يمثل عدوان إسرائيل المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي على غزة استنزافًا خطيرًا للرئيس الأمريكي جو بايدن وهو يتجه نحو الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، لكن في المقابل يعتقد البعض أن روسيا بقيادة فلاديمير بوتين هي المستفيد الرئيسي من الحرب علي القطاع، بحسب مقال نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن الخاسر الأكبر من الحرب علي غزة من الناحية الجيوسياسية هو جو بايدن. ومع اجتياح القوات التابعة للاحتلال إلى داخل مدينة رفح في غزة، فمن المرجح أن يزداد الأمر سوءاً.
وأشارت الصحيفة أن السابع من أكتوبر يوافق ذكري عيد ميلاد بوتين، زاعمة أنه منذ انطلاق طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي، يستفيد بوتين بحالة عدم الاستقرار الجيوسياسي في الشرق الأوسط، مما يمثل هدية مغلفة إلى موسكو.
وأوضح بايدن عدة مرات أنه سيدعم إسرائيل إلى أقصى الحدود إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أي لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزملائه.
وعلى النقيض من ذلك، يدعم الرئيس الأمريكي اتهام المحكمة الجنائية الدولية لبوتين بارتكاب جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا.
لكن المفارقة هي أنه حتى أكتوبر الماضي، كان لدى بوتين ونتنياهو شيئا من الإعجاب المتبادل. وأنهما كانا مشتركين في ازدرائهما لليبرالية الأمريكية، والديمقراطيين “الخيرين” بشكل عام.
وشددت الصحيفة أن بوتين يظل طرفا مستفيدا من تداعيات عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، لكن مصالحه في هذا الشأن تتداخل مع مصالح نتنياهو الذي يخشى أن تؤدي نهاية الحرب إلى إجراء انتخابات عامة لا يتوقع أن يفوز فيها حزب الليكود وهو ما يعني أنه قد يذهب مباشرة إلى السجن بسبب محاكماته المؤجلة بالفساد، وعليه فإن “لديه كل الدوافع لمواصلة الحرب. وهذا يجعل نتنياهو يشكل تهديدا كبيرا لاحتمالات إعادة انتخاب بايدن تماما، كما هي حال بوتين”.
وختم الكاتب بالقول: “كل شيء جيد لبوتين هو جيد لدونالد ترامب وبالتالي سيئ لبايدن”.
واستقبلت موسكو أيضا وفدا من كبار مسؤولي حماس بعد ثلاثة أسابيع من انطلاق طوفان الأقصى.
وشددت الصحيفة أن”“أي شيء سيئ بالنسبة لبايدن هو جيد بالنسبة لبوتين وفوز بايدن سيكون بمثابة أخبار سيئة لموسكو.”
وكما قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، نهاية الأسبوع الماضي، فإن ولاية بايدن الثانية ستهيئ أوكرانيا لهجوم مضاد عام 2025 ضد روسيا وإن فوز دونالد ترامب يعني استسلام أوكرانيا القسري للشروط الروسية على طاولة المفاوضات.
وكلما زادت الفوضى في غزة من الآن وحتى نوفمبر المقبل، كلما أصبح من الصعب على بايدن هزيمة ترامب. وهذا ما يجعل تحرك الجيش الإسرائيلي إلى شرق رفح هذا الأسبوع خطيرًا جدًا على بايدن.
وفي أغلب الأحيان، يكون بوتين مستفيدًا سلبيًا من تداعيات عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة. لكن مصالحه في هذا الشأن تتداخل مع مصالح نتنياهو. وفي الواقع، قام نتنياهو هذا الأسبوع بتخريب فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حماس عندما قال إنه سينتقل إلى رفح بغض النظر عن ذلك.
في الوقت نفسه، أشارت فاينانشيال تايمز أنه مازال من الممكن أن يجد فريق بايدن، بقيادة أنتوني بلينكن، وزير خارجيته، وبيل بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، طريقة لإقناع إسرائيل وحماس بالموافقة على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح بعض الأسرى.