تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي، أحد رواد المسرح العربي وأحد أعمدة الكوميديا في مصر، الذي قدم عبر مسيرته الطويلة أعمالا شكلت وجدان أجيال، وأسس مدرسة فنية قائمة بذاتها عرفت باسم “المدبوليزم”، خرج منها عشرات النجوم الذين صاروا فيما بعد رموزا على الساحة الفنية، منهم أحمد زكي، محمد صبحي، وسعيد صالح.
ولد عبد المنعم مدبولي في منطقة باب الشعرية بالقاهرة عام 1921، وظهرت موهبته في سن مبكرة خلال المرحلة الإبتدائية، حيث تم اختياره لقيادة الفرقة المسرحية بالمدرسة، وبعدها التحق بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي، وتخرج فيه عام 1949.
بدأ مشواره الفني بعد التخرج بالانضمام إلى فرقة جورج أبيض، ثم فرقة فاطمة رشدي. وقد كان شغفه بالفن متعدد الأوجه، إذ أحب الأطفال بشكل خاص، فغنى لهم في أفلامه ومسلسلاته مجموعة من الأغاني التي ظلت محفورة في ذاكرة الأجيال مثل “توت توت، جدو عبده زارع أرضه، والشمس البرتقالي، كما شارك في برامج الأطفال الإذاعية.
وكانت انطلاقته الحقيقية نحو الشهرة عبر البرنامج الفكاهي الإذاعي الشهير “ساعة لقلبك”، الذي ترك من خلاله رصيدا غنيا من الإفيهات الخالدة في ذاكرة المستمعين.
شارك مدبولي في أول عمل مسرحي من خلال دور “أعرابي” ضمن فرقة المسرح المصري الحديث التي أسسها زكي طليمات، ثم أسس عام 1952 فرقة مسرحية باسم “المسرح الحر”.
لاحقا، انضم إلى فرقة التليفزيون المسرحية تحت رئاسة السيد بدير، ثم تولى رئاسة فرقة المسرح الكوميدي، وأخرج من خلالها أكثر من 4 عروض مسرحية ناجحة.
كما كان أحد مؤسسي فرقة الفنانين المتحدين التي قدم عبرها مجموعة من أبرز العروض المسرحية مثل “البيجاما الحمرا، الزوج العاشر، والعيال الطيبين”.
ومن أبرز أعماله المسرحية الأخرى التي جمعته بكبار النجوم: السكرتير الفني مع فؤاد المهندس وشويكار، الناس اللي تحت، ريا وسكينة، مطار الحب، نمرة 2 يكسب، ومولود في الوقت الضائع.
دخل مدبولي عالم السينما متأخرا، وكان أول أفلامه “أيامي السعيدة” عام 1958. لكن سرعان ما أصبح وجها محببا في السينما، وشارك في عدد كبير من الأفلام التي لا تزال خالدة في ذاكرة الجمهور، من أبرزها ، الحفيد، مولد يا دنيا، مطاردة غرامية، ربع دستة أشرار، شهادة مجنون، الزوج العازب، ومدرسة المشاغبين.
وكان آخر ظهور سينمائي له في فيلم “أريد خلعا” مع الفنان أشرف عبد الباقي.
في عالم الدراما التليفزيونية، تألق مدبولي في العديد من الأعمال التي أثبتت قدرته على الجمع بين الأداء الكوميدي والدرامي، منها: أبنائي الأعزاء شكرا، عالم عم أمين، أولادي، والعائلة.
كما قدم عددا من المسلسلات الإذاعية الناجحة، منها: الثلاثة المدهشين، الأزواج الثلاثة، والعتبة جزاز.
طوال مشواره الحافل، نال مدبولي العديد من الجوائز والأوسمة، أبرزها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983.
وفي مثل هذا اليوم، 9 يوليو من عام 2006، غاب عبد المنعم مدبولي عن الحياة بعد إصابته بالتهاب رئوي وهبوط حاد في الدورة الدموية.
لكن رغم الرحيل، لايزال تأثيره ممتدا في كل من اعتلى خشبة المسرح بعده، وفي ذاكرة كل من ابتسم على وقع نكاته أو تربى على أغانيه، أو وجد في “المدبوليزم” مدرسةً للحياة قبل أن تكون فنا.