مفكر وأصولي وفقيه ولغوي. هو أشهر تلاميذ ابن تيمية ، حيث قضى معه 17 عامًا وسجن معه. اشتهر والده بقيم الجوزية لإدارته وإنشاء مدرسة الجوزية. وهو من أبرز الشخصيات الإسلامية ومن أبرز المؤلفين.
الولادة والنشأة
ولد ابن القيم في صفر سنة 691 هـ الموافق 1292 م ، واسمه أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن سعد بن حارز الزرعي الدمشقي.
نشأ في بيت علم واستقامة ، فتربى على الدين ، وسعى للحصول على العلم من أبيه ثم من أبرز علماء دمشق.
دراسته ومعرفته
درس ابن القيم مختلف العلوم الشرعية واللغوية على أبرز علماء زمانه ، وشهدوا على اجتهاده ودقته وإتقانه. ومن أبرز الذين أخذ منهم:
- والده أبو بكر بن أيوب الدمشقي الحنبلي قيم الجوزية (ت: 723 هـ).
- النيزك العابر (ت: 697 هـ).
- صافي الدين الهندي (ت: 715 هـ).
- ابن مكتوم المسند (ت: 716 هـ).
- ابن الشيرازي (ت: 723 هـ).
- البهاء بن عساكر (723 هـ).
- ابن الزملكاني (ت: 727 هـ).
- بدر الدين ابن جامعة (ت: 733 هـ).
- ابن سيد الناس (ت: 734 هـ).
- برهان الدين الزراعي (ت: 741 هـ).
- الحافظ المززي (742 هـ).
- الحافظ الذهبي (ت: 748 هـ).
- ابن مفلح (ت: 763 هـ).
أشهر شيوخ ابن القيم ابن تيمية (ت: 728 هـ / 1328 م) تأثر به وظل عالقًا معه طوال 17 عامًا من عمره ، وسجن معه في القلعة. لدمشق – وحده منه – وعذب ، وواجه مشقات وضيقات في ذلك ، ولم يفرج عنه إلا بعد وفاة ابن تيمية.
مذهبه وآرائه
نشأ ابن القيم على المذهب الحنبلي بحكم محيطه وبيئته ، ولكن بعد أن ترسخ علمًا ورافق ابن تيمية ، ابتعد عن مدرسة الفكر ، جانحًا إلى ما يعرف بمدرسة الأدلة. من الكتاب والسنة يدعو بذلك إلى توجه شيخه ابن تيمية.
وأعطاه ذلك آراءه الفقهية ، ومن أبرزها: جواز سباق الخيل بدون محلل ، وقوله إن الطلاق ثلاث مرات بكلمة واحدة لا يترتب عليه طلاق واحد فقط.
لم يخرج ابن القيم عن آرائه رغم المضايقات والعقوبات والسجن التي تسببت به.
آثاره العلمية
ترك ابن القيم آثاراً علمية كثيرة ، منها ما أذاعه في صدور الرجال ، وترك بعضها ميراثاً مكتوباً.
وكان من أبرز طلابه مجموعة من العلماء البارزين الذين برعوا في علوم مختلفة ، منهم:
- مجد الدين الفيروزبادي صاحب القاموس والقدم (ت: 817 هـ / 1415 م).
- ابن رجب الحنبلي ، مؤلف المذهب الحنبلي وغيره (ت: 795 هـ / 1393 م).
- ابن كثير ، صاحب التفسير ، البداية ، النهاية ، وغيرهم (ت: 774 هـ / 1373 م).
- ابن عبد الهادي صاحب عقد الدرعية وطبقة الحافظ وغيرهم (ت: 744 هـ / 1343 م).
كتب ابن القيم الجوزية
كتب ابن القيم وبرع في مختلف علوم اللغة والدين من أصول وفروع ومعتقدات وسلوك. ومن أشهر كتبه:
- إبلاغ الموقعين من رب العالمين.
- ممرات السائرين بين بيوتكم نعبدك وإياك نطلب المساعدة ، وهو شرح لبيوت مشاة الهراوي (ت: 481 هـ / 1089 م).
- القضاء والقدر.
- زاد العدو هداية خير العبيد.
- العديد من المرضى.
- الروح.
- أساليب الحكم في السياسة الشرعية.
- المرض وعلاجه.
- تحفة المودة في أحكام الوليد.
- شفاء المريض في مسائل القضاء والقدر والحكمة والعقل.
- البرق أرسل على الجهمية والمعاقين.
- تنقيح سنة أبي داود.
ابن القيم شاعر
لديه مجموعة شعرية ضخمة ، حيث تظهر كتابات ابن القيم أدبه ومعرفته الواسعة بالشعر العربي ، وهذا واضح في اقتباساته منه واستشهاده به. وهو هدي الصحابة رضي الله عنهم ومنها:
أيها الساعي للخير يطلب ربه … أن يرزقه أسمى آمال.
انظر إلى هداية الصحابة التي كانوا يتبعونها في الماضي.
ثم أنوي الرد على الطوائف المنحرفة وهي قرابة 6 آلاف بيت وبداياتها:
حكم الحب ثابت في الأركان.
نفذ القاضي والقاضي الحسن حكمها فأقر الخصمان بذلك.
وجاء الشهود للإدلاء بشهادتهم على أنه حدث بالفعل في الجمعية الخيرية.
كان الحكم العزيز واثقا ، ولم تجد فسخ بلاغ سلطان.
ومن أشعاره التمثيل الصامت ، وفيه يقول:
عندما تشرق الشمس في النهار فهي علامة تحياتي عليك ، فسلم عليهم.
سلام من الرحمن في كل ساعة وروح ورائحة ونعمة ونعمة
على الصحابة والإخوة والأولاد والأقارب ، ادعهم بلطف ، فيجددوا ويكرمون.
وبقية من اتبع السنة الطاهرة ، وما حيد عنها فهو حق سابق.
هؤلاء هم أتباع الرسول وحزبه ، ولولاهم لما كان هناك مسلم في الأرض.
لولاهم لكانت دمرت أهلها ، لكن رهاناتها وأوتادها
ولولاهم لكان ظلمة لأهلها لكنهم فيها دور ونجوم.
آراء العلماء فيه
انقسم العلماء حول ابن القيم إلى قسمين ، قسم تزكية وقسم نقدي ، وأراء كل منهما ترجع إلى التوافق العقائدي والفكري أو العداء.
قال برهان الدين الزرعي في التصفيق: “ما تحت سطح السماء أوسع في العلم من ابن القيم”.
يقول عنه الحافظ المزي (ت: 742 هـ / 1324 م): “ابن القيم في هذا الوقت مثل ابن خزيمة في زمانه”.
ويقول شيخه ابن تيمية: “رأيت ابن القيم في حلم يضاهي ابن خزيمة”.
أما نقد أقواله فيقول تقي الدين السبكي (ت: 756 هـ / 1355 م): “أنكر ابن القيم وابن تيمية لقولهما أن النار قد انطفأت”.
يقول ابن حجر الهيتمي (ت: 974 هـ / 1567 م): “احذروا الاستماع إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم ممن اتخذوا نزوته إلهه”.
وظائف
مارس ابن القيم التدريس وإصدار الفتاوى إلى جانب شيخه ابن تيمية وبعده. كما مارس التأليف وخطب في مساجد دمشق ومنها المسجد الأموي.
تولى الإمامة في المدرسة الجوزية ودرّس في المدرسة الصدرية وكلاهما من مدارس دمشق.
وفاته
كانت وفاة ابن القيم بدمشق في رجب سنة 751 هـ الموافق أيلول من سنة 1350 م ، عن عمر يناهز الستين سنة. صلى في الجامع الأموي وسط حشود غير مسبوقة ، ودفن مع والدته في مقبرة باب الصغير بدمشق.