واصل الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء حديثه عن مناسك الحج، حيث أعمال أيام التشريق، من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
ماذا تفعل في أيام التشريق ؟
أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه أوصانا بثلاثة أمور في أيام التشريق المباركة التي يؤدي فيها الحجاج مناسك الحج، ويحرم صيام هذه الأيام أيام التشريق الثلاث.
وأوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصانا بثلاثة أمور في أيام التشريق هي: «الأكل، والشرب، وذكر الله عز وجل»، كما ورد في صحيح مسلم، أنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وسميت أيام التشريق بهذا الاسم لأن الحجاج كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يقددونها ويبرزونها للشمس حتى لا تفسد، فسموها أيام التشريق لذلك، وأيام التشريق ذكرت بالقرآن في قول الله تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» (سورة البقرة: 203).
وجاء في شرح الدكتور علي جمعة لـ أعمال أيام التشريق، ما يلي:
●أول أيام التشريق وثانيها:
هما ثاني أيامُ عيدِ الأضحى المباركِ وثالثها، وفيهما يقومُ الحاجُّ بما يلي:
1- المبيت بمِنى لَيلَتَي هذين اليومين:
فبعدَ طوافِ الإفاضة الذي به التَّحَلُّلُ الأَكبَرُ يتوجَّه الحاجُّ للمبيتِ بمِنى هذين اليومين. وفي هذين اليومين يقومُ برمي الجمارِ؛ بحيث يخرجُ في اليومِ الأوَّلِ بعدَ دخول وقت صلاةِ الظهرِ (بعد الزوال) يَرمِي الجمارَ الثلاثَ على الترتيبِ: الجمرة الأولى (أو الصُّغرى) وهي أقرَبُ الجمراتِ إلى مسجدِ الخيفِ بمنى، ثمَّ الجمرة الثانية (أو الوسطى)، ثمَّ الثالثة الكبرى جمرة العقبة. يرمي كل واحدةٍ بسبعِ حصيات، ويَدعُو بينَ كلِّ جمرتين. ويقومُ بنفسِ هذا الفِعلِ في اليومِ الثاني.
2- النفر الأول أو الثاني:
يَحِلُّ للحاجِّ إذا رَمى جمارَ اليومِ الثاني مِن أيّامِ التشريقِ أن يَرحَلَ من منى إذا انتَهى مِن رَميِ الجمارِ الثلاثِ قبلَ الغروبِ، ويُسَمّى النَّفرَ الأول.
● أمّا إذا غَرَبَت عليه شَمسُ اليومِ الثاني فوجَبَ عليه أن يَمكُثَ إلى اليومِ الثالثِ مِن أيامِ التَّشرِيقِ (وهو رابع أيام عيد الأضحى المبارك)؛ حيث يقومُ فيه بنَفسِ أعمالِ رمي الجمار الثلاث السابق بيانها. وهذا يُسمّى النفر الثاني؛ قال تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
3- التَّحصِيب:
وهو نزولُ الحاجِّ بالمُحَصَّبِ (موضع بمكة) يُصَلِّي فيه ويَذكُرُ اللهَ تعالى فيه (وهو مُستَحَّبٌ).
4- طواف الوداع:
يَمكُثُ الحاجُّ بمكةَ ما أرادَ أن يَمكُثَ في ذِكرٍ للهِ تعالى، وفي غيرِه مِن أعمالِ البِرِّ وأعمالِ المَعاشِ. وليَعلَم أنَّه في حَرَمِ اللهِ تعالى وفي أطهَرِ بِقاعِ الأرضِ، فليَتَّقِ اللهَ وليُراقِبه دائمًا. ويجوزُ له أن يَعتَمِرَ أو يَزُورَ مَن يَعرِفُهم أو يشتري أو يبيع أو يتزوج أو يجتمع بمَن يشاء.
ثمَّ إذا أرادَ السَّفَرَ مِن مَكّة فيجِبُ عليه أن يطوفَ بالبيتِ طوافَ الوَداعِ، والمعنى الملاحَظُ في هذا الطوافِ أن يكونَ آخِرُ العَهدِ بالبَيتِ. وبعدَ أن يُصَلِّيَ رَكعَتَي الطَّواف، يأتي “زمزم” ويشربُ مِن مائِها مُستَقبِلاً البيتَ ويدعو بما شاء، ويَتَشَبَّثُ بأَستارِ الكعبةِ، ويَستَلِمُ الحَجَرَ الأسودَ إن تَيَسَّرَ له مِن غَيرِ إيذاءِ أَحَدٍ. ثُمَّ يسيرُ إلى بابِ الحَرَمِ ووجهُه تِلقاءَ البابِ، داعِيًا بالقَبُولِ، والغُفرانِ، وبالعَودِ مَرّة بعدَ مَرّة، وألا يكونَ ذلكَ آخرَ العَهدِ من هذا البيتِ العتيقِ.
وشدد: هذا خِتامُ مختصرِ رحلةِ الحجِّ إلى بيتِ اللهِ، وبدايةُ تَجدِيدِ الرِّحلة الأَوسَعِ إلى لِقاءِ اللهِ: “رحلة الحياة”.
حكم صيام أيام التشريق
ويحرم صيام أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى «الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة» لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» رواه مسلم (1141).
وورد حديث صحيح يؤكد حرمة صومها كما روى مسلم (1141) عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ».
أعمال مستحبة أيام التشريق الثلاث
أولها المحافظة على الصلاة في جماعة والتبكير إليها والإكثار من النوافل، فإن ذلك من أفضل القربات، ففي الحديث «عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك خطيئة » رواه مسلم.
كما ورد عن أَبي هُريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الصَّلواتُ الخَمْس، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ» رواه مسلم، وعن عثمانَ بنِ عفان -رضي الله عنه- قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «ما مِن امرئ مُسْلِمٍ تحضُرُهُ صلاةٌ مَكتُوبةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشوعَهَا، وَرُكُوعَها، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرةٌ، وَذلكَ الدَّهْرَ كلَّهُ» رواه مسلم.