كيف يكون التيسير على المعسر؟.. سؤال بينه الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، خلال حديثه عن فضل التيسير على الناس.
كيف يكون التيسير على المعسر؟
حيث جاء ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ رضي الله عنه، أنه ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: « ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻋﻦ ﻣﺆﻣﻦ ﻛﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﻛﺮﺏ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻧﻔﺲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻛﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﻛﺮﺏ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺴﺮ، ﻳﺴﺮ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻣﻦ ﺳﺘﺮ ﻣﺴﻠﻤﺎ، ﺳﺘﺮﻩ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﻮﻥ اﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﻋﻮﻥ أخيه) رواه مسلم في صحيحه، (ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة).
وتابع: التيسير على المعسر يكون بأمور .
١- بإبراء.
٢- بهبة.
٣- بصدقة.
٤- بنظرة إلى ميسرة.
وتابع: هذا والمعسر من عليه دين وتعسر عليه أداؤه من العسر وهو الضيق والشدة، يسر الله عليه أموره ومطالبه في الدنيا والآخرة مجازاة عليه بجنسه لأنه إحسن إلى عيال الله تعالى وأحب خلقه إليه أنفعهم أعماله.
وأشار إلى أنه في العملين السابقين التنفيس عن الناس والتيسير عليهم بشارة بحسن الخاتمة، ذلك لأن الكافر لا بنفس عنه شيئ من كرب يوم القيامة ولا ييسر عليه من أمور الآخرة شئ.
مفهوم جريان قدر الله
فيما يقول سيدي ابن عطاء: «مَا مِنْ نَفَسٍ تُبْدِيهِ» أي تخرجه «إِلاَّ وَلَهُ قَدَرٌ فِيكَ يُمْضِيهِ» إذًا فقدر الله سبحانه وتعالى مستمر؛ لأن أنفاسك مستمرة، لا يستطيع الإنسان أن يعيش بلا تنفس، وقدر الله سبحانه وتعالى مع كل نفسٍ فيك فهو مستمرٌ باستمرار أنفاسك، قدر الله سبحانه وتعالى في كل شيء، في جسدك، في قلبك، في عقلك، في أعمالك سواءٌ أكانت أعمال الجوارح، أو كانت أعمال القلوب، أو كانت أعمال العقول، هناك قدر، ولذلك {خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} فأنت وأفعالك مخلوقةٌ لله سبحانه وتعالى، هناك أيضًا العلاقات التي بينك وبين الآخرين، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقها، هذه العلاقات قد تجد أحدهم يحبك، وتجد آخر يكرهك، وتجد آخر لا يعتني بك، ولا يعرفك، وتجد آخر وكأنه يضحي بنفسه من أجلك، سبحان الله كونٌ خلقه الله، ولله قدرٌ فيك.
وفي كل نَفَس تبديه لله قدرٌ فيك يمضيه، لو أن الإنسان عرف هذه الحقيقة، ثم صدّقها، ثم عاشها، وهذه مراحل مختلفة، أنت الآن تسمع هذه الحقيقة أن الله له قدر يمضيه فيك باستمرار مع دخول كل نفسٍ وخروجه، ولكن قد لا يُصدِّق واحدٌ من الناس هذا، ويرى أن الله قد خلقنا وتركنا، الذي يُصدِّق هذا قد يغفل عن معنى هذا، وعما يستلزمه هذا، وقد يعيش في هذا المعنى، فنحن نريد من المؤمن أن يفهم، ثم يُصدِّق، ثم يعيش هذا المعنى في حياته، لو عشت هذا المعنى في حياتك فسوف تصل إلى مجموعة الأخلاق التي تصحح بها عقيدتك، وتكون مؤدبًا مع ربك، وتكون نافعًا لكونك ونفسك إذا فهمت وصدَّقت وعشت هذا المعنى.
«مَا مِنْ نَفَسٍ تُبْدِيهِ ، إِلاَّ وَلَهُ قَدَرٌ فِيكَ يُمْضِيهِ» ربنا سبحانه وتعالى جعل هذا المقام مقامًا شريفًا، ولذلك السادة الصوفية يسمون هذا المقام إذا ما الإنسان عاش في مفهوم جريان قدر الله سبحانه وتعالى في صورةٍ مستمرة بـ” أهل العنايات”؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد اعتنى بهم ووفقهم إلى هذا، أهل العنايات العناية فيها نوعٌ من أنواع التربية، ونوعٌ من أنواع الرعاية، ونوعٌ من أنواع الكنف أن تكون في كنف الله سبحانه وتعالى ؛فسُمي من يعيش في مفهوم استمرار قدر الله علينا بهذا الاسم. وأهل العنايات يشعرون بلذة في القلب إذا دخلت لا تخرج أبدا.