خسائر عملية طوفان الأقصى التي تنفذها حركة المقاومة الإسلامية حماس والفصائل الفلسطينية المختلفة داخل إسرائيل لليوم الرابع على التوالي، لم تتوقف عند القتلى والجرحى والأسرى في صفوف المحتل، بل كان لها أضرار اقتصادية كارثية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تعيش هذه الأيام أسوأ فترة في تاريخها منذ حرب أكتوبر عام 1973.
ضربة موجعة لإسرائيل
وفقدت الأسهم الإسرائيلية، أكثر من 16 مليار دولار من قيمتها السوقية، وذلك بعد أن تكبد مؤشر البورصة أكبر خسارة يومية.
ووفقا لشبكة “سي إن بي سي عربية”، فقدت عملة الشيكل أكثر من 1% من قيمتها لتهبط إلى أدنى مستوياتها في 7 سنوات في جلسة 9 أكتوبر مع عودة سوق الصرف للعمل.
وهبط الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوى له منذ 8 أعوام تقريباً مقابل الدولار الأمريكي، مع تصاعد حدة الصراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وانخفض الشيكل في أحدث التعاملات الآسيوية أكثر من 3 بالمائة مقابل الدولار إلى 3.9581، فيما أعلن البنك المركزي الإسرائيلي برنامجاً لبيع ما يصل إلى 30 مليار دولار في سوق النقد الأجنبي بهدف تقليل تقلبات العملة المحلية الشيكل.
وقال البنك على موقعه الإلكتروني، إنه سيتدخل في سوق النقد خلال الفترة المقبلة لتخفيف التقلبات في سعر صرف الشيكل، وتوفير السيولة اللازمة لاستمرار عمل الأسواق بكفاءة.
وانخفضت أسعار الأسهم والسندات الإسرائيلية، فيما أغلقت العديد من الشركات الأحد، بالتزامن مع إطلاق عملية طوفان الأقصى، وتراجعت الأسهم الرئيسية في تل أبيب بشكل حاد وهوت مؤشرات بورصة تل أبيب بانخفاض بنسبة 7% تقريبا، بقيادة انخفاض بنسبة 9% في أسهم البنوك، كما انخفضت أسعار السندات الحكومية بنسبة تصل إلى 3%.
وتراجع الشيكل مقابل الدولار بأكثر من 3% إلى 3.95 لكل دولار أمريكي؛ وهو أقل مستوى للشيكل منذ عام 2016.
ومن المتوقع أن يكون لتداعيات عملية طوفان الأقصى تأثير سلبي وخسائر فادحة على الاقتصاد في إسرائيل، بينما قال بنك إسرائيل، إنه من السابق لأوانه تقييم الأضرار الاقتصادية الناجمة عقب العملية.
ويراقب مستثمرون عن كثب تطورات الأحداث في إسرائيل وما قد تشكله من مخاطر على الأسواق.
ويتوقع البعض أن تدفع تلك الاضطرابات إلى التحرك صوب الأصول الآمنة.
وذكر محللون اقتصاديون في تقرير لوكالة أنباء “بلومبرج” أن جولات التصعيد العسكرية غالباً ما يكون لها تأثير مؤقت على أداء البورصة الإسرائيلية، نظراً لاعتماد أكبر قطاعين في السوق، وهما البنوك وتكنولوجيا المعلومات، في إيراداتهما على الأسواق الخارجية، وليس على السوق المحلية.
من ناحية أخرى، تنقسم الخسائر التي من المتوقع أن تنتج عن هذه العملية إلى خسائر اقتصادية مباشرة وخسائر غير مباشرة، كما سيتم توضيح ذلك على النحو التالي:
أولاً: الخسائر المباشرة: تعتبر الخسائر المباشرة هي الخسائر التي تأتي نتيجة الأضرار المادية المترتبة على العملية العسكرية، إذ دمرت عملية “طوفان الأقصى” العديد من المباني الإسرائيلية والمدن، كما دمر الاحتلال الإسرائيلي العديد من المباني داخل الأراضي الفلسطينية.
الخسائر الاقتصادية لإسرائيل
ثانيًا: الخسائر غير المباشرة: بالإضافة إلى الخسائر المادية المباشرة التي تُخلفها الحرب الدائرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، توجد مجموعة من الخسائر غير المباشرة على اقتصاد كلا الجانبين، سيتم توضيحها على النحو التالي:
- انخفاض معدل السياحة: ترتب على حالة عدم الاستقرار الأمني، التي سبّبتها عملية “طوفان الأقصى” وعملية جيش الاحتلال “السيوف الحديدية”، إلغاء العديد من شركات الطيران الأجنبية رحلاتها الجوية من وإلى الأراضي المحتلة، وهو ما سيترتب عليه انخفاض عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل بشكل كبير، ما سيجعلها تتحمل خسائر كبيرة من انخفاض تدفق الأموال الأجنبية إليها، فالسياحة الوافدة توفر لإسرائيل 13.5 مليار شيكل، وانخفاض إيرادات السياحة سيُحمّل الاقتصاد الإسرائيلي العديد من الأضرار المادية على مستوى العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية.
- ارتفاع عجز الموازنة: إن ارتفاع حجم الخسائر المادية عند الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، التي سيتم تعويضها من خلال زيادة الإنفاق على إعادة تأهيل البنى التحتية وتعويض الأهالي عن الأضرار التي نتجت عن الحرب، سيعمل على زيادة عجز الموازنة في كلا الجانبين، فعلى الجانب الفلسطيني تُعاني الموازنة العامة من عجز يُقدر بـ536 مليون دولار، ارتفع بنسبة 29% خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بشكل كبير بعد عملية “طوفان الأقصى”.
وقال محمد محمود عبد الرحيم، الخبير الاقتصادي، إن ما حدث بعملية طوفان الأقصى ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي غير مسبوق، مؤكدًا أن كل ذلك أثّر بشكل سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي منذ اليوم الأول للأحداث، والذي يزيد في الخسارة كلما امتدت الفترة الزمنية للعمليات العسكرية.
وأضاف عبد الرحيم – في تصريحات له، أن “حساب تكلفة الصاروخ الإسرائيلي الواحد ضمن منظومة القبة الحديدية لاعتراض الصاروخ الموجه من غزة قد تتراوح تكلفتة من 50 ألف دولار، وبعض التقديرات تشير إلى وصول تكلفة الصاروخ إلى 100 ألف دولار أو أكثر من ذلك في بعض الظروف للصاروخ الواحد، بما يعني أن تكلفة إطلاق 100 صاروخ يوميًا يكلف إسرائيل ما بين خمسة إلى عشرة ملايين دولار أمريكي تقريباً في اليوم، في المقابل فإن تكلفة الصاروخ الفلسطيني محلي الصنع قد تبلغ 400 دولار وحتى 1000 دولار تقريبًا”.
وتابع: “توجد أضرار اقتصادية كبيرة وتكاليف أخرى ستؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ سيكون هناك ضرر مباشر وكبير على مؤشرات سوق المال”، موضحاً أن هناك هبوطا كبيرا حدث بالفعل في بورصة تل أبيب في افتتاح جلسة يوم 8 أكتوبر 2023 وصل إلى 5%.
وأوضح: “كما سيكون هناك تأثير كبير على حركة السياحة، هذا بخلاف تكلفة توقف صور الحياة اليومية وتعطيل حركة الطيران في بعض الأوقات وتوقف الدراسة وحركة البيع والشراء واستدعاء الاحتياط”، مؤكدا أن كل ذلك يستنزف الاقتصاد الإسرائيلي.
جدير بالذكر أن عملية “طوفان الأقصى” التي باغتت إسرائيل، وعملية “السيوف الحديدية” التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي ضد قطاع غزة، سيكون لهما العديد من الآثار الاقتصادية السلبية على الطرفين، إذ إن لكل حرب تكلفتها الاقتصادية التي يتحملها كلا الطرفين في هذه الحرب، وهو ما يدفع لضرورة السعي نحو التهدئة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني؛ الأمر الذي سيُحقق منفعة الفلسطينيين المُتمثلة في حماية اقتصادهم من أن يتكبد خسائر أخرى.