أكد وزراء خارجية كوريا الجنوبية واليابان والصين الأحد، الحاجة إلى عقد قمة ثلاثية في “أقرب وقت ممكن”، بعد أول اجتماع ثلاثي منذ أكثر من أربع سنوات، فيما طالبت سول بكين بلعب “دور بناء” في نزع سلاح كوريا الشمالية النووي، واصفة إطلاق بيونج يانج قمر تجسس بأنه “تهديد خطير” لأمنها القومي.
واجتمع كل من الوزراء الكوري الجنوبي بارك جين واليابانية يوكو كاميكاوا والصيني وانج يي اليوم الأحد، في مدينة بوسان الجنوبية الساحلية، على وقع تزايد قلق بكين إزاء تنامي العلاقات الأمنية لطوكيو وسول مع واشنطن.
ويعد هذا الاجتماع الثلاثي العاشر لوزراء خارجية الصين واليابان وجمهورية كوريا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن “الأطراف الثلاثة على اتصال بشأن الأمور المتعلقة بهذا الاجتماع.. وإذا تحقق ذلك، سيكون هذا أول اجتماع مباشر لوزراء الخارجية الثلاثة منذ أكثر من أربع سنوات.. يُنظر إليه في كثير من الأحيان على أنه “آخر حلقة مهمة” في الاستعدادات لاجتماع قادة الصين واليابان وجمهورية كوريا. ولذلك، فإن أكبر التوقعات التي يجلبها هذا الاجتماع للناس هي بلا شك ما إذا كان يمكن أن يضع الأساس للدول الثلاث لمواصلة تعزيز التعاون واستئناف اجتماع القادة. حسبما ذكرت شبكة “جلوبال تايمز” الصينية.
ووافق وزراء خارجية الصين واليابان وكوريا الجنوبية اليوم الأحد على استئناف التعاون بين الجيران الآسيويين وفتح الطريق أمام قمة لزعمائهم الثلاثة في أحدث خطوة لتخفيف التوترات في المنطقة الحيوية.
تعثر آلية التعاون الثلاثي
وبعد أكثر من 20 عاما من التنمية، شكلت آلية التعاون الثلاثي بين الصين واليابان وجمهورية كوريا، التي بدأت في عام 1999، تدريجيا نظاما يتمحور حول اجتماع القادة وتدعمه الاجتماعات الوزارية واجتماعات كبار المسؤولين وأكثر من 70 اجتماع عمل، وأنشأت أمانة التعاون الثلاثي في سيول.
وتتناوب الصين واليابان وكوريا الجنوبية، بهذا الترتيب، الرئاسة التي تتولاها حاليا كوريا الجنوبية، وعُقد آخر اجتماع لوزراء خارجية الصين واليابان وجمهورية كوريا في بكين في أغسطس 2019، ثم توقفت هذه الآلية بشكل غير متوقع بسبب جائحة كوفيد-19 المفاجئ. ومع ذلك، على مدى العقود الأربعة الماضية، كانت العقبات التي تحول دون إعادة تشغيل هذه الآلية أكثر بكثير من مجرد “كوارث طبيعية” مثل الوباء، وأعطت التغييرات الجذرية في المشهد السياسي الدولي الكثير من الناس إحساسًا بحدوث “تغيير جذري”.
أسباب الأزمة
وخلال الفترة الأخيرة، تزايد بشكل كبير انخراط القوى الخارجية، أو العامل الأمريكي، وفي شرق آسيا، الأمر الذي شكل سحابة سوداء على العلاقات بين الدول الثلاث، إذ أدى التدخل القوي للولايات المتحدة كدولة خارج الحدود الإقليمية في شرق آسيا إلى تغيير وتدخل بل ودمر آلية التعاون الثلاثي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية، والسياسة الموالية للولايات المتحدة والمؤيدة لليابان التي اتبعتها إدارة يون بعد ذلك.
ولم يتوقف الأمر عند أمريكا، بل وفي وقت سابق، ذكرت وكالة “رويترز”، أن حلف شمال الأطلسي يخطط لفتح مكتب اتصال خاص به في اليابان بهدف مواجهة التحدي الجيوسياسي الذي تتبناه كلا من روسيا والصين، من أجل تعزيز التشاور بين حلفاء الناتو نيوزلندا وأستراليا وكوريا الجنوبية.
وقالت صحيفة “نيكي” اليابانية في تقريرها، إنه من المقرر مبدئيًا أن يضم مكتب الاتصال المقترح شخصًا واحدًا فقط وسيعمل في طوكيو العام المقبل، لكن التفاصيل مثل ما إذا كانت اليابان ستوفر التمويل وما إذا كان سيتم توفيره من قبل الناتو لا تزال قيد المناقشة.
من جانبها، دعمت اليابان تايوان على مدار السنوات الماضية، نظرا لموقعها الجغرافي، ورفضت بشكل قاطع مطالب الصين بتبعية تايوان لها.
واتهمت الخارجية الصينية طوكيو بتأجيج الصراع في المنطقة.
وتأجج الصراع بين اليابان والصين أيضا في الآونة الأخيرة، بعد تصريف اليابان مياهها النووية من محطة فوكوشيما في المحيط، ما دفع الصين إلى مقاطعة المأكولات البحرية اليابانية وتحذيرها من استكمال خطة التفريغ، بل ودعا الجانب الصيني المجتمع الدولي إلى العمل سويا على حث الحكومة اليابانية على تصحيح قرارها الخاطئ، والوقف الفوري لتصريف المياه الملوثة نوويا في البحر، والتواصل بإخلاص وحسن النية مع الدول وأصحاب المصلحة المعنيين، ومعالجة المياه الملوثة بطريقة مسؤولة، من أجل عدم إلحاق خراب وأضرار لا يمكن التنبؤ بها بالبيئة البحرية العالمية وصحة ورفاهية شعوب العالم.
بداية جديدة للعلاقات
وفي الوقت الذي تصلح فيه الصين والولايات المتحدة العلاقات المتوترة، بما في ذلك قمة هذا الشهر بين الرئيسين شي جين بينج وجو بايدن، تشعر بكين بالقلق من أن واشنطن وحلفائها الإقليميين الرئيسيين يدعمون شراكتهم الثلاثية. حسبما ذكرت “رويترز”.
كانت بكين وسيول وطوكيو قد اتفقت على قمم سنوية ابتداءً من عام 2008 لتعزيز التبادلات الدبلوماسية والاقتصادية، لكن الخلافات الثنائية وجائحة كوفيد-19 عطلت الخطة، حيث التقى الزعماء الثلاثة آخر مرة في عام 2019.
التقى الوزراء الثلاثة في ميناء بوسان بكوريا الجنوبية في أول اجتماع من نوعه منذ عام 2019، بعد أن اتفق مسؤولو الدول الثلاث في سبتمبر على ترتيب قمة ثلاثية في “أقرب وقت ممكن”.
واتفق الوزراء في محادثات استمرت 100 دقيقة على تقدم التعاون في ٦ مجالات، بما في ذلك الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا، وتعزيز المناقشات العملية للتحضير للقمة، وفقًا لبيان لوزارة الخارجية اليابانية.
تحذير صيني لكوريا الجنوبية
حذر وزير الخارجية الصيني وانج يي نظيره الكوري الجنوبي اليوم الأحد من تسييس القضايا الاقتصادية والتقنية قبل أن يلتقيا وزير الخارجية الياباني على هامش اجتماع ثلاثي يهدف إلى تعزيز التعاون.
وقال وانج لوزير الخارجية الكوري الجنوبي بارك جين: “أصبحت الصين وكوريا الجنوبية شركاء تعاون لهما مصالح متكاملة للغاية وسلاسل إنتاج وتوريد مترابطة للغاية.. يجب على الجانبين مقاومة التوجه نحو تسييس القضايا الاقتصادية، واستخدام القضايا العلمية والتقنية كأدوات، وتوسيع نطاق تأمين القضايا التجارية”.
وسعت كوريا الجنوبية إلى تجنب الانجرار إلى صراع متبادل بين الصين والولايات المتحدة بشأن الرقائق شبه الموصلة.
ومنحت الولايات المتحدة الشهر الماضي شركتي سامسونج إلكترونيكس وإس كي هاينكس إذنًا بتوريد معدات الرقائق الأمريكية إلى مصانعهما في الصين بشكل دائم، مما أنهى معضلة لأكبر شركتين للذاكرة شبه الموصلة في العالم.
وقال وانج: “ترغب الصين في تعزيز استئناف التعاون الثلاثي المحسن مع كوريا الجنوبية واليابان”.
حل أزمة المأكولات البحرية
كانت قمة سان فرانسيسكو بين الرئيس الصيني شي جين بينج ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، بمثابة تمهيد لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح بين طوكيو وبكين، إذ اجتمعت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا ونظيرها الصيني وانج يي في مدينة بوسان الساحلية الجنوبية في كوريا الجنوبية.
وخلال الاجتماع، طرح وانج ثلاث نقاط بشأن إعادة بناء العلاقات الاستراتيجية ومتبادلة المنفعة، والتي تتمثل في: أولا، يتعين على البلدين إقامة تفاهم متبادل صحيح، وتوضيح أن الجانبين شريكان متعاونان وليسا تهديدين لبعضهما البعض، ويجب عليهما الالتزام بالتنمية السلمية. حسبما ذكرت وكالة الأنباء الصينية الجديدة “شينخوا”.
ثانياً، يتعين على الجانبين أن يحترما المخاوف المشروعة لكل منهما. ويتعين على اليابان أن تفي بالتزاماتها بشأن مسألة تايوان، وأن تلتزم بشكل صارم بمبدأ صين واحدة وتمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين.
ثالثا، يتعين على الصين واليابان تعزيز التعاون متبادل المنفعة، والمقاومة المشتركة لمناهضة العولمة، والحفاظ على سلاسل الإنتاج والتوريد المستقرة والسلسة.