بدأت سريان اليوم الثاني لـ الهدنة الإنسانية التي تم التوافق عليها بين إسرائيل وحركات المقاومة الإسلامية داخل قطاع غزة، برعاية مصرية قطرية أمريكية، والتي تقتضي عد دور كبير من الأسرى بين الطرفين.
اليوم الثاني للهدنة الإنسانية بغزة
والكل حاليا يسأل ما الذي يحدث بعد انتهاء الهدنة، حيث أن هناك تساؤلات عدة فرضها العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة عن السيناريوهات المتوقعة لمسار الصراع، حيث إنه من المتوقع بعد انتهاء الهدنة أن يستمر الاحتلال في ارتكاب عشرات ومئات المجازر الأكبر حجمًا والأشد بشاعة، والأسوأ لم يأتِ بعد، فالمخطط الذي يسعى العدو لتنفيذه لا يستهدف قطاع غزة وحده، ويستهدف القدس المحتلة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وبناءً عليه، فأيًّا ما كان السيناريو الذي سيتحقق في النهاية، تبقى الحقيقة الواضحة أن أي سيناريو سيأتى على حساب الاحتياجات الإنسانية، فلا سبيل لتحقيق الهدف العسكرى الإسرائيلي إلا من خلال تسوية أجزاء كبيرة من غزة بالأرض، كما تتجه الأعين نحو الحدود اللبنانية الإسرائيلية، التي تشهد تصعيدًا متزايدًا بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
وتدخل الهدنة المؤقتة يومها الثاني في قطاع غزة؛ حيث يسود الهدوء ميدانيا، في الوقت الذي يترقب الشارع الفلسطيني فيه إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى في سجون الاحتلال وإطلاق سراح دفعة جديدة من المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، بعد يوم من إفراج سلطات الاحتلال عن 39 أسيرا فلسطينيا مقابل 13 محتجزا إسرائيليا، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ أمس الجمعة، في تمام الساعة 7 صباحا.
ومن خلال هذا التقرير، يرصد “صدى البلد”، تطورات الأحداث في قطاع غزة اليوم، وماذا يحدث بالهدنة التي تم الاتفاق عليها من جانب الطرفين.
ونجحت القاهرة والدوحة وفي خطوة مهمة للسيطرة على الأوضاع الملتهبة داخل قطاع غزة منذ شهرين وراح ضحيتها أكثر من 14 ألفاً فضلا عن أكثر من 33 ألف مصاب معظمهم أطفال ونساء في التوصل إلى هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام، حيث كثفت الشقيقتان إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية جهودها على مدى أكثر من أسبوعين للوصول إلى اتفاق الهدنة وصفقة تبادل الأسرى.
وبعد خروج مظاهرات شعبية في شوارع العواصم الأوروبية، للمطالبة بوقف إطلاق النار والتنديد بالتصعيد الإسرائيلي على غزة، ظهرت أصوات داخل الاتحاد للمطالبة بهدنة إنسانية، وفي 23 أكتوبر دعا زعماء الاتحاد لهدنة حتى يتمكنوا من إدخال المساعدات، وطالب منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بوقف القتال بين إسرائيل وحماس، وأعلنوا تأييدهم لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن ضرورة وصول المساعدات بشكل آمن للمتضررين من الحرب.
فهل يتحقق الهدف العسكري الإسرائيلي؟
كرر التكتل خلال قمة بروكسل في 26 أكتوبر دعوته، لفتح ممرات إنسانية وهدنات للسماح بدخول المساعدات رغم تباين المواقف بين الدول الأعضاء بشأن إدانة حماس ودعم إسرائيل في الصراع الحالي، وشدد منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في 12 نوفمبر على أهمية البدء في الهدنة وفتح ممرات آمنة لتلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان غزة.
ومن جانبها، لفتت العديد من التقارير الأمريكية، وعلى رأسها تقرير لـ “فورين بوليسى”، إلى أن حزب الله يضع حدًّا للتصعيد تجاه إسرائيل، يتمثل في تدمير وتقويض 50% من قدرات “حماس” العسكرية، وأردف: “بالتأكيد انخراط حزب الله في الصراع يوسع من رقعته، ويزيد من الضغوط على إسرائيل، الثابت لها عسكريًّا عدم فتح أكثر من جبهة في وقت واحد، وبالتالى تعمل على تثبيت الوضع في لبنان عبر الضغوط والتهديدات الأمريكية من جانب، والوساطة الفرنسية من جانب آخر”.
ونوه تقرير “فورين بوليسى” بأن المحدد الرابع لتطور مسار الصراع يتمثل في المحدد الإنسانى الخاص بإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل مستدام، خاصة المساعدات الطبية والوقود، ولكى نفهم المخطط الإسرائيلي، فإسرائيل تعمل على تفريغ شمال قطاع غزة من السكان لكى يصبح القطاع غير قابل وغير صالح للحياة، لذلك هناك إصرار إسرائيلي على استهداف المستشفيات، ومنع إدخال الوقود، والتعنت في إدخال كميات كبيرة من المساعدات، وبالتالى يصبح النزوح والاجتياح من شمال غزة إلى جنوبها، ومن ثَمَّ إلى الحدود المصرية، نزوحًا إجباريًّا واجتياحًا إنسانيًّا لتصدير مشكلة القطاع أمنيًّا وسكانيًّا إلى مصر، وهو المخطط الذي فضحته القيادة المصرية منذ اللحظات الأولى للعدوان.
وقال: “كل المؤشرات والدلائل العسكرية والسياسية تشير إلى صعوبة الاجتياح البرى الإسرائيلى، إن لم يكن فشل ذلك، مع تصاعد الضغوط الشعبية عربيًّا، وعالميًّا، وحتى إسرائيليًا، وجاءت مخرجات القمة العربية الإسلامية لتؤكد الرفض الواضح لمخطط التهجير القسرى، والرفض الكامل والمطلق والتصدى الجماعى لأى محاولات للنقل الجبرى الفردى، أو الجماعى، أو التهجير القسرى، أو النفى، أو الترحيل للشعب الفلسطينى، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، أو خارج أراضيه لأى وجهة أخرى أيًّا كانت، باعتبار ذلك خطًّا أحمر وجريمة حرب، وتفويض مصر في اتخاذ ما يلزم من إجراءات ودعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فورى ومستدام وكافٍ”.
ومن جانبه، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي: إنه يحذر في ثاني أيام الهدنة من توجه أي شخص إلى شمال غزة.
هدنة بعد شهر ونصف حرب
ولاقى الاتفاق الذي وُقِّع بين إسرائيل وحركة “حماس” حول هدنة إنسانية ووقف إطلاق نار مؤقت لمدة 4 أيام، وتبادل جزئي للأسرى، ترحيباً عربياً ودولياً، بعد نحو شهر ونصف من بدء الحرب، وما يزيد على 14 ألف قتيل في غزة.
واتفقت الحكومة الإسرائيلية وحماس، الأربعاء الماضي، على وقف القتال 4 أيام للسماح بإطلاق سراح 50 رهينة محتجزين في غزة، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينياً من السجون الإسرائيلية، وكذلك دخول مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصَر.
ورحب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، بنجاح جهود الوساطة في التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لتبادل المحتجزين وتنفيذ هدنة بقطاع غزة.
وقال الرئيس السيسي عبر حسابه الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي: “أود أن أُعرب عن ترحيبي بما نجحت به الوساطة المصرية القطرية الأمريكية في الوصول إلى اتفاق على تنفيذ هدنة إنسانية في قطاع غزة وتبادل للمحتجزين لدى الطرفين، وأؤكد استمرار الجهود المصرية المبذولة من أجل الوصول إلى حلول نهائية ومستدامة تُحقق العدالة وتفرض السلام وتضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة”.
وأعلنت وزارة الخارجية القطرية، الأربعاء، أن جهود الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل، أسفرت عن التوصل لاتفاق هدنة إنسانية سيتم الإعلان عن توقيت بدايته خلال 24 ساعة.
سيناريو اليوم الأول من الهدنة
وأكدت الخارجية القطرية نجاح جهود الوساطة القطرية المشتركة مع مصر والولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة حماس”، بالتوصل لاتفاق هدنة إنسانيه ستستمر لـ 4 أيام قابلة للتمديد، وأوضحت أن الاتفاق يشمل تبادل 50 امرأة وطفلا من الأسرى بغزة مقابل إفراج إسرائيل عن نساء وأطفال فلسطينيين.
وأشارت إلى أنه ستتم زيادة أعداد المفرج عنهم في مراحل لاحقة من تطبيق الاتفاق، كما ستسمح الهدنة بدخول عدد أكبر من المساعدات الإغاثية بما فيها وقود مخصص للاحتياجات الإنسانية.
ورحب الرئيس الأميركي جو بايدن بالتوصل إلى اتفاق تبادل المحتجزين، مشيداً بدور كل من مصر وقطر في الوساطة بين إسرائيل و”حماس”، حيث نقل البيت الأبيض عن بايدن قوله في بيان: “أشكر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس عبد الفتاح السيسي، على قيادتهما الحاسمة وشراكتهما في التوصل إلى هذا الاتفاق”، وأكد أن من المهم تنفيذ جميع جوانب الصفقة بين إسرائيل و”حماس” بالكامل، وإنها ستعيد مزيداً من الرهائن الأميركيين إلى بلادهم، مضيفاً: “لن أكلّ حتى إطلاق سراحهم جميعاً”.
ورحَّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باتفاق الهدنة الإنسانية، وجدد الدعوة إلى “الوقف الشامل للعدوان الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني”.
ومن جانبه، قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي، مساء أمس الجمعة، إنهم أتموا إعادة بعض الأسرى الإسرائيليين من غزة، مؤكدا على التزامه بإعادة كل الأسرى.
وأوضح نتنياهو أن حكومته اتخذت خطوة أولى مهمة وستواصل القيام بكل ما هو ضروري لإعادة الأسرى، لافتا إلى أن هذا واجبهم نحو الأسرى ونحو أفراد عائلاتهم، متعهدا بتحقيق كل أهداف الحرب.
وفي نفس السياق، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس الجمعة، بأن مصلحة السجون الإسرائيلية تلقت قائمة تضم 39 معتقلا فلسطينيا يتم إطلاق سراحهم اليوم كجزء من الصفقة مع حماس التي ستشهد أيضا إطلاق سراح 13 رهينة من غزة.
ووفقا لأخبار القناة 13، بدأت مصلحة السجون الإسرائيلية في إنهاء إجراءات 39 قاصرا وسجناء من المقرر إطلاق سراحهم في وقت لاحق اليوم.
وأشارت إلى أنه سيتم نقلهم إلى سجن عودر في الضفة الغربية قبل الظهر بوقت قصير، قبل إطلاق سراحهم إلى الضفة الغربية أو القدس الشرقية.
والجدير بالذكر، أن بعد 49 يومًا من حرب دامية، وعند الساعة السابعة بالتوقيت المحلى من مساء أمس، بدأ رسميًّا، سريان الهدنة الإنسانية بين إسرائيل وحماس، والتى تستمر لمدة 4 أيام، قابلة للتمديد، وذلك للسماح بالإفراج عن بعض الرهائن المحتجزين في قطاع غزة مقابل معتقلين فلسطينيين، وتأتى تلك الهدنة بوساطة مصرية قطرية أمريكية.
ومع طول مسار الصراع والعمليات، فالسيناريو المرجح هو استمرار الفصائل الفلسطينية في مقاومتها، حتى الرمق الأخير، بما يخالف الأهداف الإسرائيلية، ما يعنى زيادة الضغوط والحاجات الإنسانية على سكان القطاع ودفعهم إلى النزوح، ومن جانب آخر استمرار طول أمد العدوان على هذا النحو من شأنه تكبيد إسرائيل خسائر اقتصادية وأمنية وسياسية كبيرة داخليًّا وخارجيًّا، واتساع رقعة الصراع إقليميًّا يُكبد الغرب والعالم خسائر اقتصادية وأمنية مضاعفة تُضاف إلى الخسائر التي عانى منها الاقتصاد العالمى ولا يزال جراء وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.