قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن النبي ﷺ جلس إلى صحابته الكرام وقال لهم :” انقطعت النبوة فلا نبي بعدى ولا رسول”، تخيل الصحابة أن خبر السماء قد انتهى، وأن الوحى قد انتهى، وأن المرجع الأعلى ﷺ لا يكون فينا، فشق ذلك على الصحابة وتكلم بعضهم مع بعض، منهم من يبكى، ومنهم من قد حزن حزناً شديداً، ومنهم من قد اعتزل الناس، عندما تصوروا أن هذا اليقين وأن هذه اللطافة والحلاوة سيحرمون منها خاصة بعد أن ينتقل رسول الله ﷺ إلى الرفيق الأعلى، ولذلك عندما انتقل ﷺ إلى الرفيق الأعلى، قالوا : “أنكرنا قلوبنا”.
تخيل نفسك وأنت قد انفتحت عليك أبواب السماء ورب العالمين يخاطب نبيه أمامك، وتخيل نفسك وقد أغلق عليك الباب، فشق ذلك على الصحابة، فسلاهم النبي ﷺ قال: ” انقطعت النبوة وبقيت المبشرات” قالوا وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: ” الرؤية الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له” ، فأرشدنا إلى أن الله لا يقطع مدده عن المحسنين من عباده, وأن الله – سبحانه وتعالى – لا يزال ينزل رحماته على عباده، ولا يكون محسناً إلا من كان من أمة المسلمين، ولا يكون محسناً إلا من اتقى الله في السر والعلن، ولا يكون محسناُ إلا من تورع عن حرمات الله، ولا يكون محسناً إلا من ذكر الله كثيرا، فمن كانت هذه صفته بقيت المبشرات فيه ومنه وله؛ “فيه” بالرؤية الصالحة يراها, و”منه” حيث يذكر الله حين يرى، و”له” حيث يرى الناس الرؤى الصالحة له.
والنبي ﷺ يعلق الرؤيا على النظر؛ نظر البصيرة وعين البصيرة لا على السمع، فيقول ﷺ : ” من رآني فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بي “، نعم الشيطان لا يتمثل بسيدنا رسول الله ﷺ مناما ولا يقظة، قال العلماء : علق النبي ﷺ الرؤيا بالنظر والصورة والشكل، لا بالكلام والسمع .
يشكو بعض الناس أنهم يرون رسول الله ﷺ فيحدثهم بما يخالف الشريعة، فاعلم أن رؤيتك للنبي حق، وأن سماعك منه ما يخالف الشريعة قد يكون من إلقاء الشيطان؛ فمناط الرؤيا الشكل والصورة، وليس مناط الرؤيا السمع، فإنك لو سمعت شيئاً مخالفاً للكتاب والسنة فعليك أن ترفضه وأن ترده ، أو مخالفاً للواقع المحسوس، أو كان أمراً بالمنكر ونهياً عن المعروف، أو إثماً ، أو قطيعة رحم، لو كان شيء من ذلك فرده ولو أنك قد رأيت صورة سيدنا محمد ﷺ، فالرؤيا مناطها الصورة والشكل وهو حق، وليس مناطها الكلام.
الرؤيا حق .. خاصة إذا كانت لنبي الله ﷺ , ومناطها إنما هو الصورة لا السمع، وهى ليست بحجة إذا خالفت الشرع الشريف أو الواقع المعيش.