجاوز مرحلة الخلافات.
وقال الرئيس أردوغان، تعقيبا على اللقاء، حينها: “تحدثت مع الرئيس السيسي لنحو 30 إلى 45 دقيقة في ذلك اللقاء، على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، لقد ركزنا المحادثات مع السيسي هناك، وقلنا لنتبادل الآن زيارات الوزراء على مستوى منخفض، بعد ذلك دعونا نوسع نطاق هذه المحادثات”.
وكان لموقف مصر الإنساني عقب زلزال فبراير المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، وتقديمها العديد من المساعدات للبلدين، دورا قويا في طريق عودة العلاقات، حيث كان هناك زيارة لوزير الخارجية سامح شكري، إلى المناطق المنكوبة وسلم نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو الشحنة السادسة من المساعدات الإغاثية المصرية المقدمة إلى تركيا.
مصر أرسلت منذ اليوم الأول للزلزال أكثر من 1200 طن من المساعدات الإنسانية، كما كان هناك سفينة تجارية مصرية تحمل اسم “الحرية” في ميناء ولاية مرسين، محملة بـ525 طن من المساعدات الإنسانية.
أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حيث قدم الرئيس التهنئة للرئيس أردوغان بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، وإعادة انتخابه رئيساً لتركيا لفترة رئاسية جديدة، ومن جانبه أعرب الرئيس التركي عن التقدير لهذه اللفتة الطيبة من الرئيس السيسي.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيسين أكدا على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، واتفقا على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين، وفي ذلك الإطار قرر الرئيسان البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء.
وفي هذا الصدد كشف الإعلامي أحمد موسى، عن آخر تطورات العلاقات المصرية التركية، مشيرا إلى أن هناك احتفاء إعلامي تركي بتهنئة الرئيس عبد الفتاح السيسي لنظيره التركي رجب طيب اردوغان بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وقال أحمد موسى، مقدم برنامج “على مسئوليتي”، المذاع عبر قناة “صدى البلد”، مساء الأمس ، إن هناك زيارة قريبة للرئيس التركي لمصر، وتنسيق على أعلى مستوى بين مصر وتركيا خلال الفترة المقبلة في كل الملفات.
وأضاف الإعلامي أحمد موسى، “نتحدث اليوم عن مرحلة أخرى في العلاقات المصرية التركية”، متابعا أن العلاقات بين البلدين تشهد خلال الأشهر الماضية تطورا إيجابياً.
وقال المفكر السياسي مصطفى الفقي، إن الرئيس التركي أردوغان تجمعه علاقات طيبة بمختلف الدول العربية.
وقال مصطفى الفقي في تصريحات إعلامية ” نشهد زيارات متبادلة بين وزير الخارجية في مصر وتركيا مؤخرا ونأمل أن تتحسن العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب”.
وأضاف مصطفى الفقي:” الاتفاق بين مصر وتركيا سينعكس على الوضع في ليبيا بالضرورة .. سوف يؤدي إلى حلول إيجابية في الأزمة الليبية “.
ولفت مصطفى الفقي:” تركيا تتواجد بين قارة أوروبا وآسيا ولها علاقات مع العالم العربي والإسلامي وتجمعها علاقات طيبة مع روسيا”، مضيفا:” السياسة لا يحكمها الأيديولوجية لكن السياسة أصبحت عملية بشكل اكبر”.
يذكر أنه كانت هناك زيارة في مارس 2023 لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى مصر، وأكد فيها أن المباحثات مع الوزير سامح شكري تطرقت لسبل تقوية التجارة وفتح المسارات الدبلوماسية التي كانت من قبل وتشاورنا في القضايا بالمنطقة، وكانت المشاورات تتناول القضايا السياسية، موضحا أن العلاقات شهدت فترة من البرود ونحن هنا لإعادة العلاقات للمسار الطبيعي، لافتا إلى أن هناك تحركات لتعزيز العلاقات من السياسة مرورا بكافة القطاعات ومنها التعليم أيضا.
و لفت الوزير التركي إلى أهمية وجود إرادة سياسية تركية لتعزيز العلاقات بين البلدين.
وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن زيارة وزير خارجية تركيا إلى مصر تُعد بمثابة تدشين لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وإطلاق حوار مُعمق حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وبهدف الوصول إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الدولتين والشعبين الشقيقين.