أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى، السبت، استعداد بلاده لشن الهجوم المضاد، الذي طال انتظاره ضد روسيا، قائلا إن “الأمر قد يستغرق بعض الوقت وستكون تكلفته باهظة”، فيما يرى البعض أن كلام زيلينسكي محاولة تزيد الوضع تعقيدا وتوترا وتصاعدا.
system-code:ad:autoads]]
الهجوم المضاد بهدف التحرير
وأشار زيلينسكي في حوار مع صحيفة “وول ستريت جورنال الأمريكية”، إلى أن أوكرانيا تؤمن بأن الهجوم المضاد ضد روسيا سينجح”، مضيفا: لا أعرف كم من الوقت سيستغرق الأمر، ولأكون صريحًا يمكن أن يختلف شكل العملية تماما، لكننا سننفذها، ونحن جاهزون.
وحول الهجوم الأوكراني المضاد، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير علاقات دولية والشؤون الأمريكية، إن الهجوم الأوكراني المضاد الذي بات الإعلان عنه متكرر الهدف منه هو تحرير المناطق الأربع التي سيطرت عليها روسيا خلال عملياتها العسكرية التي بدأت في 24 فبراير 2022، وشملت جمهوريتى دونيتسك ولوجانسك إضافة إلى مقاطعتى زابوريجيا وخيرسون، كذلك تحرير شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
وأوضح سيد ـ في تصريحات لـ”صدى البلد”، أن أوكرانيا تعتمد بشكل كبير في استراتيجيتها لشن هذه المعركة الكبرى على الدعم العسكري الغربي لها بالأسلحة الحديثة، والذي برز في الاعتماد على القوات البرية للتقدم واستعادة الأراضي في تلك المناطق، من خلال تحالف الدبابات الغربية الحديثة، والذى يشمل دبابات لويبارد الألمانية وتشالينجر البريطانية وأبرامز الأمريكية.
وتابع: الاعتماد على الهجوم الجوي من خلال تحالف الطائرات الغربية الحديثة، وعلى رأسها طائرات إف 16 الأمريكية، وفى ذات الوقت تزويد أوكرانيا بأسلحة دفاع جوى لصد الهجمات الروسية خاصة الطائرات المسيرة وأنظمة صواريخ باتريوت، كذلك تزويدها بالصواريخ الهجومية مثل هيمارس الأمريكية وستورم شادو البريطانية.
وأضاف: شكل هذا نقلة نوعية في تسليح أوكرانيا باتجاه التوسع في الأسلحة الهجومية، لكن رغم امتلاك أوكرانيا قدرات عسكرية غربية متطورة إلا أن هناك تحديات وعقبات كبيرة تواجه الهجوم المضاد وتقلل من فاعليته في تحقيق أهدافه، خاصة استعادة كامل الأراضي التي سيطرت عليها روسيا والقوات الحليفة لها.
وأكد أن أول هذه التحديات آلاف التحصينات العسكرية التي أقامتها القوات الروسية وشملت خنادق وحواجز مركبات على امتداد أكثر من 1500 كيلو خاصة في المناطق الحدودية الروسية وفى جنوب وشرق أوكرانيا، وهو ما يمثل عقبة كبيرة أمام تقدم القوات البرية الأوكرانية، كما أنها تحتاج إلى أعداد كبيرة من الدبابات والجنود، في حين يعانى الجيش الأوكراني إنهاكا شديدا في ظل الخسائر البشرية التي تكبدها خلال الفترة الماضية.
وأضاف أن هذه الدبابات الغربية الحديثة هي قليلة العدد ورمزية وتحتاج لوقت طويل لتدريب الجنود الأوكرانيين عليها، وثانى هذه التحديات هو الاستعداد الروسي الكبير لذلك الهجوم المضاد، ليس فقط من خلال التحصينات، وإنما أيضا حشد المزيد من الأسلحة الحديثة ومنها الصواريخ الأسرع من الصوت، وتكثيف الهجوم العسكري وتوسيع نطاقه ليشمل العاصمة كييف والمدن الحيوية الأخرى واستهداف البنى التحتية، وبالتالي التعامل مع الأسلحة الغربية الحديثة وتأكيد أنها ستكون أهدافا مشروعة للقوات الروسية.
ضرورة عودة الروح للجنود
تابع: رغم حالة الجمود العسكري التي سادت خلال الشهور الأخيرة وتركز المعارك حول مدينة باخموت التى حسمتها روسيا لصالحها، فإن الهجوم الأوكرانى المضاد هو محاولة لاستعادة الروح المعنوية، خاصة بعد سقوط باخموت، كما أنه دعائي وسيأسى أكثر منه عملية حقيقية يمكن أن تحققها أهدافها كاملة، كما أنه يستهدف تحقيق بعض الانتصارات لتعزيز موقف أوكرانيا في أية مفاوضات مستقبلية.
وأوضح أن الدعم العسكري الغربي بالأسلحة الحديثة لن يستطيع قلب موازين القوى العسكرية لمصلحة أوكرانيا وهزيمة روسيا في ظل القدرات العسكرية الروسية الهائلة، وإنما هو محاولة لحلحلة حالة الجمود المسيطرة منذ شهور ودعم صمود ومقاومة القوات الأوكرانية أمام القوات الروسية، وإطالة أمد المعارك فقط.
واستطرد: الاستمرار في استراتيجية استنزاف روسيا عسكريا واقتصاديا وبشريا ووقف تقدمها ومنعها من تحقيق أهدافها فى استكمال السيطرة الكاملة على الأقاليم الأربعة، خاصة في خيرسون التي انسحبت من جزء منها، وكذلك زابوريجيا ودونيتسك والتى لا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على أجزاء منها.
وتابع أن سلاح المسيرات الأوكراني رغم توسيعه للمعارك ونقل بعضها إلى داخل روسيا كما حدث فى الهجوم على الكرملين واستهداف قواعد عسكرية فى شبه جزيرة القرم، وفى ميناء ستيفاستيبول، إلا أنه لن يستطيع حسم المعارك البرية.
وواصل: من الصعب على أوكرانيا تحرير كامل الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، في ظل الخلل في موازين القوى العسكرية لمصلحة روسيا، والتي لن تفرط في تلك الأقاليم التي اعتبرتها جزءا من أراضيها وضمتها بشكل رسمي وكلفتها كثيرا اقتصاديا وبشريا وعسكريا، وانسحابها منها يعنى فشل العملية العسكرية الروسية وهو ما سيكون لها تداعيات سلبية كبيرة سواء على مكانة روسيا فى النظام الدولى أو على المستوى الداخلى.
وقال سيد ـ إن الهجوم الأوكرانى المضاد يعنى أن الغرب لا يزال يراهن على الحل العسكري لهزيمة أو إفشال روسيا في تحقيق أهدافها، ويعنى تراجع فرص الحل السياسي فى ظل رفض أمريكا والغرب المبادرات المختلفة للتسوية، وعلى رأسها المبادرة الصينية، ومن ثم الاستمرار في دفع أوكرانيا نحو المواجهة العسكرية، وهو ما سيعنى استمرار الحرب، واستمرار خسائرها البشرية والعسكرية والاقتصادية على روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى التداعيات السلبية الاقتصادية على دول العالم المختلفة.
واختتم: مقابل هذا الدعم العسكري الغربي والهجوم المضاد سيصعب من مهمة القوات الروسية في تحقيق أهدافه، وبالتالي لا خيار أمام روسيا وأوكرانيا سوى الحل السياسي عبر الحوار والمفاوضات كسبيل وحيد للتوصل إلى صيغة توافقية تنهى هذه الحرب المدمرة لكلا الجانبين وللعالم.
موت عدد كبير من الجنود
في سياق آخر، أعرب زيلينسكي عن قلقه من أن تؤدي الانتخابات الأمريكية العام المقبل إلى تولي إدارة أقل دعمًا للسلطة، داعيا حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى تقديم مسار واضح لعضوية أوكرانيا.
وحث زيلينسكي الصين على محاولة كبح جماح روسيا، قائلا إن أوكرانيا بحاجة ماسة إلى مزيد من أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت أمريكية الصنع لحماية المواطنين من القصف الجوي وحماية قوات الخطوط الأمامية.
وأقر زيلينسكي بالتفوق الجوي الروسي على الخطوط الأمامية، مشيرا إلى أن الافتقار إلى الحماية من القوة الجوية الروسية يعني أن “عددًا كبيرًا من الجنود سيموتون” في الهجوم المضاد الذي تخطط له أوكرانيا.
ولفت الرئيس الأوكراني إلى أن بلاده كانت ترغب في الحصول على المزيد من الأسلحة من دول الغرب قبل انطلاق عملية الهجوم المضاد، مؤكدا في الوقت نفسه أن أوكرانيا مستعدة للتحرك في أي وقت، موضحا: نود الحصول على أشياء معينة، لكن لا يمكننا الانتظار شهور أخرى.
من جانبه أعلن وزير الدفاع البريطاني، بن ولاس، أن مخزون بريطانيا وحلفاء أوكرانيا الآخرين من الأسلحة التي يمكنهم تزويد كييف بها بدأ ينفد.
وحسب وكالة تاس الروسية للأنباء، قال بن والاس في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست”: “لقد رأينا جميعاً الحقيقة الواقعية، وهي أن (الأسلحة) تنفد لدى الجميع”.
وبحسب قوله، فإن حلفاء أوكرانيا مجبرون على شراء المزيد من الأسلحة لكييف، لأنهم لا يستطيعون توفيرها من مخزونهم الوطني.
في الوقت نفسه، شدد الوزير البريطاني، على أن الغرب لا يزال يعتزم توفير الأسلحة والتمويل لأوكرانيا، دون دفع كييف إلى إجراء مفاوضات مع موسكو.
وفي وقت سابق، كان الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرج، قد قال في مقابلة مع وكالة “بلومبرج”، إن دول الحلف بحاجة إلى زيادة إنتاج الأسلحة، وقد استنفدت مخزونها بسبب الإمدادات إلى كييف.