في مثل هذا اليوم، الثاني من شهر يونيو 2017، توفي الدكتور محمد الراوي، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن عمر يناهز الـ 89 عالمًا، وشُيع جثمانه من الجامع الأزهر الشريف، وتم دفنه بمقابر القوات المُسلحة بمدينة نصر بالقاهرة، بعيدًا عن مسقط رأسه -بأسيوط-، بحسب تصريحات نجله.
ونعى الأزهر الشريف العالم الجليل الشيخ الدكتور محمد محمد الراوي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مؤكدا، أن التاريخ سيظل يذكر فقيد الأزهر والأمة بعلمه وفكره الوسطى في بيان سماحة الإسلام، وجهوده الدعوية على كافة المستويات، ومصنفاته ومحاضراته التي أفاد منها طلاب العلم.
نشأة الشيخ محمد الراوي
ولد محمد محمد الراوي، في قرية “ريفا” محافظة أسيوط غرة فبراير 1928م، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة في القرية، حيث كانت المعاهد الأزهرية لا تقبل الطالب في السنة الأولى إلا بحفظ القرآن الكريم كله، وظل الطالب في المعهد تسع سنوات، أربع سنوات في القسم الابتدائي وخمس سنوات في القسم الثانوي.
وبعد الانتهاء من الدارسة في معهد أسيوط تقدم إلى كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، وحصل منها على الشهادة العالية عام 1954م، وبعد ما يقربل من عامين، حصل على الشهادة العالمية مع تخصص التدريس من كلية اللغة العربية – جامعة الأزهر عام 1956م.
وعمل بعد تخرجه بقسم الدعوة في وزارة الأوقاف، ثم أصبح مفتشًا عامًا في مراقبة الشؤون الدينية بعد مسابقة عامة لجميع المفتشين كان ترتيبه الأول على الناجحين، ونُقل بعدها إلى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة وعمل بالمكتب الفني بالمجمع.
بعثة نيجيريا
وأرسله الأزهر الشريف في بعثة إلى نيجيريا لتدريس اللغة العربية وعلوم القرآن، وطلبته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وانتقل إليها بداية من العام الدراسي 1390* 1391هـ واستمر بها مدة تزيد على خمس وعشرين سنة عمل خلالها في: “كلية اللغة العربية – مدرسا للتفسير والحديث، كلية العلوم الاجتماعية – من بداية إنشائها، وساهم في قيام كلية أصول الدين – وعمل بها أستاذا للقرآن وعلومه ورئيسا لقسم القرآن أكثر من ثلاثة عشر عامًا”.
وساهم في إنشاء المعهد العالي للدعوة الإسلامية وقام بإلقاء المحاضرات فيه وأشرف على بعض رسائل الماجستير للذين أكملوا الدراسة فيه، كما أشرف على كثير من الرسائل العلمية ما بين ماجستير ودكتوراة في كلية أصول الدين وغيرها من كليات الجامعة.
واشترك في مناقشة كثير من الرسائل العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الملك سعود.
وله مؤلفات عدة، منها: «الدعوة الإسلامية دعوة عالمية (مجلد كبير) طبع عدة مرات، كلمة الحق في القرآن الكريم – موردها ودلالتها (مجلدان) طبع أكثر من مرة، حديث القرآن عن القرآن (مطبوع)، القرآن الكريم والحضارة المعاصرة (كتيب مطبوع)، القرآن والإنسان (مطبوع)، الرسول في القرآن الكريم (مطبوع)، الرضا (مطبوع)، منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله (مخطوط)، كان خلقه القرآن (مخطوط)، المرأة في القرآن الكريم (مخطوط)».
المحاضرات الدينية
وعن جهوده في خدمة الإسلام، قام بإلقاء المحاضرات العامة في بيان هداية القرآن الكريم ومقاصده لمدة خمس سنوات في نيجيريا، وتعددت وتنوعت المحاضرات في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية : بدأ أول محاضرة عامة فيها في قاعة كلية الشريعة جامعة الإمام، حيث كانت في شارع الوزير، وكان موضوع المحاضرة الإسلام في نيجيريا، وقد طلب ذلك منه بحكم إقامته فيها وقدومه إلى الجامعة منها.
أعوام من التوعية في الحج
ونال شرف الاشتراك في التوعية الإسلامية في الحج لمدة خمسة عشر عاما لنشر التوعية بين حجاج المسلمين بإشراف رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية مع صفوة من علماء المملكة وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز بن باز.
ولم تنقطع المحاضرات العامة في أندية المملكة ومؤسساتها العامة ومعاهدها العلمية،وقد أتيح له كل ذلك في رحابة وراحة وحب طوال خمسة وعشرين عاما متصلة، ومحاضرات في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، فضلًا عن البرامج الدينية لسنوات طويلة في إذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر، ودولة الكويت وغيرها.
وكذلك المحاضرات الدينية العامة في داخل محافظات مصر العربية المختلفة وفي الجامعات المتخصصة والأندية العامة في القاهرة والأقاليم، والبرامج الدينية في بعض القنوات والمحطات الفضائية.
عمل مقدمة للمصحف الوثائقي الذي جمعته إذاعة القرآن بالقاهرة، فجمع بين القراء القدامى ووصل بينهم في مصحف متكامل بلا انقطاع، وقد طُلب منه عمل مقدمة لما يتلى في كل صباح من إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة، وقد تم ذلك حيث اكتمل تسجيل 392 حلقة تذاع يوميا قبل تلاوة القرآن في إذاعة القرآن بالقاهرة بصورة دائمة.