تجارة الصقور.. يعتبر أحد أهم العوامل الداعمة لاقتصاديات الدول مؤخرًا، هو توفير إحتياجاتها من تمويلات العُملة الصعبة وبالأخص الدولار، وتلجئ الدول لتأمين إحتياجاتها من الدولار على حساب أمرين، أولهما هو تحجم نفاقتها من العملة الصعبة وبالأخص الدولار، وثانيهما وهو التوسع في دعم قطاعات الاستثمار والتصنيع والزراعة وتغطية إحتياجات الدولة محليًا، وتصدير الفائض، حتى تسطيع الدولة أن تخلق ما يسمى بفائض في ميزانها التجاري..
تلك المخططات برغم أهميتها، إلا أنها تحتاج آجال طويلة، كما أنها تحتاج إلى خطط إصلاحية مدعومة بإجراءات تقشفية تُرهق الشعوب، وهو ما يدفع بالدول إلى التوسع في تقديم خدمات سياحية والتوسع فيما يسمى الاستثمارات الترفيهية، كالإهتمام بصناعة وتجارة واستثمار تربية الصقور الذي يُعد واحداً من أهم مجالات البيزنس ربحية في دول كثيرة، كدول “ الخليج والبلقان ومصر والمغرب العربي والشعوب الأمازيغية” التي تهتم بنشاط تربية الصقور.. إلا أن الأمر، لا يقتصر على كونه مجرد عادة عربية وأجنبية، فقد توسعت دول الخليج في هذا القطاع إذا تضخ استثماارت تُقدر بنحو 50 مليار دولار، أما عائداته فتصل لنحو 100 مليار دولار بعد تطوير بعض الدول لهذا القطاع.. وهو ما يفتح الفرصة لمصر، لأن تحصد جزء من عائدات القطاع الاستثماري الاكثر رواجاً مؤخرا.
التوسع في قطاعات بيزنس تجارة الصقور، يدعم السياحة، ويجذب سياح من نحو 14 دولة تهتم بالصقور وتجارتها، حيث أن هناك 14 دولة أدرجت الصقور ضمن ثقافتها وتراثها، وتصل حجم الاستثمارات في قطاع الصقور عالميا لنحو 50 مليار دولار، تقريبا، وتنتشر فيها شركات عملاقة، تعمل بهذا المجال أغلبها شركات عربية واخرى روسية و إنجليزية، منها ” كوارتويجل ، وكي إتش فالكون، و براتشج الروسية، كما تستعد الصين للسيطرة عى 10% من سوق الصقور عالميا..
خالد نوبي، المدير التنفيذي للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، كشف عن أن مصر لديها فرص لجني عائدات كبيرة تصل لنحو 5 مليارات دولار سنوياً، من تجارة الصقور، بشرط تقنينها وتنميتها وليس الإعتماد على الصيد الجائر، مشددا على ضرورة تهجين السلالات النادرة وزيادة أعدادها..
وتابع أن تجارة الصقور في مصر رغم مخالفتها للقانون، تعتبر تجارة مربحة لأصحابها، ولا تستفيد الدولة منها نظرًا لأنها تعتبر من تجارات الظل، و يتم بيعها إلى دول الخليج وتحتل المكانة الأولى لدى سكانها، لكنها قد تؤدي إلى انقراض بعض الفصائل منها، متسائلًا لماذا لا يتم تقنينها بشكل رسمي.
و أوضح ان هناك نوعان لتلك التجارة، الأولى “ الصيد بالصقور” وهو استخدامها في صيد كائنات أخرى، و النوع الثاني وهو “صيد الصقور ذاتها” ، ويتم تصديرها إلى الخارج وانتقاء الأنواع، وتنتشر في صحراء مصر كما أن الصقّارة أصبحوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لترويج نشاطهم الاقتصادي.
وأكد أن الصيادين يحاولون اصطياد الأنواع الأغلى من الصقور؛ ومنها “ الحر والشاهين ” ، وبيعها غالباً في دول الخليج بأسعار يمكن أن تصل إلى ملايين الجنيهات حسب الحجم أو بهدف الاقتناء لاستخدامها في صيد الحيوانات البرية الأخرى.
وتابع أن هناك 14 دولة حول العالم أدرجت الصقور ضمن تراثها الثقافي في اليونسكو ليس من بينها مصر، مؤكدًا أنه يوجد العديد من الشباب يمارسون هواية الصقّارة لهم دور هام في الحفاظ على هذه الطيور الجارحة، حيث يعالجونها ثم يطلقون سراحها.
وأكد نوبي أنه من غير المعلوم أعداد وأنواع الصقور الموجودة في مصر وهذا تقصير كبير من المسئولين عن هذا الملف، مشيرا إلى أن هناك أنواعا تناقصت أعدادها المرصودة بالفعل منها “ الصقر الوكري ” وأغلب الظن أنه طائر حورس في الدولة المصرية القديمة.
أما خالد بن ضحي، احد مستثمري قطاع الصقور الدوليين ، فقد أكد أن قطاع الاستثمار في الصقور هو الأبرز في مجال الاستثمارات الترفيهية ويلقى قبولا و رواجا كبيرا في دول الخليج، مشيرًا إلى أن هناك دول تمتلك صناعات تعتمد على تجارة الصقور ، منها ( صناعات الأعلاف ، ومستلزمات الصقورة والعناية بها ، ومعارض الصقور )
، و اوضح بن ضحي ، ان حجم الصناعات التي تقوم علي صيد و تجارة الصقور تصل الي إلى نحو 110 مليار دولار، و عائداتها تبلغ نحو 180 مليار دولار.
وتابع أن سعر الصقر الواحد تضاعف 3 مرات في الخليج خلال العقد الماضي، حيث تبلغ تكلفة جرام واحد من أجود انواع الطيور أكثر من تكلفة جرام الذهب.
ولكن حتى بمثل هذه الأسعار المرتفعة، لا يوجد ما يكفي من الصقور البرية لتلبية الطلب المتزايد عليها ، كما أن “ الصقر الحر ” باعتباره من الأنواع المحلية المفضلة في الخليج مهدد بالانقراض فعليًا، ولا سيما أن بعض الكائنات البرية في شبه الجزيرة العربية قد انقرضت تقريبًا، وهناك العديد من البلدان حظرت التجارة فيها، لكن المشترين و البائعين وجدوا طرقا اخري للالتفاف على القواعد.
وأكد بن ضحي، أن الإمارات فتحت مزارع لتربية الصقور في الداخل والخارج، وإحدى هذه المزارع موجودة في المغرب وتضم ما يقرب من 300 ألف صقر منذ افتتاحها عام 1995.
وأوضح أن الإمارات تشجع على تربية الصقور المستزرعة، و حظرت استيراد جميع الطيور البرية التي يتم صيدها، فقبل عقد من الزمان، كانت نسبة الصقور البرية في الإمارات 90%، أما الآن فتشكّل الصقور المستزرعة 90%”.
ونشرت صحيفة “إيكونوميست” (economist) البريطانية، تقريراً حول هذا النوع من التجارة، مشيرة إلى أن شغف سباقات الصقور ومسابقات الجمال بين الصقور في الآونة الأخيرة أدى إلى زيادة الطلب عليها، حيث تم افتتاح نوادي الصقور في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، ويقدم بعضها دورات للأطفال حتى سن الخامسة، فيما تبيع شركات الطيران في الشرق الأوسط مقاعد للطيور علي متن رحلاتها .