خالف “مجلس الأمن” دوره القوي الذي جاء في ميثاق “الأمم المتحدة” الذي أكد دوره الفعال في تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات، وغيرها من مصادر القانون الدولي.
وللأسف فإن دوره من خلال عقوبات وإجراءات مهمة تعقيدية أو عقابية للمخالف أو المعتدي، والتي أُنشئ من أجل سلام العالم، يشاهد ويعلم أن فلسطين والفلسطينيين في خطر دامغ.
فماذا لو كان جاد في نواياه، هل كان سيدعو العالم للمقاطعة الاقتصادية – وهي ما تتوافق معه المادة 41 من الميثاق الأممي – على دولة الاحتلال المسماة إسرائيل، لإجبارها على التوقف عن المذابح الوحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ؟
وما ستدعو إليه محض مسألة إجرائية مبدئية لما نصت عليه في ميثاقها، وهو ما تتوافق معه المادة 27/2، بل هي مسائل إجرائية يحق لتسعة فقط من أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين التصويت عليها، وهذا أمر واجب على من وقع الاختيار عليهن لحفظ الأمن والسلام الدوليين.
يرى العالم أن هذه المذابح اضطهاد جازم لجماعة الفلسطينيين العزل لأسباب سياسية وعرقية وقومية، ويرجع ذلك إلى ما قبل 7 أكتوبر 2023 لمطالبتهم بالعيش في سلام وكرامة والاعتراف بحقهم في الأرض لعقود من الزمن.
أكثر من ثلاثين ألف شهيد خلال الستة أشهر الأخيرة وآلاف الجرحى ما بين أطفال وشباب ونساء وشيوخ لا يحملون السلاح، بل ازداد ذلك بمنعهم من العلاج بقصف المستشفيات واقتحامها وقتل المصابين، وهو ما ظهر بجلاء فيما فعلته الجماعة الإرهابية الصهيونية (المستعربون الإسرائيليون) بالدخول للمستشفى بادعاء للعلاج، وقتلوا من أمامهم بدم بارد، وتؤكد هذه الجرائم ما نصت عليه المواد 6 و7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
هذا التخاذل والعوار يُبيِّن مدى عدم جدية نظرة بعض الدول صاحبة الفيتو، واستخدام نصوص ميثاق الأمم المتحدة وتطويعها من أجل المصالح المشتركة.
إننا أمام سؤال لا أعلم إجابته، فعندما درسنا مبادئ العدالة، ومبادئ القانون الدولي، علمنا أن عصبة الأمم انتهى مصيرها لعدم جدوى وجودها لتعارض مصالح الدول الأعضاء مع بعضها بعضًا عند وجود قرار ملزم، ونذكر ما شهِده العالم من قبل، فعندما اعتدى بعض الجنود الإيطاليين على وحدة من وحدات الصليب الأحمر، خرج موسوليني بمقولته: “إن العصبة لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم، أما عندما ترى العقبان تسقط صريعةً، فلا تحرّك ساكنًا”.
إن ما يقف عليه “مجلس الأمن” -الذراع الأقوى والمنفذ- ما هو إلا إعلان بانتهاء ولاءه لفلسفته على تمييز وتفعيل القرارات، بل إنه لا يوجد تعريف محدد أو أمثله على سبيل الحصر أو المثال للمسائل الإجرائية أو الموضوعية التي يحق فيها لأصحاب الفيتو استخدام حقهم فيها.
وعلى الجانب الآخر نجد أن ما تقدمه الدول العربية، وخاصة مصر، من دور فعال يقوم على نهج الإيمان بالأخوة والقضية الفلسطينية، ومساعيها لحل القضية على مدار عشرات السنين، وإظهارها وتكريسها ما تقوم به من مساعٍ دبلوماسية، يُعد من أكبر التفاعلات الإنسانية المهمة والواجبة.
فعلى العالم أن ينتبه لما هو قادم، من تمادٍ في النسيان، والتغافل عن الحق والإنسانية.