بعد مرور عام ونصف على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، عيّن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً وزيراً جديداً للدفاع هو رستم أوميروف، وهو من تتار القرم الذي صعد من خلال القطاع الخاص ولعب دوراً رئيسياً في بعض المفاوضات الأكثر خطورة في الحرب.
أتى تعيين أوميروف، الذي سيحتاج البرلمان إلى إضفاء الطابع الرسمي عليه في الأيام المقبلة، في أعقاب استقالة أوليكسي ريزنيكوف، الذي تولى المنصب في نوفمبر 2021.
كذلك جاء التغيير على مستوى الحكومة وسط حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد، في الوقت الذي تسعى فيه أوكرانيا إلى إظهار موقف متشدد أمام داعميها الغربيين بشأن هذه القضية.
من هو رستم أوميروف؟
وبعد موافقة البرلمان، سيترك أوميروف منصبه كرئيس لوكالة الخصخصة الرئيسية في أوكرانيا، “صندوق أملاك الدولة”، الذي أداره لمدة عام، حيث نال هناك الثناء على قيامه بإجراء عمليات تدقيق واسعة النطاق والتخلص من الفساد المزعوم واختلاس الأموال.
وأوميروف هو عضو في حزب “هولوس” المؤيد لأوروبا، وليس حزب زيلينسكي “خادم الشعب”، كما لديه شبكة واسعة من المصادر وكان جزءاً من المفاوضات عالية المخاطر، بحسب تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”.
وبعد شهر من غزو أوكرانيا، كان الرجل جزءاً من الوفد الأوكراني الذي أجرى محادثات مبكرة مع روسيا، والتي توقفت منذ ذلك الحين.
كذلك ساعد في التفاوض على صفقة حبوب البحر الأسود التي انسحبت منها موسكو في يوليو/تموز الماضي، إلى جانب تبادل الأسرى.
تتار القرم
ولد أوميروف في سمرقند، التي كانت آنذاك جزءاً من الاتحاد السوفيتي، لعائلة من تتار القرم أصلها من شبه جزيرة القرم ولكن تم ترحيلها من قبل السوفييت في الأربعينات.
وتتار القرم هم أقلية مسلمة سنية تركية، من بين الأقليات العديدة التي قمعها السوفييت.
فيما استخدم الوزير الجديد جذوره التتارية في القرم في جهوده لبناء علاقات أوكرانيا الدبلوماسية والاقتصادية مع دول عدة ومنها تركيا.
ومنذ عام 2020، شارك في رئاسة فرقة عمل لإنهاء “احتلال” شبه جزيرة القرم التي انضمت إلى روسيا في استفتاء شعبي عام 2014.
وعاد إلى شبه الجزيرة مع عائلته في عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وقال لمجلة “فوربس” إن آخر زيارة له هناك كانت في عام 2014، وأنه يعتزم العودة “بعد أن نحرر جميع الأراضي المحتلة”.
كما أن أوميروف متعدد اللغات، وقد تعلم الأوكرانية والتتارية والروسية والتركية والإنجليزية في مدرسة داخلية، وفقاً لمكتبه الصحفي.
وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف (رويترز)
كيف يُرى تعيينه؟
ووصف فيتالي شابونين، رئيس مركز مكافحة الفساد في أوكرانيا، وهو منظمة غير حكومية، ترشيح إوميروف بأنه ربما يكون “أفضل قرار للرئيس”.
وأضاف أن “فريقه في صندوق أملاك الدولة فعل المستحيل” في التحقيق في الكسب غير المشروع.
بدورها قالت تاميلا تاشيفا، التي ترأس جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ومقرها كييف، وهي من تتار القرم، على فيسبوك إن أوميروف سيكون أول تتار من القرم يتم تعيينه وزيرا في أوكرانيا.
وأضافت أن ترشيحه “إشارة مهمة للمجتمع الأوكراني ولجميع مواطنينا في شبه جزيرة القرم بأن أوكرانيا ستقاتل من أجل شبه جزيرة القرم حتى يتم تحريرها من الاحتلال الروسي”.
في الموازاة، أثار بعض منتقدي زيلينسكي مخاوف من افتقار أوميروف إلى الخبرة العسكرية في لحظة حرجة من الحرب.
ووصف الصحافي الأوكراني يوري بوتوسوف عمروف بأنه “رجل بعيد عن الحرب” و”لن يكون لديه برامج عمل، ولا فهم لما يجب القيام به”.
وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف (أ ب)
أبرز التحديات
واستقال وزير الدفاع السابق أولكسي ريزنيكوف بعد أشهر من الجدل المتصاعد والتكهنات بأن زيلينسكي سيطيح به.
في حين لم يتم توجيه اتهامات إليه في أي تحقيقات فساد جارية، لكن الوزارة اتُهمت بشراء الطعام للجنود بأسعار مبالغ فيها وشراء سترات للجيش من خلال مخطط فساد.
ونفى ريزنيكوف هذه الاتهامات، وقال لصحيفة “واشنطن بوست” في بيان إنه بسبب جهوده للقضاء على الفساد في الوزارة، “تم عزل العديد من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع من مناصبهم وأصبحوا خاضعين للتحقيق”.
يشار إلى أن الفساد كان متفشياً في أوكرانيا قبل الحرب، وكان زيلينسكي حريصاً على أن يُظهر للحلفاء الغربيين أن المساعدات العسكرية تُنفق بشكل صحيح.
وتتعرض أوكرانيا أيضاً لضغوط بسبب هجوم مضاد أبطأ من المتوقع ضد القوات الروسية في جنوب شرق البلاد. وفي حين حققت أوكرانيا بعض المكاسب، فقد كافحت قواتها للتغلب على حقول الألغام الروسية والخطوط الدفاعية المعقدة.