انتشرت مؤخراً العديد من حالات السكتة القلبية، وازداد عدد المصابين بمرض السكر وكذلك زاد عدد مرضى القلب وزادت حالات انسداد الشرايين.
أسوأ أنواع الدهون
وأصبحنا نشاهد العديد من الشباب الذين مازالو في بداية حياتهم يعانون من مقاومة الأنسولين والذي بدوره يؤدي للإصابة بمرض السكري، ونسمع كثيراً أجدادنا يرددون هذه العبارة كثيراً “كله من الأكل بتاع الشارع إللي بتاكلوه إحنا على أيامنا مكنش فيه الكلام ده”، ليأتي التساؤل هل حقاً المشكلة تتمركز في الأطعمة التي نتناولها؟.
وتأتي الإجابة بأن المشكلة حقاً في الطعام الذي يحتوي على الدهون المتحولة والذي يمثل 99% من الأطعمة الجاهزة وسريعة التحضير، إذ تزيد الدهون المتحولة من الكوليسترول “الضار” وتخفض من الكوليسترول “الجيد” في الجسم.
وتعد الدهون المتحولة أسوأ أنواع الدهون التي يمكنك تناولها، وتسمى الدهون المتحولة أيضًا الأحماض الدهنية المتحولة، وهي تزيد من نسبة الكوليسترول “الضار” وتخفض الكوليسترول “الجيد” على عكس الدهون الغذائية الأخرى.
ويزيد النظام الغذائي الغني بالدهون المتحولة من خطر الإصابة بأمراض القلب، وهي السبب الرئيسي للوفاة لدى البالغين، وكلما زاد تناول الدهون المتحولة، زاد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ونظرًا إلى ضررها الشديد، منعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مصنعي المواد الغذائية من إضافة المصدر الرئيسي للدهون المتحولة الاصطناعية إلى الأطعمة والمشروبات.
واتخذت العديد من الدول والكثير من المدن في الولايات المتحدة إجراءات للحد من استخدام الدهون المتحولة أو حظرها، حيث تتوقع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن هذه الخطوة ستمنع حدوث آلاف النوبات القلبية والوفيات كل عام. ولكن حتى مع تطبيق تلك القيود، قد تظل بعض المنتجات التي تحتوي على دهون متحولة متوفرة.
ومن جانبه شارك الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان، في جلسة نقاشية ضمن قمة القلب العالمية، وذلك على هامش انعقاد اجتماعات الجمعية العامة الـ76 لمنظمة الصحة العالمية بـ”جنيف”.
وأعرب وزير الصحة والسكان، عن سعادته بالمشاركة في قمة القلب العالمية، للتأكيد على التزامات الدولة المصرية، بوضعها صحة القلب والأوعية الدموية أولوية في برامجها الصحية
غذاء خالٍ من الدهون
وأشار الوزير إلى موافقة مصر مؤخرًا على سياسة تحظر الدهون المتحولة، والتي تعد سببا رئيسيا لأمراض القلب والأوعية الدموية، منوها إلى منح المصنعين والمستوردين فرصة لمدة عام لتوفيق أوضاعهم والامتثال لضوابط وسياسات حظر الدهون المتحولة.
وأكد الوزير أن 8.39 % من وفيات أمراض القلب التاجية، ترجع لأسباب تتعلق بتناول الدهون غير المشبعة، الأمر الذي يتطلب التدخل بكفاءة وتنفيذ رؤية الحكومة التي تضع الصحة على رأس أولويات الدولة.
ولفت الوزير إلى أن الدولة المصرية تبنت مؤخرًا سياسة لخلو إمداداتها الغذائية من الدهون المتحولة المنتجة صناعيًا بحلول أكتوبر 2023، ما سيجعل مصر الدولة الـ49 التي تنضم إلى برنامج منظمة الصحة العالمية، لتخليص العالم من هذه المادة التي تهدد بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والموت.
وشدد الدكتور خالد عبدالغفار، على التزام وزارة الصحة المصرية، والهيئة القومية لسلامة الأغذية، باعتماد حزمة منظمة الصحة العالمية REPLACE إلى جانب تشكيل لجنة وطنية للإشراف على تنفيذ هذه الحزمة.
ولفت إلى أن الحكومة أصدرت قانونا ينظم القواعد الفنية للحدود القصوى للأحماض الدهنية غير المشبعة في الغذاء، مع حظر الزيوت المهدرجة، والتي تعد المصادر الأساسية للدهون غير المشبعة المنتجة صناعيًا، إلى جانب وضع حدًا إلزاميًا للدهون المتحولة، ما من شأنه إنقاذ حياة ما يزيد عن مليون شخص في السنوات الخمس والعشرين القادمة.
وأوضح الوزير، أن الأمراض القلبية الوعائية، تمثل حجر عثرة أمام مساعي الدول نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة، مشيرا إلى أن عبء الأمراض القلبية الوعائية لا يتوقف عند معدلات الوفيات، بل يتعدى أيضًا من حيث تأثيرها على الاقتصاد ونظام الرعاية الصحية ونوعية الحياة بشكل عام.
ونوه إلى أن فاتورة علاج الأمراض القلبية الوعائية كبيرة، وتمثل ضغطًا كبيرًا على نظم الرعاية الصحية، علاوة على تأثر عجلة الإنتاج، والاقتصاد بسبب الوفيات المبكرة والعجز الناجم عن الأمراض القلبية.
وأعرب وزير الصحة والسكان، عن فخره بإطلاق المبادرة الرئاسية “100 مليون صحة” المعنية بالفحص والاكتشاف المبكر للأمراض غير المعدية مثل الأمراض القلبية الوعائية والسكري والسمنة، بالإضافة إلى تيسير وصول المرضى الذين تم تشخيصهم إلى الرعاية الطبية اللازمة.
حكاية الدهون المتحولة
وأكد أن مصر تسير بخطوات ثابتة، نحو مكافحة الأمراض غير المعدية، بما في ذلك الأمراض القلبية الوعائية، حيث ساهمت مبادرات الصحة العامة في إنشاء قاعدة بيانات دقيقة حول توزيع الأمراض غير المعدية، بما ساهم في دعم جهود وزارة الصحة في بناء خارطة طريق وطنية للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها.
وأكد أهمية دعم منظمة الصحة العالمية، معا كافة الدول الأعضاء في تعزيز جهود حظر الدهون المتحولة، التي تزيد من معدلات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وتعد سببا رئيسيا لأكثر من 17 مليون حالة وفاة سنويا على مستوى العالم.
ومن جانبه قال الدكتور أحمد أبو الغيط، الطبيب البشري المتخصص في التغذية العلاجية والرياضية، إنها خطوة جيدة جداً من الدولة أن تتبع سياسة للوصول إلى غذاء خالٍ من الدهون المتحولة المنتجة صناعيًا.
وأضاف أبو الغيط في تصريحات لـ”صدى البلد”، أن الدهون العادية هي الدهون التي خلقها الله في الطعام وهي عبارة عن دهون مشبعة ودهون غير مشبعة، ولكن الدهون المتحولة هي عبارة عن الدهون السائلة الغير مشبعة مثل زيت الذرة والزيوت النباتية عامة ونضيف لها هيدروجين في المصنع، مما يحولها من الصورة السائلة للصورة الصلبة، وتصبح السمن النباتي المتعارف عليه باختلاف الماركات.
وأكمل أن العديد من أنواع الجبن البيضاء المليئة بالدهون النباتية، وهي دهون ضارة جداً على الإنسان لأن الله خلق لنا الدهون المشبعة والغير مشبعة وخلق لها إنزيمات داخل جسدنا تعمل على تكسيرها هضمها، ولكن الدهون المتحولة فلا يوجد بداخل الجسم البشري انزيمات تعمل على تفتيها أو هضمها وبالتالي جسمنا لا يستطيع التعامل معها مما تزيد الكوليسترول الضار وتقلل الكوليسترول النافع.
وتابع أن هذه الدهون المتحولة تعمل على الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، وكذلك الإصابة بمقاومة الإنسولين وكذلك السرطان.
واختتم أنه يجب عمل قانون وتراقب عليه الدولة للحد من هذه الدهون الضارة، حفاظاً على حياة المواطن، كما سيوفر الكثير على المواطن وعلى ميزانية الدولة حيث تتسبب هذه الدهون في العديد من الأمراض الخطيرة والمذمنة والتي يتطلب علاجها الكثير من الأموال الطائلة.
ما الدهون المتحولة؟
تتكون معظم الدهون المتحولة عن طريق معالجة صناعية تُضيف الهيدروجين إلى الزيت النباتي، مما يجعل الزيت صلبًا في درجة حرارة الغرفة، وهذا الزيت المهدرج جزئيًا غير مكلف وأقل عرضة للتلف، لذا فإن الأطعمة المصنوعة به تتمتع بعمر افتراضي أطول.
وتستخدم بعض المطاعم الزيوت النباتية المهدرجة جزئيًا في مقاليها العميقة، لأنه لا يلزم تغييرها كثيرًا كما هو الحال مع الزيوت الأخرى، وتحتوي بعض اللحوم ومشتقات الحليب على كمية صغيرة من الدهون المتحولة التي تُنتج بشكل طبيعي. لكن لا تزال طريقة تأثير هذه الدهون المتحولة على الصحة غير واضحة.
من الممكن أن تجد الصورة المصنعة من الدهون المتحولة، والمعروفة باسم الزيوت المهدرجة جزئيًا، في مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية، منها:
- المخبوزات التجارية، مثل الكعك والبسكويت والفطائر.
- الفشار بالميكروويف.
- البيتزا المُجمدة.
- العجين المبرَّد، مثل البسكويت واللفائف.
- الأطعمة المقلية، ومنها البطاطس المقلية، والكعك المحلى، والدجاج المقلي.
- كريمة القهوة غير اللبنية.
- قوالب السمن الصناعي.
ويقلق الأطباء بشأن الدهون المتحولة المضافة لأنها تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية ومرض السكري من النوع 2. وتؤثر الدهون المتحولة أيضًا تأثيرًا غير صحي على مستويات الكوليسترول.
هناك نوعان رئيسيان من الكوليسترول وهما:
- كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، ويُمكن أن يتراكم كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة “الضار” على جدران الشرايين لتصبح متصلبة ومتضيقة.
- كوليسترول البروتين الدهني مرتفع الكثافة، يلتقط البروتين الدهني مرتفع الكثافة، أو “المفيد”، الكوليسترول الزائد ويرجعه إلى الكبد.
وتؤدي الدهون المتحولة إلى زيادة نسب كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة وخفض نسب كوليسترول البروتين الدهني مرتفع الكثافة، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية.