أثناء أدائه عمله كمراسل تلفزيوني، تفاجأ وائل الدحدوح، بمكالمة تلفونية على الهواء مباشرة تعزيه في افراد اسرته الذين استشهدوا جراء قصف قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي لمنزلهم بمنطقة حي النصيرات، بقطاع غزة في صدمة ابكته واعتصرت فؤاد المشاهدين.
و تعرض المنزل فى مخيم النصيرات فى شمال غزة للقصف، واستشهد ابنه وزوجته وحفيده منذ قليل، بينما أصيب جميع أفراد عائلته ومنهم من هو مازال تحت الركام حتى الان.
وشيع الدحدوح اسرته بكلمات مؤثرة وبثبات راسخ واصفا الاحتلال ب “الخسيس المجرم” الذي غدر بهم رغم طلب قواته المحتلة للأهالي النزوح الى النصيرات لعدم التعرض للقصف..لكنه كذب.
ودقائق قليلة مضت على تشييع جثامين اسرته، لنجد وائل الدحدوح على شاشة قناة الجزيرة من جديد يعلق بكلمات ثابته على ما حدث ضد عائلته من غدر غاشم قائلا «هذه الأوقات صعبة على الجميع، على الشعب الفلسطينى وعلى كل أم وطفل ومدنى وكل واهم بأن جيش الاحتلال من الممكن أن يرحم أحد الناس».
وأضاف: «ظنوا أن هناك بقايا أخلاق عندما قال لهم توجهوا إلى شمال قطاع غزة فهى آمنة، فتوجهت أناس كثيرة جاءت مع عائلاتها».
وخلال الحوار مع قناة الجزيرة قال «الدحدوح»: «هنا شهداء ومصابين ابنى وابنتى وأشقائى وأبناء عمى وبناتى، كلهم مصابين»، مضيفا: «بقى لنا وطن وكرامة وهو الأهم من كل شىء بقيت لنا الإدارة واعتمادنا على الله وإيماننا الراسخ»،
وقال : «هذا خيارهم وأدعو أن يمدهم الله بالقوة والعزيمة لإكمال الطريق والسير فى نفس الطريق رغم الألم الذى تنوء به الجبال».
استشهاد عائلة الصحفي وائل الدحدوح
وتابع: «لن أغادر موقعى فى التغطية، إلى أين أذهب؟ لا مكان آمن فى قطاع غزة ولا أحد آمن من العدوان وغدره ومكره، نحن فوضنا أمرنا إلى الله وسنظل نسير فى طريقنا، نحن فى مهنة صناعة المتاعب وربنا يتقبلهم ويمدنا بالقوة والصبر».
وعن حقيقة قصف منزله ردًّا على التغطية التى يقوم بها فى الجزيرة وكشفه جرائم العدوان الإسرائيلى،
قال: «مع الأسف كل شىء وارد فى هذه الأيام كل الخطوط الحمراء تم تجاوزها، هذا وارد، ونحن نسجل هنا ونقوم بواجبنا على أكمل وجه وسط الأشلاء والجرحى ووسط الدمار ونتحلى بمهنية وننقل ما يقع على الأرض وتصوره الكاميرا بدون مونتاج ولا قص ولا تهوين ولا تهويل، ما يصير كبيرا ولا بد أن تكون التغطية كبيرة».
اصبح هو الخبر
كانت الكاميرات تتبع وائل الدحدوح أينما ذهب، تنقل كلماته ومشاهداته حول ما يجري في قطاع غزة، وسط موجات عنف وأنهار دم، لكنها اليوم تتبعه، وهي تنقل صورته جاثيا على ركبتيه، وقد غلبته الدموع، على إثر استشهاد بعض أفراد أسرته، في غارة جوية، ليصبح الصحافي والمراسل التلفزيوني، الخبر نفسه، في حين يصف دموعه بأنها إنسانية لا دموع جبن.
وفي منشور قديم عبر حسابه على موقع «فيسبوك» عام 2018 دون الدحدوح «كم هو جميل أن يعيش الآباء لحظات فرح مع أبنائهم وأحبائهم في دنيا مملوءة بالكثير من المتاعب والكدر» معبرا عن فرحته بتفوق إحدى بناته، ومثمنا دور أمهم وباقي أشقائها، لكنه اليوم ودع بعضهم، ليعيش لحظات قاسية مؤلمة، في واقع به من المتاعب والكدر والموت، ما فيه.
كان مراسل شبكة الجزيرة، ينقل الغارات الإسرائيلية المتواصلة، حين تفاجأ بغارة على المنطقة التي لجأت لها أسرته، قبل أن يختلف المشهد، ويتحول هو إلى مادة إعلامية وإنسانية قاسية، وهو يحتضن جثمان ابنه، مطلقا جملته التي شاركها الكثيرون «بينتقموا منا في الأولاد.. معلش».
كانت عائلة الدحدوح قد انتقلت من تل الهوى في شمال غزة، إلى مخيم النصيرات باعتباره مكانا آمنا، لكن الغارات طالت المكان، وتستشهد زوجته واثنين من أولاده، فيما قدم زملاء الدحدوح العزاء له، في بيانات إدانة مكتوبة ومرئية، في مشاهد لاقت انتشارا وتعاطفا كبيرين.
يقول الدحدوح إن ما حدث ضمن مسلسل استهداف الأسر والأطفال، والمنطقة التي شملتها الغارة الجوية كان من المفترض أنها آمنة، قائلا «هذا حالنا جميعا وليس حالي وحدي، هذا قدرنا وخيارنا، والمصيبة كبيرة لأنها بحق أطفال ونساء».
من هو وائل الدحدوح؟
هو، وائل حمدان إبراهيم الدحدوح (30 أبريل 1970 –) هو صحفي فلسطيني وُلد ودرس في مدينة غزة وقضى معظم سنين حياته فيها، كما اعتُقل لسبع سنواتٍ في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
بدأ وائل حياته المهنية مراسلًا لصحيفة القدس الفلسطينية، واشتغل لصالح وسائل إعلام أخرى قبل أن يلتحق بقناة الجزيرة عام 2004.
واشتهرَ وائل بتغطيته المتواصلة والمستمرّة لما يجري في قطاع غزة كونه مراسلًا رئيسيًا للقناة القطرية في القطاع ويتواجدُ فيه باستمرار.
تعرضّت أسرة الصحفي الفلسطيني يوم 25أكتوبر 2023 لقصفٍ جوّي إسرائيلي طالَ المنزل الذي نزحت له في مخيم النصيرات، ما تسبّب في مقتل زوجته وابنه وابنته وحتى حفيدته وذلك بعد أن كانت سلطات الاحتلال قد حثَّت المواطنين على النزوح لجنوب القطاع بدعوى أن المنطقة هناك آمنة.