دخل اتفاق الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ، بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، في تمام الساعة الـ7.00 صباحا، بتوقيت غزة، وذلك بعد حوالي 7 أسابيع من العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع، وهي أول هدنة من نوعها بين حماس والاحتلال منذ عملية طوفان الأقصى والتي نفذتها المقاومة يوم 7 أكتوبر الماضي.
بدء سريان الهدنة الإنسانيه
وبدأ سريان اتفاق الهدنة الإنسانيه في قطاع غزة بين الفلسطينيين والإسرائيليين صباح اليوم الجمعة، بعد توافق الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على بنودها التفصيلية، برعاية مصرية قطرية أمريكية، حيث يسمح الاتفاق على تنفيذ النقاط التالية:
- تستمر الهدنة التي أسفرت عنها الجهود المصرية القطرية الأمريكية لمدة 4 أيام.
- سيتم وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في كافة مناطق قطاع غزة.
- يسمح خلال مدة الهدنة بدخول مئات الشاحنات من المساعدات الإنسانية والطبية والوقود إلى قطاع غزة.
- سيتم بموجب الاتفاق إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عاماً، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعب فلسطين من سجون الاحتلال دون سن 19 عاماً.
- سيتم وقف حركة الطيران في (الجنوب)على مدار 4 أيام.
- سيتم وقف حركة الطيران في (الشمال) لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة 10:00 صباحا حتى الساعة 4:00 مساء.
- خلال فترة الهدنة يضمن حرية حركة الناس وعدم التعرض لهم وخاصة على شارع صلاح الدين بحيث يمكن التنقل من شمال القطاع إلى جنوبه.
انشقاق يضرب تل أبيب
من ناحية أخرى، تشير الأصوات الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية وفي تل أبيب، إلى أن إسرائيل أجبرت على الهدنة واستسلمت لشروط حماس في النهاية، فقد اعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الأربعاء الماضي، أن اتفاق الهدنة وتبادل الرهائن الذي توصلت إليه إسرائيل وحماس “سابقة خطيرة تكرر أخطاء الماضي”.
وقال بن غفير في تغريدة على موقع “إكس”، “تويتر” سابقا: “رغم أن الأمر كان له بعض الإيجابيات، فإن لدينا واجبا أخلاقيا بإعادة الجميع، وليس لدينا الحق أو الإذن بالموافقة على فكرة فصلهم وإعادة البعض فقط”، منتقدا الاتفاق لأنه لم يضمن إطلاق سراح جميع النساء والأطفال المحتجزين في غزة، ووصفه بأنه “غير أخلاقي وغير منطقي”، مضيفا: “كان من الممكن وينبغي أن يكون مختلفا”.
وزعم أن حماس أرادت هذه الهدنة أكثر من أي شيء آخر، كما أنها أرادت التخلص من النساء والأطفال في المرحلة الأولى لأنهم تسببوا في ضغوط دولية كبيرة عليها، وأرادت في المقابل الحصول على الوقود وإطلاق سراح مقاتليها المحتجزين ووقف عمليات الجيش الإسرائيلي وحتى حظر الطيران الاستطلاعي، وحصلت على كل هذا.
وحث بن غفير على تكثيف العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي ضد حماس بهدف الضغط على الحركة للموافقة على صفقة شاملة للرهائن، مشيرا إلى أن وزراء حزبه صوتوا ضد الاتفاق، وجميع الخيارات في الوقت الحالي “سيئة”، محذرا من أن أي صفقة من هذا القبيل ستنتهي بـ”كارثة”.
الاتفاق هزيمة لإسرائيل
وفي حديث لـ وزير الأمن القومي الإسرائيلي، للقناة الـ14 الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، أعرب عن إنزعاجه من الصفقة، وسلط الضوء على صفقة التبادل السابقة الخاصة بإطلاق سراح سراح جلعاد شاليط، وبالمقابل أطلقت إسرائيل سراح يحيى السنوار وأصدقائه ولتجلب على نفسها المشاكل.
والصفقة التي تحدث عنها بن غفير، كانت قد تمت في 2011، وشهدت إطلاق إسرائيل سراح 1027 سجينا فلسطينيا مقابل جلعاد شاليط، الذي أسرته حماس عام 2006 أثناء خدمته في الجيش الإسرائيلي، وكان من بين المفرج عنهم في هذه الصفقة أعضاء حماس البارزون، ومنهم يحيى السنوار الذي يقود الحركة حاليا، والذي يعتقد أنه العقل المدبر الرئيسي للهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل، الذي قتل فيه ما لا يقل عن 1200 شخص وتم اختطاف حوالي 240 آخرين.
وكان بن غفير قد هدد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بالاستقالة من الحكومة إذا لم يستأنف القتال ضد حماس في قطاع غزة بعد صفقة إطلاق سراح الأسرى والرهائن، قائلا: “ليس لدينا ما نفعله في الحكومة”.
وكان التخبط، قد تسرب إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي قبل إقرار الهدنة الإنسانية في غزة، إلى الحد الذي هدد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزراءه بإخضاعهم لجهاز لاختبار كشف الكذب، بحسب صحيفة “إسرائيل هيوم”، والتي أكدت أن نتنياهو أمر بتسريع إقرار قانون جديد بخصوص الاختبار، وفقا لما نقلت عن مصادر مطلعة على القضية.
عرض الوزراء على جهاز كشف الكذب
ويسمح التشريع في حال إقراره، بالتحقيق مع الوزراء وإخضاعهم لجهاز اختبار كشف الكذب، والأمر سيستغرق عدة أسابيع من أجل إقرار الاختبار عبر الكنيست الإسرائيلي، وبعد إقراره، يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي الشروع فورا في تطبيقه.
وسيكون القانون الجديد، الذي يعمل عليه نتنياهو، تغييرا كبيرا في قانون “الشاباك”، وينص على أنه يمكن إخضاع المسؤولين المنتخبين أيضا للفحص بناءً على طلب رئيس الوزراء، وهو ما يمهّد عمليا لمساءلة الوزراء، بسبب طبيعة النظام المختلط في إسرائيل حيث الوزراء أعضاء في البرلمان.
في هذا الصدد، قال اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجي، إن الهدنة تمت بجهود مصر وقطر وأمريكا، وفق استراتيجية وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحا أن زيارة رئيس الشاباك الإسرائيلي لمصر ولقائه باللواء عباس كامل، كان علامة كبيرة على احتمالية عقد هدنة بين الطرفين.
وأضاف فرج، خلال تصريحات إعلامية لـ “صدى البلد”، أن هذا الاتفاق هو خسارة لإسرائيل بعد مزاعمها أنها ستتخلص من حركة حماس، بعكس إعلان إسرائيل عن مقتل قائد اللواء الجولاني وعدم قدرتهم على تحرير الرهائن أو الاستيلاء على أراضي، علاوة على خسارة الأمن الإسرائيلي والمخابرات شعبيتهم لدى مواطنيهم، بجانب فقد الثقة في حكومة نتنياهو.
وأكد أن الهدنة فرصة لحماس لإعادة ترتيب أوضاعها بعد القتال المتواصل، بالإضافة إلى نقل الجرحى والمصابين وترميم البنية الأساسية من الصرف الصحي والمياه والكهرباء، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق يعني أن التفاوض حق ولا اتفاق بالسلاح، مؤكدا أن اختراق الهدنة أمر جائز الحدوث على حسب نية كل طرف، وتبادل الأسرى لن يتم مرة واحدة اعتبارا لذلك الأمر.