استحوذ مسلسل “التاج” الشهير، الذي تبثه منصة نتفلكس، وتناوله لتاريخ وتعقيدات النظام الملكي البريطاني، على اهتمام الجماهير في جميع أنحاء العالم في ظل السرد القصصي المقنع وعروضه الرائعة.
وتدور إحدى أكثر الوقائع المنظورة إثارة للاهتمام في المسلسل حول العلاقة المعقدة بين المملكة المتحدة وزعيم مصر الراحل جمال عبد الناصر.
وكشف المسلسل عن العداء عميق الجذور والازدراء الذي كانت تحمله حكومة بريطانيا تجاه عبد الناصر في عهده. وفي هذا التقرير، تكشف صدي البلد كيف سلط مسلسل “التاج” الضوء على هذه العلاقة المضطربة والآثار المترتبة على الديناميكيات بين البلدين.
صراع الأيديولوجيات
خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، برز جمال عبد الناصر كشخصية بارزة في العالم العربي، حيث دعا إلى القومية العربية وتحدي نفوذ القوى الغربية في المنطقة.
وشكلت قيادة عبد الناصر الكاريزمية، إلى جانب رؤيته الطموحة للوحدة العربية وتقرير المصير، تحديًا مباشرًا لطموحات الإمبراطورية البريطانية المتلاشية.
تصوير العداء البريطاني
ويقدم مسلسل “التاج” صورة دقيقة لعداء المؤسسة البريطانية لعبد الناصر، حيث سلط المسلسل الضوء على المناورات السياسية والعمليات السرية والجهود الدبلوماسية التي استخدمتها بريطانية لتقويض نفوذ عبد الناصر وتشويه سمعة أجندته القومية.
وفي إحدي حلقات المسلسل، وخاصة بالجزء الثاني، تمت الإشارة إلي شخصيات بريطانية مثل رئيس الوزراء أنتوني إيدن ووزير الخارجية هارولد ماكميلان وعداءهم المتجذر الذي يكنونه تجاه الزعيم عبد الناصر، معتبرين إياه تهديدًا للمصالح البريطانية في المنطقة.
تأميم قناة السويس
وكان قرار تأميم قناة السويس عام 1956 واحد من أكثر اللحظات المحورية في العلاقة بين المملكة المتحدة ومصر، وأعاد مسلسل”التاج” ببراعة الاضطرابات السياسية والتوترات الدولية التي أحاطت بهذا الحدث.
وشنت بريطانيا وفرنسا والاحتلال الإسرائيلي حرب العدوان الثلاثي علي مصر بعد قيام عبد الناصر بتأميم قناة السويس، ومع ذلك، انتهى العدوان بإذلال للمملكة المتحدة وكشف عن تراجع تأثيرها على المسرح العالمي، بحسب وصف المسلسل نفسه.
وفضح المسلسل حيثيات اتخاذ القرار المعيب بالمشاركة في العدوان الثلاثي علي مصر والدوافع المشكوك فيها وراء الحملة العسكرية المشؤومة، مما يسلط المزيد من الضوء على العداء العميق لحكومة المملكة المتحدة تجاه عبد الناصر.
الإرث والتداعيات
وألقي تصوير عبد الناصر في مسلسل “التاج” الضوء على التأثير الدائم الذي تركه على العالم العربي وعلى المسرح العالمي.
وعلى الرغم من محاولات بريطانيا لتقليص نفوذه، فإن موقف عبد الناصر المناهض للاستعمار وقيادته الكاريزمية كان له صدى لدى الملايين في جميع أنحاء الوطن العربي.
وترك دوره في تشكيل حركة عدم الانحياز ودعمه لإنهاء الاستعمار والتزامه بالقومية العربية بصمات لا تمحى في تاريخ المنطقة.