عُقدت بالجامع الأزهر، أولى حلقات الملتقى الفقهي الطبي، الذي جاء تحت عنوان: “حفظ النسل بين الطب والشرع”، تزامناً مع مبادرة “بداية جديدة لبناء الإنسان”.
حضر الملتقى الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأدار اللقاء الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وأوضح محمود صديق، أن حفظ النسل قضية محورية تناولتها الشريعة الإسلامية، وتحدث عنها القرآن الكريم، وشرع لها القوانين والضوابط الكبيرة، فقال تعالى: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}، وهذه الآية تحمل في مضمونها حفظ النسل في تناغم بين الطب والشرع، وقد ركزت عليها السنة النبوية المطهرة وزخرت بها أحاديث المصطفى.
وفي سياق حفظ النسل، كفل القرآن الكريم للزوجين حقوق العرض وعدم اختلاط الأنساب، فالمرأة الحامل حينما تُطلق أو يموت عنها زوجها، لا يمكن لأحد أن يتزوج بها حتى يبرأ رحمها مما فيه، فالرحم مشغول، وهي طلقت، انقطعت العلاقة الزوجية بينها وبين من كان زوجها، لماذا تنتظر هذه المدة الطويلة؟ وفي هذا، لعن النبي من دعت غير زوجها لفراشها، ولعن من سقى ماء غيره.
وأضاف نائب رئيس جامعة الأزهر، أن العلم الحديث أثبت منذ سنوات قليلة أن هناك تغييرات تحدث في الصفات الوراثية التي يأخذها الجنين من سقيا ماء الرجل الآخر، كما يظهر العجب في القرآن الكريم حينما يقول المولى عزّ وجلّ في كتابه العزيز: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾.
وفي هذا حكمة من الله عزّ وجلّ لحفظ النسل، فلماذا تنتظر المرأة ثلاثة أشهر رغم أنها لم تحيض؟، السبب يعود إلى الخلايا الجذعية التي تدخل على المبيض، مما يمكّن المرأة من الحمل، ويرزقها الله عزّ وجلّ البنين والبنات.
هذا المثال ورد في القرآن الكريم مع نبيين من أنبياء الله تعالى: سيدنا إبراهيم وسيدنا زكريا عليهما السلام. وقد ذكر القرآن الكريم في حفظ النسل أنه لم يخلق سوى ذكر وأنثى لاستمرار الكون وعبادة الله، وقد وضع ضوابط وأموراً يستحيل على العقل البشري أن يضع مثل هذه القوانين التي من شأنها إسعاد الأمة والأسرة، وأن يكون هناك مجتمع يعبد الله ويكون بحق خليفة الله في الأرض.
وفي سياق حديثه، أكد محمود صديق، على أهمية اتباع الإنسان لمنهج الله وفطرته، محذرًا من التمرد على هذه الفطرة، ومشددًا على أن أي خروج عنها هو اتباع للشيطان. وذكر قوله تعالى في حديثه عن الشيطان: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ﴾، مشيرًا إلى أن التمسك بالقوانين والسنن التي وضعها الله يضمن صلاح الحال في الدنيا والآخرة.