يستقبل المسلمون عاما هجريا ويودعون آخر، ومع دخول شهر الله المحرم، يتساءل كثيرون عن حكم تسميته بهذا الاسم، حيث أشار الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق وإمام الدعاة إلى المقصود بالتحريم في هذه الأشهر.
الأشهر الحرم
يقول الشيخ الشعراوي إنه في عنصر الزمان والمكان فيه حرم لحماية عزة وكبرياء الناس من بعضهم البعض مثل الأشخاص التي وقعت بينهم مشكلة ولا يردون الصلح، مشيراً إلى أنه لا تتصوروا أن هناك شخص يستطيع صلح اثنين لا يريدون الصلح، ولا يصلح في حالة ميل أحد منهم للصلح، لذلك خلق الله الزمان والمكان الحرم للدروة ليرتاح الناس وتلقي بالبغضاء والضغط حتى تصدر الأحكام في هدوء أعصاب”.
وأضاف الشعراوي: “أن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم”.
وفسر “الشعراوي” أن الله عز وجل يصف في هذه الآية “خمس أشياء: كـ “البيت الحرام، المسجد الحرام، والمشعر الحرام، الشهر الحرام”، وهذه أشياء نص الله عليه بأنها حرام لها حرمتها، فيجب من اتصل بيها يعطيها حقها”، مشدداً: “يريد الله سبحان وتعالى إعطاء فرصة لستر كبرياء النفس من غرورها، مثل سعار الحرب بين الأخصام والأعداء والاستعداد للحرب وهم كارهين لها، فخلق الله ستارا يستر فيه غرور وكبرياء الناس لكل حدث يحتاجه زمان ومكان”.
وأوضح الشعراوي: “ليجعل في الزمن شهور حرم فيها القتال حتى يتوقف فيها القتال والغزوات والحروب بين الأعداء ليخفوا أنفسهم من الحروب برحمة الله الذي أراد أن يستر دماء المقاتلين ليعصم الدماء، وكذلك جعل في المكان أماكن محرمة حتى يعصم الإماء التي تتناحر بالغيظ والغل والحقد”.
واختتم: “ولكن الله سمح بقتلهم في حالة بدأهم بالقتال، والذي جاءت في قوله تعالى: ” ولا تُقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم “، موضحا أن هناك أماكن وأزمنة محرم فيها ذلك والزمن هم أربع أشهر في السنة ومنهم واحد فرد، لعله إذا أتت الشهور أو يأتي المكان استريحوا من الحرب فيدركون لذة السلام”.
هل الهجرة النبوية في محرم؟
وصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة في شهر ربيع الأول، لكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجري لأنه كان بداية العزم على الهجرة؛ يقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (7/ 268، ط. دار المعرفة): [وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ -أي التأريخ بالهجرة- مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ؛ إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ، فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً. وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ] اهـ.