تجري مصر تحركات وخطوات كبيرة لاحتواء الأزمة داخل قطاع غزة، على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، بجانب الشق الإنساني، حيث يشهد القطاع عملية تدمير ممنهجة من قبل إسرائيل منذ 9 أيام، وتحديداً عقب عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها الفصائل الفلسطينية المختلفة.
مصر تتبنى قمة لحل الأزمة في غزة
ودعت مصر الأحد إلى عقد قمة إقليمية ودولية حول القضية الفلسطينية، بحسب بيان نشرته الرئاسة المصرية، وصدرت هذه الدعوة في ختام اجتماع عقده مجلس الأمن القومي المصري برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبدأت مصر التجهيزات لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول “تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية”، يوم السبت القادم، ووجهت مصر دعوات رئاسية لعدد من الدول، غير أن القائمة النهائية للدعوات والحضور لم تكتمل بعد، وتشمل الدعوات قادة دول الخليج وعدد من الدول العربية، إضافة إلى الدول الأعضاء بمجلس الأمن، وقادة عدة دول أبدت مواقف مؤيدة للمشاركة.
ونقلت وكالتا الأنباء الكويتية والقطرية الدعوة الموجهة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكل من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، والشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، للمشاركة في قمة لبحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، المقرر عقدها في القاهرة في 21 أكتوبر الحالي.
وكانت وزير الخارجية الفرنسية، كارتين كولونا، أعلنت في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها المصري سامح شكري، موافقة بلادها على المشاركة في القمة، وأكدت على أهمية عقدها موجهة الشكر لمصر على الدعوة لعقد واستضافة المؤتمر.
ورجحت المصادر عقد القمة بالعاصمة الإدارية الجديدة، شرقي القاهرة، وقال شكري خلال لقائه نظيرته الفرنسية، إن الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ بعد موقفا يسمح بفتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة.
وأضاف أن مصر تهدف منذ اندلاع الصراع إلى استمرار تشغيل معبر رفح، واصفا الوضع الذي يواجهه الشعب الفلسطيني في غزة بأنه خطير.
ورأس الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، اجتماع مجلس الأمن القومي؛ حيث تم استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصةً ما يتعلق بتطورات التصعيد العسكري في قطاع غزة.
وقد صدر عن الاجتماع القرارات الآتية:
- مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين.
- تكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات المطلوبة.
- التشديد على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
- إبراز استعداد مصر للقيام بأي جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام.
تأكيد أن أمن مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته. - توجيه مصر الدعوة لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.
- وقرر الاجتماع توجيه مصر الدعوة لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.
وقال البيان إن الاجتماع قرر مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين، وتكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات المطلوبة.
وشدد الاجتماع، على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
فتح مسارات تفاوضية جديدة
وأكد الخبراء والمحللون السياسيون، أن الدعوة التى وجهتها مصر لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية يؤكد دورها المحوري والريادي الداعم دائمًا وأبدًا للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، مشيدين بالموقف المصري بشأن ضرورة وقف الحرب على غزة وإيصال المساعدات العاجلة للأشقاء الفلسطينيين فوراً.
من جانبه أكد الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية، أن من أهم ما تم طرحه من قبل القيادة السياسية المصرية هي ضرورة عقد قمة إقليمية لصناعة السلام في منطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أن هذه القمة ستؤسس لمرحلة جديدة في القضية الفلسطينية، والسعي بكل قوة إلى تنفيذ مبدأ حل الدولتين، مؤكد أن هذا لن يأتي إلا بضغط المجتمع الدولي، ونظرًا لهذه الرؤية، تتحرك مصر في هذا الاتجاه للعمل على توحيد المواقف العربية والإقليمية والدولية للضغط على تكوين وسيلة ضغط حقيقية على الإدارة الأمريكية وإسرائيل للعودة للمفاوضات المتوقفة منذ العام 2014.
وأضاف فارس في تصريحات لـ “صدى البلد”، من المتوقع أن تعمل هذة القمة على فتح مسارات تفاوضية جديدة تكون قائمة على أساس حقيقي ومن خلال آليات ووضع جدول زمني بموجبه أن تنسحب إسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عادلة، بالإضافة إلى أن يكون هناك إرساء للسلام وتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية، وهذا لن يحدث إلا من خلال إيجاد سلام حقيقي بين المنطقة العربية وإسرائيل وهذا لن يتحقق إلا باستقرار دولة فلسطينية.
ومن جانب آخر، أشاد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، والخبير الدولي بالتحذيرات التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي وسياسات العقاب الجماعي، وذلك خلال استقباله كاترين كولونا وزيرة خارجية فرنسا، موضحاً أن تصريحات الرئيس تجسد التزام مصر الراسخ تجاه القضية الفلسطينية وشعب فلسطين الشقيق.
وأضاف مهران في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن تحذيرات الرئيس السيسي تعكس الالتزام العميق لمصر تجاه القضية الفلسطينية ورفضها القاطع للممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية التي تستهدف الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن مصر سباقة دومًا لنصرة القضية الفلسطينية والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان بحق الفلسطينيين على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد أن تحذيرات الرئيس السيسي من مخاطر سياسات التجويع والحصار الإسرائيلية على غزة، جاءت متماشية تمامًا مع أحكام القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر العقوبات الجماعية ويلزم إسرائيل بتوفير احتياجات المدنيين في الأراضي المحتلة وعدم تجويعهم أو حرمانهم من الرعاية.
كما رحب بدعوات الرئيس لتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته اتجاه مأساة غزة، مشددًا على أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن ملزمان بالتدخل لحماية المدنيين، داعياً قوات الاحتلا الإسرائيلي لوقف فوري لسياساتها القمعية بحق الشعب الفلسطيني، محذرًا من أن استمرارها سيؤجج التوتر ويهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي.
وشدد علي ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني، والاتزام بقواعد القانون الدولي وإنهاء حالة الاحتلال، مشيراً الي أنه الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.