بدأت الدولة فى تنفيذ مشروع تطوير المنطقة المحيطة بمحطة سكك حديد مصر برمسيس، ضمن مخطط إعادة الرونق والمظهر الحضاري بهذة المنطقة، والمساهمة في حل المشكلات المرورية التي يعانى منها ميدان رمسيس.
وتم تقسيم اعمال التطوير على 3 مراحل تبدأ بحل مشاكل مواقف السيرفيس المنتشرة بالميدان وتجميعها فى مكان واحد مما يساهم فى انهاء العشوائية والتكدس المرورى التى تسببها المواقف.
وتأتى الخطوات التنفيذية لمشروع الميدان مع اقتراب وزارة النقل من افتتاح محطة قطارات الصعيد فى بشتيل، والتى تخفف الضغط على محطة مصر بنحو 50% من طاقة المترددين يوميًا.
موعد تطوير ميدان رمسيس
وخطة تطوير المنطقة تشمل محيط محطة مصر، ولا تضم أى إزالات وذلك ضمن القرار الذى اعلنه رئيس الوزراء، والذى ينص على إعلان منطقة ميدان رمسيس والسبتية وكوبرى الليمون كمنطقة إعادة تخطيط.
وفي هذا الصدد، أصدر اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، قرارًا يحمل رقم 1924 لسنة 2023، بشأن إعلان منطقة ميدان رمسيس والسبتية وكوبرى الليمون كمنطقة إعادة تخطيط.
وأضاف عبدالعال- خلال تصريحات له، أن هذا المشروع يشمل إقامة مواقف للسيارات والحافلات، وكذا أماكن للأنشطة التجارية والخدمية المتنوعة، فضلا عن الحدائق والمساحات الخضراء.
ومن جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على ضرورة أن تراعي عمليات تنفيذ مراحل مشروع تطوير ورفع كفاءة المنطقة المحيطة بمحطة سكك حديد مصر، الطابع المعماري لتلك المنطقة، بحيث تتسق مع ما تتضمنه من مبان وإنشاءات.
ما يتم تنفيذه حاليا من تطوير بمنطقة السبتية وميدان رمسيس شمل نقل بعض المواقف لجزء من ساحة محطة مصر برمسيس، وذلك ضمن اعمال المرحلة الأولى من التطوير، والتى تشمل تطوير موقف القللي وتحويل مبنى الصوامع والذي يقام على مساحة 12 ألف متر إلى جراج متعدد الطوابق مخصص منه موقف للمكروباصات، ومزود بالمحلات والأكشاك.
من باب الحديد إلى رمسيس
ويعد ميدان رمسيس، أشهر ميادين القاهرة من باب الحديد إلى رمسيس وخطط الحكومات منذ الخمسينيات حتى الآن فى تطويره، وميدان باب الحديد هو (ميدان رمسيس حاليًا) أشهر ميادين مصر وأكثرها ازدحامًا لكونه كان شاهدًا على وقائع وأحداث غيرت تاريخ مصر الحديث، حيث يربط ميدان رمسيس بين وسط المدينة وضواحى الأحياء الجديدة، كما يضم الميدان محطة مصر وتاريخها المعمارى وقيمتها الأثرية والتراثية، ولميدان رمسيس تاريخ طويل منذ مئات السنين، والذى بدأ بكونه قرية صغيرة ثم تطور عبر الزمن ليصبح الميدان على ما هو عليه الآن.
وقد وثّق المخرج العالمى يوسف شاهين اسم “باب الحديد” فى فيلمه السينمائى الشهير “باب الحديد”، والذى تناول حياة المهمشين بالميدان، حيث تجمع القادمين من المدن والأقاليم، عبر القاهرة وصولًا إلى رمسيس.
وسيتم الانتهاء من تطوير ميدان رمسيس خلال 6 أشهر، وسوف تشمل عملية التطوير ثلاثة مراحل، وعمليات التطوير سيراعى بها اتساق النسيج العمرانى الموجود بالأبنية باعتبارها طرازًا معماريًا متميزًا.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتطوير والتنسيق الحضارى، إن إعادة تخطيط ميدان رمسيس ضرورة نتيجة الفوضى والعشوائية التى سيطرت على المنطقة، مؤكدة ضرورة تكاتف وتضافر جهود جميع الجهات المعنية لوضع وتنفيذ دراسات وخطط فعالة فى هذا الصدد، ومنها هيئة التخطيط العمرانى والجهاز القومى للتنسيق الحضارى.
قرية صغيرة تدعى أم دنين
وأضافت حواس- خلال تصريحات لها، أن تطوير ميدان رمسيس يعد من أهم الخطوات التى يجب اتخاذها فى هذا الصدد الحفاظ على المبانى التراثية فى الميدان باعتبارها طرازًا معماريًا متميزًا، مشيرة إلى أن هناك مبانى تاريخية مسجلة فى التراث، والتى يجب حصرها وترميمها لحمايتها والحفاظ عليها مثل مسجد الفتح، مشيرة إلى ترميم واجهات المبانى التراثية المطلة على الميدان، والتى أغلبها مبانٍ تراثية.
وتابعت: “بالإضافة إلى إصلاح الأرصفة وتوسيعها وعمل مسارات آمنة للمشاة لسهولة التنقل من المحطة إلى أى منطقة أخرى بشكل آمن فى محيط الميدان والشوارع المؤدية له، وهناك ضرورة وضع حلول إقليمية للميدان من خلال تنظيم المناطق المحيطة، كما يجب أيضًا حسن استغلال الممرات، وينبغى أيضًا القضاء على مشكلة انتشار الباعة الجائلين والاهتمام بإزالة الإشغالات والمخالفات وغيرها من أسباب تفاقم المشكلة”.
والجدير بالذكر، أن كان ميدان رمسيس قرية صغيرة تدعى “أم دنين”، تمركز فيها الفاتحون العرب وأنشأوا بها مسجدًا سُمى مسجد “أولاد عنان” (مسجد الفتح حاليًا )، الذى أعاد بناءه فى العصر الفاطمى الحاكم بأمر الله، وسُمى جامع “المقس”، وقد تم هدم المسجد من قبل الفرنسيين أثناء حملتهم على مصر، إلى أن أُعيد بناؤه فى عام 1990، وأصبح اسمه مسجد الفتح.
وبأمر من محمد على باشا تحول ميدان رمسيس إلى متنزه، أما فى عهد عباس الأول فتم شق شارع رمسيس، الذى سُمى آنذاك شارع عباس الأول، ووصل الشارع إلى منطقة “الريدانية” (العباسية حاليًا)، وفى عهد الخديو إسماعيل أُنشئت محطة سكك حديد مصر فى عام 1851، وصممها المعمارى البريطانى “أدون باتر” على الطراز العربى الإسلامى، بعد أن عرضت عليه إنجلترا مد خط قطار يربط بين السويس والإسكندرية، لتسهيل حركة التجارة ونقل البضائع، بدلًا من تفريغها من السفن وتحميلها على الجمال إلى الميناء الآخر، وتم الانتهاء من مد خط القاهرة- الإسكندرية عام 1856، ومر أول قطار على خط السكة الحديد المصرية، بعد أن كانت «الحمير» هى ركوبة المسافرين ووسيلة نقل أمتعتهم، وبعد عامين افتتح خط القاهرة- السويس، وبعدها افتتح خط القاهرة- بورسعيد 1860، وبعد ذلك وصل خط السكة الحديد إلى أسيوط فى عام 1874، ثم مدينة الأقصر عام 1898.
وكانت ومازالت محطة باب الحديد الاسم الأقدم لـ(محطة سكك حديد مصر حاليًا)، المعروفة باسم محطة القاهرة أو رمسيس، وهى صرح عظيم له تاريخ معمارى وقيمة أثرية وتراثية، ومسجلة ضمن قائمة المبانى الأثرية فى مصر.