تقود مصر جهودًا دبلوماسية مكثفة للحيلولة دون الذهاب إلى مواجهة مفتوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إثر المواجهات العنيفة بين الفصائل الفلسطينية فى غزة مع جيش الاحتلال الإسرائيلى بمستوطنات غلاف غزة، وحذرت جمهورية مصر العربية من مخاطر وخيمة للتصعيد الجارى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، فى أعقاب سلسلة من الاعتداءات ضد المدن الفلسطينية.
جهود مصر في احتواء الوضع بفلسطين
صرَّح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن الوزير سامح شكري سوف يتوجه اليوم الاثنين إلى نيويورك، للمشاركة في الجلسة الوزارية لمجلس الأمن تحت بند تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، والتي دعت إليها البرازيل باعتبارها تتولى رئاسة مجلس الأمن الشهر الجاري.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن وزير الخارجية سوف يُلقي بيان مصر أمام مجلس الأمن في جلسته المقرَّرة يوم الثلاثاء 24 أكتوبر الجاري، حيث يستعرض رؤية مصر وتقييمها للتصعيد العسكري الخطير الذي يشهده قطاع غزة، ومطالبتها بضرورة الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، والجهود التي تقوم بها مصر من أجل وقف نزيف الدماء وتوفير الحماية للمدنيين في القطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل مستدام، فضلاً عن جهود مصر لاحتواء الصراع والتحذير من مخاطر امتداده إلى مناطق أخرى وخروجه عن السيطرة.
ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار مقدم من البرازيل يتعلق بالتطورات في غزة وإسرائيل بعد أن أيده 12 عضوا، وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت روسيا والمملكة المتحدة عن التصويت. لم يعتمد مشروع القرار بسبب استخدام الولايات المتحدة- العضو الدائم بالمجلس- حق النقض (الفيتو).
مشروع القرار الذي قدمته البرازيل، الرئيس الدوري لمجلس الأمن، كان يحث جميع الأطراف على الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ويدعو إلى “هدن إنسانية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق”.
ويرفض مشروع القرار “ويدين بشكل لا لبس فيه الهجمات الإرهابية الشنيعة التي نفذتها حماس في إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 واحتجاز الرهائن المدنيين”، ويؤكد على وجوب حماية المدنيين “في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”.
ويؤكد مشروع القرار البرازيلي على أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني “لا يمكن أن يتحقق إلا بالوسائل السلمية”، وشدد على أهمية منع امتداد الصراع في المنطقة.
في بداية الجلسة، صوت أعضاء مجلس الأمن على تعديلين مقدمين من روسيا بشأن مشروع القرار البرازيلي. صوت الأعضاء على كل من التعديلين على حدة لكنهما لم يُعتمدا لعدم حصولهما على العدد المطلوب من الأصوات.
حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
وكان مشروع قرار روسي، مدعوم من عدد من الدول العربية، بشأن التصعيد في غزة وإسرائيل فشل أيضاً في الحصول على الأغلبية المطلوبة بعد تصويت مجلس الأمن، إذ صوت لصالح مشروع القرار 5 أعضاء فقط وعارضه 4 منهم الولايات المتحدة الأمريكية مع امتناع 6 عن التصويت.
المشروع الروسي كان يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار بشكل فوري ودائم، ويدين كل أعمال العنف والعدائيات الموجهة ضد المدنيين وجميع الأعمال الإرهابية، ويدعو إلى تأمين إطلاق سراح الأسرى وتوفير وتوزيع المساعدة الإنسانية بدون عوائق وخلق الظروف المواتية للإجلاء الآمن للمدنيين المحتاجين.
وعلى الجانب الآخر، طرحت الولايات المتحدة على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار حول التصعيد بين إسرائيل وفلسطين، يدين حركة “حماس”، ويعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ولا يدعو إلى وقف إطلاق النار.
وجاء في مشروع القرار الأمريكي أن مجلس الأمن “يرفض ويدين بشكل لا لبس فيه الهجوم الإرهابي الوحشي الذي ارتكبته حماس وغيرها من الجماعات الإرهابية، والذي وقع في إسرائيل منذ 7 أكتوبر”.
ويؤكد مشروع القرار من أيضا حق إسرائيل الثابت في الدفاع عن النفس فرديا وجماعيا.
ويدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن “المحتجزين لدى حماس”، واحترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين.
ووزعت روسيا في وقت سابق مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما تدين الوثيقة بشدة أعمال العنف والأعمال العدائية ضد المدنيين، وكل الأعمال الإرهابية، ولكن قابله مجلس الأمن بالرفض.
كما فشل مجلس الأمن الدولي، بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، في اعتماد مشروع قرار برازيلي يقضي بوقف الأوامر الإسرائيلية بإجلاء سكان شمال قطاع غزة إلى جنوبه، ويدعو لهدنة إنسانية وإنشاء ممرات آمنة.
ويضاف هذا الإخفاق إلى سلسلة من المحاولات الفاشلة للمنظمة الدولية في اتخاذ قرار ملزم تتمخض عنه خطوات عملية تساهم في حل القضايا الشائكة في الشرق الأوسط منذ بدء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
قال خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات، الدكتور أحمد سيد أحمد، إن الجرائم التي تحدث في فلسطين لم تحدث في كبرى الحروب، وما يحدث في غزة جرائم حرب من الدرجة الأولى، موضحا أن مصر تبذل الجهود على مختلف المسارات في ظل تفاقم الأزمة وسياسية العقاب الجماعي.
وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن مصر حريصة على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، في محاولة للتخفيف من المأساة التي يعيشها سكان غزة، مشيرًا إلى أن مصر أيضًا تدعم جهود التهدئة ومنع التصعيد بالتعاون مع الدول العربية، في محاولة لإفشاء السلام في المنطقة.
وأشار خبير العلاقات الدولية إلى أن مصر وضعت خارطة طريق في قمة القاهرة أهم ملامحها التسوية السياسية في بيئة تعاونية قائمة على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، مؤكدا أن ما تفعله إسرائيل من اندفاع سيكون له عواقب وخيمة في المنطقة.
وأشار إلى أن مصر وجهت رسالة مهمة للشرق الأوسط، بأن القضية الفلسطينية على رأس أولويات مصر والدول العربية، في ظل تصعيد غير مسبوق لم نشهده من قبل من الجانب الإسرائيلي.