قرض صندوق النقد.. انعكست الإصلاحات العديدة التي تبنتها الحكومة، مؤخرًا على الرؤية الإيجابية للمؤسسات الدولية لمسار الإصلاح الاقتصادي، والذي يتمحور حول تعزيز قدرة وصلابة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات والمزيد من تمكين القطاع الخاص، وتوقعت تقارير المؤسسات الدولية أداء إيجابيا للاقتصاد الوطني خلال الفترة المقبلة.
قال الدكتور محمد معيط وزير المالية، إن الاحتياجات التمويلية الخارجية لمصر يحددها البنك المركزي المصري لأنها تتغير بشكل دوري، ولا يمكن حصرها بين 3 إلى 6 مليارات دولار.
وأضاف وزير المالية في تصريحات تلفزيونية من الإمارات، أن عملية مراجعة الاقتصاد المصري، كان من المفترض أن تتم خلال نوفمبر الماضي لكن هذا لم يحدث، ومصر تعمل بشكل جيد مع صندوق النقد الدولي، والعلاقة مع صندوق النقد الدولي ممتدة والمشاورات متواصلة.
قرض صندوق النقد
وأوضح وزير المالية، أن التصريحات الصادرة عن كريستالينا جورجيفيا مديرة صندوق النقد الدولي، تصريحات إيجابية وقريبا سنسمع أخبارا جيدة عن التعاون مع صندوق النقد الدولي، رافضا الإدلاء بأي تصريحات حول حقوق السحب الخاصة (شرائح القروض) التي يمكن الحصول عليها من صندوق النقد الدولي.
وذكر وزير المالية أن صندوق النقد الدولي عبر عن رغبته في زيادة التمويل الممنوح لمصر، وتنتظر مصر القرار في هذا الشأن، والصندوق لديه قواعده الخاصة في التمويل.
وأشار إلى أن حديث صندوق النقد الدولي عن خفض التضخم في مصر، أمر واقعي يحدث في كل دول العالم والمواطنون في كل أنحاء العالم أنظارهم تتجه نحو القوى الشرائية، وحال عدم السيطرة على التضخم فإن السياسات المالية للدول تضطرب بسبب التضخم المرتفع، بفعل الفائدة المرتفعة وتمويلات عجز الموازنة وبرامج الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أن مصر تدرس إصدار سندات استدامة بالروبية الهندية بقيمة قد تصل إلى مليار دولار في 2024.
وكان وزير المالية صرح بأن السنة المقبلة ستشهد إصدار صكوك جديدة، مؤكدًا أن مصر أصدرت صكوكا بقيمة 1.5 مليار دولار خلال 2023، كما قامت خلال العام الحالي بإصدار سندات بـ 500 مليون دولار في اليابان وسندات بقيمة 500 مليون دولار في الصين مشيرًا إلى أن الوزارة تدرس إصدار سندات استدامة بالروبية الهندية.
وبدا موقف صندوق النقد الدولي أقل تشددا بكثير تجاه التعامل مع مشكلة ازدواج سعر الصرف في مصر، إذ أكدت مديرة الصندوق أن مؤسستها بصدد دعم مصر وبكل قوة مع إعطاء الأولوية لمكافحة التضخم، وقالت كريستالينا جورجييفا مديرة صندوق النقد الدولي في حوار مع قناة “سكاي نيوز عربية” على هامش قمة المناخ COP28 المنعقدة في الإمارات، إن الصندوق سيرفع “على الأرجح” حجم قرضه إلى مصر، وسيعمل على مكافحة التضخم فيها، ثم “سنلقي نظرة على نظام سعر الصرف”.
وخلال لقاء اليوم، أكدت جورجييفا أن الصندوق سيدعم مصر بقوة لمواصلة الإصلاحات، وسيواصل خدمتها بدأب عبر سياساته وقدراته المالية، مشيرا إلى أن مصر طلبت مساعدتنا لتحقيق مستهدفات التضخم وهذا أمر حكيم جدا لأن التضخم هو عدو الفقراء.
يشار إلى أن مصر تسعى لاستئناف برنامج القرض الذي يمتد لأربع سنوات وقيمته 3 مليارات دولار على ثماني دفعات، كما بذلت بعض الجهود لزيادته إلى 5 مليارات دولار، وتشمل الالتزامات الرئيسية لمصر في إطار هذا البرنامج تنفيذ أنظمة مرنة لأسعار الفائدة وأسعار الصرف، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وخفض مستويات الدين والتضخم إلى أرقام ما قبل الوباء بحلول نهاية البرنامج، وتقديم حصص في 35 شركة مملوكة للدولة لمستثمرين استراتيجيين بحلول عام 2024، وكانت مصر عقدت الاتفاقية في ديسمبر 2022، وحصلت على الدفعة الأولى .
صندوق النقد الدولي
من جانبه قال الدكتور فخري الفقي، المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنه يتوقع أن يقوم صندوق النقد الدولي بزيادة قيمة القرض المخصص لمصر في الفترة المقبلة.
وأضاف “الفقي”، أن الزيادة المتوقعة في قيمة القرض تأتي في إطار التعاون لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ونتيجة لتأثر مصر بتداولات الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأشار الفقي إلى أن هناك طريقتين رئيسيتين لزيادة قيمة تمويل الصندوق لمصر، الأولى هي صرف قرض من صندوق الاستدامة بقيمة تقدر بحوالي 1.3 مليار دولار، بالإضافة إلى زيادة قيمة القرض الحالي، ما يرفع إجمالي التمويل إلى ما بين 4.5 مليار دولار و5 مليارات، والطريقة الثانية، تتعلق برفع الحد الأقصى لتمويل مصر إلى أكثر من 7 أضعاف حصتها في رأس مال الصندوق، البالغة 2.8 مليار دولار، ومع ذلك، يعتبر الفقي أن هذا السيناريو أقل احتمالا.
وقال أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، إن تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي تصريحات مهمة وتأتي في توقيت مهم، فهي تشير إلى أن الصندوق “فتح الدعم لمصر وبدون شروط”.
وأوضح معطي، في تصريحات لـ”صدى البلد”، أن هذه التصريحات في الحقيقة تشيد بدور الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لأن التغير في الموقف جاء بعد لقائه مع مديرة الصندوق وأسلوبه الحكيم وطريقته في الاقناع، معقبا: مديرة صندوق النقد الدولي، ترى أن “الدولة المصرية تقوم بمجهودات كبيرة خلال هذه الفترة”.
وتابع الخبير الاقتصادي: “مديرة الصندوق ترى أن المشروعات التنموية التي لم تتوقف، والدعم الكامل من قبل الدول العربية وزيادة استثماراتها في مصر وتجديد الودائع الخاصة بها يضاعف من حالة الثقة في قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على الاستمرار والصمود رغم الأزمات العالمية وما فرضته من تحديات”.
وأكد معطي، أن الاقتصاد المصري استطاع في ظل التحديات العالمية أن يثبت قدرته على الصمود، وهذا ما أشادت به مختلف المنظمات الاقتصادية الدولية.
جدير بالذكر، أن مصر سددت 52 مليار دولار مستحقة عليها من ديون وأقساط دين خلال العامين الماليين الماضيين، منها 25.5 مليار دولار خلال الشهور الستة الأولى من العام الجاري، وفقًا لتصريحات صحفية لوزير المالية محمد معيط.
وتستعد مصر لسداد التزامات دولية تقدر بقيمة 15.1 مليار دولار قبل نهاية العام الجاري، حسب بيانات البنك المركزي. في وقت قال معيط إن الحكومة تعتزم الاقتراض من خلال إصدار سندات الباندا الصيني، والساموراي الياباني بقيمة 500 مليون دولار لكل منهما.
وأكد خبراء اقتصاد، قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية دون تعثر في ظل تحسن إيرادات الدولة الدولارية، وتنويع الشراكات مع الشركاء الدوليين والإقليميين.