قالت الدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر إن المهر هو المال الذي يجب على الزوج لزوجته كأثر من آثار عقد الزواج عليها، ويدل على وجوبه قولُهُ تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً…}، والمراد بالصداق هنا هو المهر، أي: أعطوا النساء مهورهن عطيةً واجبة عن طيب نفسٍ، وأيضًا ما ورد من أن النبيِّ لم يُخلِ زواجًا من مهر، وكذا إجماع الأمة على وجوبه.
وأضافت الدكتورة نهلة الصعيدي، في حوار لـ صدى البلد، أن الإسلام لم يضع للمهر مقدارًا محددًا، وإن كان بعض الأئمة يختلفون في أقل الصداق هل هو دينار من ذهب أو ربع دينار، لكن الصحيح في هذا الأمر هو أنه لا حد لأقله؛ نظرًا لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-زوج على خاتم من حديد أو كف من طعام، وكذلك لا حد لأكثره؛ لقوله تعالى: «وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا»، غير أن روح الشريعة يفهم منها ضرورة الاقتصاد الشديد وعدم المغالاة في المهور حتى یمكن لجميع الأفراد الوصول إلیه وعدم التناهي في النقصان حتى لا یكون له في النفوس موقع وحتى یلیق أن یكون علاقة بینهما وبركة فیهما والمهر هو أثر من آثار النكاح الصحيح وهو حق للمرأة لها أن تسقطه وتبرئ زوجها منه، إذ في بذل المال المهري لها إشعار بتكريمها والعزم على إسعادها حتى یطیب نفسها ویرضیها بقوامة الرجل علیها مع ما یضاف إلى ذلك من توثيق الصلاة وإیجاد أسباب المودة والرحمة.
وأشارت مستشار شيخ الأزهر إلى أن الأحاديث النبوية الواردة في تيسير المهور كثيرة، منها: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ –الزواج-بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً» يعني أقله تكلفة، فالزواج المبارك هو ما تكون تكاليفه أقل.
وبينت الدكتورة نهلة الصعيدي أن المهر رمزًا وليس ثمنًا ولا مقابلًا ماديًّا لأي معنى من معاني الزواج الذي عبر عنه القرآن بأنه ميثاق غليظ، وإنما هو مشروع إنساني يقوم على معانٍ وأحاسيس ومشاعر لا يمكن أن تقدر بثمن أو بمقابل مادي.
وأضافت الدكتورة نهلة الصعيدي أن تيسير الزواج يحقق البركة، قال تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة” فالصلاح شرط في المرأة حتى يسعد بها الرجل، كما أن الخلق والدين شرط في الرجل حتى تسعد به المرأة، والزواج يجلب السرور إلى الزوجين وغيرهما، وطالبت “الصعيدي” بالعمل الجاد للحد من ظاهرة غلاء المهور وتيسيرها ومراقبة الله عز وجل في ذلك، وتقليل مطالب الزواج ونفقاته وتسهيل تكاليف الاحتفال بالزواج وعدم المبالغة فيها لذلك يجب على الآباء أن يكونوا ميسرين وغير معسرين، مع تجنب العادات والتقاليد والأعراف الشائعة التي ليس لها دليل من الكتاب والسنة، لأنها أحياناً تجعل الزواج عسيراً وتسبب المشكلات بين الأسر وتكون وراء إفشال الزواج، كما يجب على الشباب المقبل على الزواج تجنب الإسراف والتبذير والبذخ لإرضاء الناس.
وعن سؤال: هل وسائل التواصل الاجتماعي أضرت بالبيوت المصرية وتسببت في حالات الطلاق؟
قالت الصعيدي، إنه يجب أن نعلم جيدًا أن تطبيقات التواصل الاجتماعي أنشأت بالأساس بهدف تحقيق تواصل اجتماعي بين الناس والأشخاص البعيدة جغرافيًا، ولكن مع عدم التوفر الوعي الكامل بهذا الهدف، بدأ الكثير من الناس يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ، ما أدى إلى حدوث تمرد في العلاقة بين شركاء الحياة الزوجية، وانعدام العاطفة والرومانسية بين الزوجين، أحد السلبيات التي خلقتها مواقع التواصل الاجتماعي وورثتها للآخرين، بين الأزواج والزوجات، إذ قد يقضي بعض الأزواج أوقاتًا طويلًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كل واحد منهما في معزل عن الآخر، فيكون الطلاق سيد قرارهما، وهذه نتيجة طبيعية، في ضوء اضطراب البشر حاليا بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي، وخاصة في الحياة الأسرية التي باتت تتشكل بشكل كبير من واقع مواقع التواصل الاجتماعي الذى أصبح يشكل إدمانا داخل الأسرة المصرية.
وأكدت مستشار شيخ الازهر إلى أن السبب وراء اختلال أخلاقيات المجتمع هو اختلال المؤسسات الاجتماعية، التي تتمثل في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، فيجب وضع خريطة للدولة المصرية نرصد فيها مواضع الانفلات الأخلاقي والخلل القيمي، إضافة إلى استخدام وسائل ناجعة للتصدي لمشكلة الطلاق بطريقة تحافظ على الأسرة وكرامتها، مشيرة إلى أن الإسلام أرشد الزوجين إلى عدم التسرع في قطع رباط الزوجية عند حدوث أية مشكلة أو عقبة، بل ينبغي عليهما التمسك به؛ وذلك من خلال إجراءات وقائية مبكرة، وهي ضرورة المعاملة بالرفق والرحمة، والتسامح، وحسن الظن، واعتدال الغيرة، والمشاركة في تحمل أعباء الحياة، ومراعاة كل طرف لظروف الآخر.