نظمت القاعة الدولية في بلازا 2 بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55 ندوة بعنوان “كتاب وجوائز”، بحضور الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة والفائز بجائزة زايد للكتاب (مصر)، والدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، الفائز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية (الإمارات) والدكتورة نجيمة طاي طاي، الأستاذة بجامعة محمد الخامس، الفائزة بجائزة سرد الذهب فرع الرواة (المغرب) وأدار الندوة الإعلامي مصطفى المنشاوي.
في البداية تحدث الكاتب الدكتور عبد العزيز المسلم عن تأثره بمجموعة من المبدعين مثل الشاعر النبطي راشد الخضر وأنيس منصور، وفي مجال التراث المرحوم الدكتور أحمد مرسي، وقد كان محفزا كبيرا له للاهتمام بالتراث والأدب الشعبي.
وعن أهمية التراث الشعبي، أكد “المسلم” أن الأدب الشعبي لابد أن يكون في مصاف الآداب الأخرى، لأن السنوات الماضية أثبتت أنه الأقدر على التعبير عن المجتمع فهو يذوب بين الناس ويعاد إنتاجه طوال الوقت.
وعن إقبال الشباب على قراءة مثل هذا النوع من الأدب، يرى “المسلم” أن الشباب الآن أصبح أسير النطف، فقد حدث اختزال كبير للمنتج الثقافي وأصبح يعتمد على المنصات ذات المساحة المحدودة، وللأسف أصبح أغلب الشباب يهتمون بالشكل أكثر من مضمون العمل الثقافي والقراءة لا ترتبط بالغني والفقير فهي حالة إنسانية بكل أشكالها.
وأوضح أنه مهتم كثيرا بالتراث العربي، ولديه توجيهات من الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة، بدعم التراث العربي، ومنذ 3 عقود ونحن نعمل على دعم التراث العربي.
واكد أن من يكتب للحصول على جائزة فهذا مجرم نوعا ما، مشيرًا إلى أن هناك كتاب يترصدون الجوائز للحصول عليها وهذا مشروعهم الفاسد، قائلا: ” أنا أكتب لأني أريد الكتابة والأصل أن ينتج الباحث نتاجه الفكري والأدبي ومن ثم يتم تكريمه إذا كان نتاجه يستحق.
وأوضح أنه سعيد بأن المؤسسات العربية تُكرم الناس في حياتهم، وليس بعد مماتهم، منوها بأنه في أوروبا هناك شباب في عمر الـ25 عاما يكرمون على إنتاجهم الأدبي، وأعرف بعض المثقفين أنشأوا مؤسسات من المبلغ الكبير الذي حصلوا عليه من التكريمات، وقد حاولت كثيرا أن أفتح أبواب كثيرة لمن يعملون في التراث الشعبي.
من جانبه قال الدكتور سعيد المصري، إن سبل التلقي تختلف الآن أمام تطوير ما يقدم، موضحا أن المجتمع العربي الآن أكثر ثقافة واطلاعا عما سبق، وبالطبع فقد كان هناك الكثير من الرموز ولكن الآن لم تعد الثقافة متمركزة في مكان ما وأصبحت طاغية في كل مكان.
وأوضح أن الحياة قبل الجائزة تختلف عن الحياة بعد الجائزة، فالمبدع يعيش طول الوقت في حالة خلق إبداعي، والجائزة تضعه أمام مسئولية أن تكون حاصل على جائزة، خاصة إذا كنت مبدع حقيقي وتظل تسأل نفسك ما الذي ستقدمه بعد ذلك.
ورفض “المصري” مقولة أن الماضي أفضل من الحاضر، قائلا بالعكس كلما تقدم بنا الزمن كلما زادت المعرفة، فقد تنوعت وسائل التواصل ويستطيع أي إنسان في العالم العربي الوصول إلى ما يرد، لكن هل الأجيال الجديدة لديها روح الأجيال السابقة، مشيرا إلى أنه لدينا شباب بطاقة كبيرة تحتاج من الحكومات أن تعزز الاستفادة من هذه الطاقة.
وأوضح أن التراث الشعبي تعرض لهجوم كبير من المثقفين والدينيين، فالأدب الشعبي له نفس القدر من الاهتمام كما هو الحال بالنسبة للغة، فإذا ما أنتج عمل ثقافي بلهجات أخرى تعبر عن الثقافة الشعبية كانت تلاقي هجوما رهيبا، وجاء رعيل من الأساتذة الكبار بدأوا بحفظ التراث بشكل منهجي وبدأنا الآن نسأل ماذا بعد، هل كل ما نجمعه هو مهم فهناك من يتحدث عن التراث وكأنه كتلة واحدة والحقيقة غير ذلك فكما نعتز بالموروث الشعبي لابد أيضا أن ننتقي منه ما يناسب الحفظ وكل مرحلة لها إضافتها الجيدة.
بدورها قالت الدكتورة نجيمة طاي طاي، الأستاذة بجامعة محمد الخامس، الفائزة بجائزة سرد الذهب فرع الرواة (المغرب)، إنه من المفترض أن نتعامل مع التراث على أنه حي ويساهم في المجتمع، وما أحوجنا في هذا الفترة إلى النظرة مرة أخرى في تراثنا.
وأضافت “طاي طاي” أنها مهتمة بالحكاية الشعبية، وعانت من النظرة الدونية لهذا الأمر، ولكنها أصرت وآمنت بما تفعله حتى وصلت لكل هذا، مشيرة إلى أن الكلمة لها سلطة على المستمع، فالراوي لديه من الإمكانيات ما يمكن أن يكون صعبا على القارئ، ولدي كتاب في هذا الإطار بعنوان “الغول بين الحقيقة والخيال في الدراسة الشعبية المغربية”.
وتابعت أنه لدينا حكايات سببية كثيرة تجيب عن أصول العالم مثل لماذا البحر مالح؟ ولماذا زلومة الفيل طويلة؟ ومن هنا بدأ اهتمامي بالحكاية الشعبية كمادة.
واستطردت: كانت جدتي عالمة وفقيهة وتحفظ القرآن وماتت عن عمر 107 أعوام، وهي من علمتني الحكايات وترعرت عليها، ولهذا سرت على نفس نهجها لكن بتوثيق كل ما أحصل عليه في الكتب.
واختتمت: لدينا مجموعة من المهرجانات حول الحكاية في العالم العربي، وشريكنا الأساسي في هذا الأمر هو معهد التراث في الشارقة، وقد كان لي الشرف أن نلت جائزة على يد الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عام 2017 ، وهذه الجائزة حملتني الكثير من المسؤولية وأنا أشعر أن لدي طاقة للإبداع أكثر مما سبق، نظرا للاهتمام بالباحثين والمبدعين.