توفى في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد الكاتب والروائي الكبير حمدي أبو جليل عن عمر ناهز 56 عاماً، وفقًا لما أعلنته ابنته هالة أبو جليل على صفحتها الشخصية فيسبوك.
وكتب المؤرخ مصطفى عبيد على صفحته الشخصية فيسبوك: رحم الله المبدع الروائي الرائع حمدي أبو جُليل.
حمدي أبو جليل وأنسنة المعنى
رغم حدية أفكاره واختلافه مع كثير من الكتاب والمثقفين إلا أنه كان رجلًا شهمًا، بسيطًا، مهمومًا بحق بتجربة الإبداع، وكان ممن يرى أن الرواية ليست منشورًا سياسيًا، وليست لافتة احتجاج، ولا نوبة اعتراف، ولا خطاب موعظة، أو بيان تحريض، إنها محاولة للفهم، للبوح، للحضور، للإمتاع، لأنسنة المعنى.
وأضاف عبيد: كان يقول لي إن نقل تجربة الذات هي موضوع الرواية المُشتهاة. لنقل أنها التطابق مع الحقيقة دون انتقاء، السرد دون هدف أو غاية سوى السرد، التعري التام لا بغرض الفضح، وإنما سعياً إلى الحقيقة.
منجز أدبي كبير
واستطرد: حمدي أبو جليل من مواليد عام النكسة، بدوي المولد والأصل فيومي، المنبع، لم يكمل تعليمه الجامعي، وقدم إلى القاهرة ليعمل في مهن مختلفة كان من بينها عامل بناء قبل أن يبزغ اسمه في دنيا الأدب ويتم تعيينه مديرا لتحرير سلسلة الدراسات الشعبية في وزارة الثقافة.
ونشر أبو جليل سنة 1997 مجموعته القصصية الأولى المعنونة” أسراب النمل”، ثم نشر في عام 2000 مجموعة “أشياء مطوية بعناية فائقة” والتي حصلت على جائزة الإبداع العربي في العام نفسه، وسطع اسم أبي جليل بعد روايته الأولى” لصوص متقاعدون” التي ترجمت إلى الإنجليزية، الفرنسية، والأسبانية، وأصدر في 2008 رواية” الفاعل” عارضًا تجربته الذاتية في العمل كعامل بناء، وقد فازت بجائزة نجيب محفوظ في العام نفسه.
وصدر للأديب كتب أخرى مثل” الأيام العظيمة البلهاء”، ” القاهرة.. شوارع وحكايات”، ودراسة تاريخية بعنوان” نحن ضحايا عك”، فضلا عن روايته الجميلة “صعود وانهيار الصاد شين”.
حمدي أبو جليل ومحنة المجتمعات العربية
وأكمل مصطفى عبيد: آخر مرة التقيته كان في صيف 2020 عند صديقنا الودود محمد هاشم في ميريت وقال لي: أنه تربى أدبيًا لدى ثلاثة مبدعين كبار كانوا يهتمون بالأصوات الجديدة، وهم خيري شلبي، إبراهيم أصلان، ومحمد مستجاب، فإلى جوارهم تعرف على الثقافة والإبداع والفن وهو البدوي المتمدن الباحث عن جمال حقيقي.
كما كان يرى أن أكبر محنة تعرضت لها المجتمعات العربية تمثلت في ثورات التحرر الوطني من الاستعمار على المستوى السياسي، وتطبيق الحداثة على المستوى الثقافي. وقال “إن حركات التحرر الوطني، أخرجت الإستعمار الأجنبي وأقامت أنظمة سلطوية غير عادلة في معظم البلدان، بينما هدمت الحداثة أبنية الثقافة السائدة، ما قاد المجتمعات أن تقع فريسة للحركات السلفية الدينية”.
كما أن فكرته الأساسية هي أن الحقيقة أقوى من الخيال، وأروع، وأخصب، وأكثر سحرا، وأن تجارب الإنسان بكل ما فيها أثرى من خيالات أفضل الروائيين.
وأنهي منشوره على فيسبوك وقال: إن الرواية العربية، في اعتقاده، منذ زمن نجيب محفوظ وحتى الآن تُستغل، والإنسان وحتى الحيوان فيها يتم استغلاله للتعبير عن فكرة ما تدور برأس الكاتب. كذلك فإن جرجرة الرواية لخدمة أي قضية لا يناسب عظمتها.
رحمه الله وغفر له وطيب ثراه..